كشفت مصادر مطلعة عن نية السعودية إطلاق مشروع جديد للذكاء الاصطناعي، وذلك بدعم يصل إلى 100 مليار دولار، يركز على استقطاب المواهب إلى المملكة ويساهم في تطوير البيئة المحلية للتكنولوجيا.
وبحسب المصادر، فإن المشروع الجديد، الذي يسمى بـ”مشروع التفوق” (Project Transcendence)، سوف يستثمر في مراكز البيانات والشركات الناشئة وغيرها من البنية التحتية لتطوير الذكاء الاصطناعي.
وسيركز المشروع على استقطاب المواهب إلى المملكة، وتطوير البيئة المحلية للتكنولوجيا، وتشجيع شركات التكنولوجيا العالمية على توجيه مواردها إلى السوق السعودية.
المشروع سيتم تأسيسه اعتماداً على الجهود الملحوظة التي بذلتها المملكة لترسيخ مكانتها كقوة عالمية لتطوير الذكاء الاصطناعي، وسيتم إنشائه بهيكل مماثل لشركة “آلات”، التي تركز على التصنيع المستدام، والمدعومة برأسمال قدره 100 مليار دولار من صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
وأوضحت المصادر التي لم تكشف عن هويتها، أن “مشروع التفوق” يهدف إلى التعاون مع شركات التكنولوجيا الكبيرة المعروفة، حيث تقدم السعودية البنية التحتية ورأس المال، وأشاروا إلى أن المبلغ المستثمر قد يتراوح من 50 مليار دولار إلى 100 مليار دولار، بحسب ما أوردته “بلومبيرغ”.
وقد يشمل المشروع في النهاية عدة هيئات حكومية، ويهدف إلى تمويل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والشركات الناشئة، بالإضافة إلى تضييق الفجوة مع الولايات المتحدة والصين في مجال خبرات الذكاء الاصطناعي، بحسب المصادر.
خطوات السعودية كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي
يعد الذكاء الاصطناعي جزءاً من رؤية 2030، والتي تهدف إلى تحديد مصادر دخل جديدة مع تنويع اقتصاد المملكة بعيداً عن الوقود الأحفوري.
وتهدف السعودية إلى أن تصبح من بين أفضل 15 دولة في الذكاء الاصطناعي من خلال اعتماد التكنولوجيا في الداخل طوال بقية هذا العقد، ثم البدء في تصديرها في 2030.
وبحسب مسؤولون سعوديون، فإن المملكة تتصور تأسيس كيان للذكاء الاصطناعي يكون “بطلاً وطنياً”، بحجم لا يقل عن مجموعة “G42″ القابضة التي تضم شركات تكنولوجية في أبوظبي.
وأطلقت المملكة مراكز بحثية كبرى ووزارات مخصصة للذكاء الاصطناعي، وأنتجت نماذج لغوية كبيرة الحجم مماثلة لـ”تشات جي بي تي” من “أوبن إيه آي”.
ويذكر أن شركة “آلات” التي يرأس مجلس إدارتها، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تختص بتصنيع منتجات ضمن سبع وحدات أعمال استراتيجية هي الصناعات المتقدمة، وأشباه الموصلات، والأجهزة المنزلية الذكية، والصحة الذكية، والأجهزة الإلكترونية الذكية، والمباني الذكية، والجيل الجديد من البنية التحتية.
كما تعمل “آلات” على التصنيع ضمن أكثر من 30 فئة تخدم قطاعات حيوية في مقدمتها الأنظمة الروبوتية، وأنظمة الاتصال، وأجهزة الكمبيوتر المتقدمة، ومنتجات الترفيه الرقمية، والمعدات الثقيلة المتطورة التي تُستخدم في التشييد والبناء والتعدين.
وفي نهاية أكتوبر الماضي، وقّع صندوق الاستثمارات العامة السعودي و”غوغل كلاود”، شراكة استراتيجية، خلال النسخة الثامنة لمنتدى “مبادرة مستقبل الاستثمار” في الرياض، بهدف إطلاق مركز عالمي للذكاء الاصطناعي، بالقرب من مدينة الدمام، بالمنطقة الشرقية في المملكة، بما يضيف نحو 71 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في 8 سنوات، بحسب بيان صادر عن الصندوق.
وتسهم هذه الشراكة الجديدة في ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي ووجهة أولى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي للمؤسسات والشركات الناشئة المحلية والعالمية.
وتتضمن الشراكة تطوير قدرات الكفاءات السعودية في سوق العمل من خلال برامج ذكاء اصطناعي ومهارات رقمية تفيد الملايين من الطلاب والموظفين، بما يتماشى مع المستهدفات الاستراتيجية للمملكة بتحقيق نمو بنسبة 50% في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.
وبموجب الشراكة، سيتمكن العملاء من استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من “غوغل كلاود” لدعم النمو وتطوير التطبيقات، والاستفادة من مستويات جودة أفضل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وخدمات البيانات، وبشكل أسرع على صعيد محلي.
ولتعزيز النماذج باللغة العربية، ستعمل “غوغل كلاود” والصندوق على تعزيز قدرات اللغة العربية في تطبيق “جيميني”، الذي يعد عائلة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي من غوغل، وذلك من خلال الجمع بين مجموعات إضافية لبيانات اللغة العربية مع تقنية “غوغل كلاود”. وستُتاح للشركات المحلية والباحثين والمطورين الفرصة لربط هذه النماذج بأنظمتهم ليتمكنوا من بناء تطبيقات متطورة للذكاء الاصطناعي باللغة العربية.
وتجذب الرياض نخبة من رواد الاتصالات والتقنية والتكنولوجيا والمتخصصين الذين يعززون استخدام الحلول الرقمية في المملكة لبناء حاضر أفضل ومستقبل أكثر ازدهاراً.
وبالرغم من التحديات، تقدمت المملكة العربية السعودية في هذا المجال وتعمل اليوم على توسيع نطاق اعتماد الروبوتات والبرامج الذكية المتقدمة محلياً لتنويع اقتصادها وتحسين الخدمات ورقمنة الصناعات.
وفي عام 2023، جاءت المملكة كثاني أكبر دولة في منطقة الشرق الأوسط من ناحية عدد مراكز البيانات المشتركة حيث تمتلك 22 مركزاً نشطاً و40 مركزاً آخر ما زالت بمراحل التطوير.
كذلك، احتلت السعودية المركز 14 عالمياً والأولى عربياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي لعام 2024، كما جاءت في صدارة معايير الاستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: السعودية تطلق أربعة مشاريع لتخزين الكهرباء بتقنية البطارية