في لحظة تُعتبر فارقة في مسار العلاقات، تأتي الجهود الدبلوماسية السعودية لتعزز الروابط التاريخية بين الرياض ودمشق، حيث تُظهر المملكة، من خلال خطواتها المتسارعة، التزاماً واضحاً بدعم استقرار سوريا وإعادة بناء جسور الثقة بين البلدين، وهذه التحركات لا تعكس فقط حرصاً على تحقيق التوازن السياسي في المنطقة، بل أيضاً رؤية استراتيجية لتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات المشتركة.
قالت المملكة العربية السعودية، إنه قد حان الوقت لتستعيد سوريا استقرارها وتنهض، مستفيدة من إمكاناتها الكبيرة، وأهمها الشعب السوري الشقيق، وجاء هذا التصريح على لسان الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، عقب لقاء وُصف بالمثمر مع وفد من الإدارة السورية الجديدة، ترأسه وزير الخارجية أسعد الشيباني وضمّ وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب، وتناولت المباحثات بين الجانبين آخر تطورات الأوضاع في سوريا وسبل دعم العملية السياسية الانتقالية، بما يحقق تطلعات الشعب السوري ويضمن أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها.
وأكد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، خلال اجتماعه مع الشيباني، موقف المملكة الثابت الداعم لتحقيق أمن واستقرار سوريا، بما يحفظ سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، ومن جهته، عبّر الشيباني عن أمله في أن تفتح هذه الزيارة صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات بين البلدين.
اقرأ أيضاً: أزمة نفط في سوريا والسعودية تتعهد بالحل
في سياق متصل، وصلت إلى دمشق يوم الخميس الطائرة الثالثة ضمن الجسر الجوي الإغاثي السعودي، محملة بمساعدات غذائية وطبية وإيوائية، بهدف تخفيف معاناة الشعب السوري في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها، وأوضح الدكتور عبدالله الربيعة، المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة، أن هذه المبادرة تمثل بداية خطة أوسع تشمل إنشاء جسر بري خلال الأيام القليلة القادمة، لتعزيز جهود الدعم وضمان استمرارية المساعدات.
بدوره، أشار الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم مركز الملك سلمان، إلى أن المساعدات الإنسانية المقدمة لسوريا ليست محدودة، مؤكداً التزام المملكة بتلبية احتياجات الشعب السوري لتحقيق الاستقرار الإنساني وتوفير حياة كريمة للمتضررين.
وأضاف الجطيلي أن هذه الجهود تأتي تنفيذاً لتوجيهات القيادة السعودية التي تضع دعم الشعوب العربية على رأس أولوياتها، وكشف أيضاً عن خطة لإرسال شاحنات محملة بالوقود إلى سوريا عبر الأردن، بهدف دعم المخابز وضمان توفير الخبز للأسر السورية التي تعاني من صعوبة الحصول على الاحتياجات الأساسية.
وعند استقبال الطائرة الأولى في مطار دمشق الدولي، عبّر عبدالله الحريص، القائم بأعمال السفارة السعودية في سوريا، عن أهمية هذه المساعدات التي تعد جزءاً من الجهود المستمرة لدعم الشعب السوري، مؤكداً أن هذه المبادرات الإنسانية تعكس التزام المملكة بتخفيف معاناة الشعب السوري وتعزيز صموده في مواجهة التحديات.
رحب الدكتور محمد بقله، رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري، بوصول المساعدات السعودية، مثمناً جهود المملكة في تقديم الدعم الإنساني، وأكد بقله أن المساعدات سيتم توزيعها بشكل عادل على جميع المحتاجين في مختلف المناطق السورية، لضمان وصول الدعم إلى أكبر عدد ممكن من المتضررين.
اقرأ أيضاً: السعودية تستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا
من جانبه، أكد مسؤول سعودي أن المملكة تسعى لتعزيز أمن واستقرار سوريا، مشدداً على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وتجنيبها مخاطر التدخلات الخارجية التي تزيد الأزمة تعقيداً، وبيّن أن الرياض تؤمن بحق الشعب السوري في تقرير مستقبله من خلال حوار داخلي شامل يسعى إلى تحقيق توافق وطني.
وقد غادر وفد رسمي من سوريا إلى العاصمة السعودية الرياض مساء الأربعاء، الموافق 1 يناير/كانون الثاني، برئاسة وزيري الخارجية والدفاع، بالإضافة إلى رئيس الاستخبارات، بحسب ما أفادت صحيفة الوطن السورية، وفي تغريدة له على منصة «إكس»، أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وصوله إلى المملكة قائلاً: «وصلت منذ قليل للمملكة العربية السعودية الشقيقة برفقة وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب، ومن خلال هذه الزيارة الأولى في تاريخ سوريا الحرة، نطمح إلى فتح صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات السورية السعودية تليق بالتاريخ العريق المشترك بين البلدين».
هذا وأشار الشيباني إلى أنه تلقى دعوة رسمية من نظيره السعودي لزيارة المملكة، موضحاً أن هذه الزيارة تُعد أول نشاط رسمي خارجي له، وكتب في منشوره: «تلقيت دعوة رسمية من معالي وزير الخارجية السعودي السيد فيصل بن فرحان آل سعود لزيارة المملكة، وأتشرف بقبولها بكل محبة وسرور لتمثيل بلدي في أول زيارة رسمية خارجية».