تواصل المملكة العربية السعودية تكثيف جهودها الإغاثية والإنسانية لدعم الشعب السوري في ظل الأوضاع الصعبة التي تشهدها البلاد، وفي إطار هذه الجهود المستمرة، شهد مطار دمشق الدولي، وصول طائرتين محملتين بالمساعدات الغذائية والطبية والإيوائية، لتكونا بمثابة الخطوة الأولى في جسر جوي يهدف إلى تقديم الدعم العاجل للمحتاجين والمتضررين.
واحتوت المساعدات على ما يقارب 56 طناً من المواد الإغاثية المتنوعة، بما يشمل المواد الغذائية الأساسية والأدوية والمعدات الطبية اللازمة، إضافة إلى مستلزمات الإيواء لمساعدة العائلات التي فقدت مساكنها نتيجة الأزمات المتتالية، ورافق هذه المساعدات فريق متخصص من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي ينسق عمليات التوزيع لضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجاً.
وفي تصريحات أدلى بها الدكتور عبد الله الربيعة، المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة، أشار إلى أن هذه المبادرة ليست سوى البداية، حيث يجري التحضير لإطلاق جسر بري خلال الأيام القليلة المقبلة، الهدف من هذا الجسر البري هو تعزيز الجهود الجارية وضمان استمرارية الدعم للشعب السوري، وذلك في إطار التزام المملكة بمساعدة الدول الشقيقة وقت الأزمات.
من جانبه، صرح الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم مركز الملك سلمان، أن المساعدات المقدمة للشعب السوري مفتوحة وغير محدودة بسقف معين، وأوضح أن المملكة ملتزمة بتلبية احتياجات الشعب السوري الإنسانية حتى تحقيق الأهداف المنشودة على أرض الواقع، بما في ذلك توفير الاستقرار الإنساني وتأمين حياة كريمة للمتضررين، مضيفاً الجطيلي أن هذه الجهود تأتي استجابة لتوجيهات القيادة السعودية التي تضع دعم الشعوب العربية على رأس أولوياتها.
اقرأ أيضاً: أزمة نفط في سوريا والسعودية تتعهد بالحل
وفي سياق متصل، كشف الجطيلي عن خطة لإرسال شاحنات محملة بالوقود إلى سوريا عبر الأردن، وأوضح أن هذا الوقود سيكون مخصصاً لدعم المخابز، ما سيسهم في ضمان استمرار إنتاج الخبز للأسر السورية التي تواجه تحديات كبيرة في الحصول على الاحتياجات الأساسية.
وعند استقبال الطائرة الأولى في مطار دمشق الدولي، عبّر عبد الله الحريص، القائم بأعمال السفارة السعودية في سوريا، عن أهمية هذه المساعدات باعتبارها جزءاً من جهود المملكة المستمرة لدعم الشعب السوري، وأكد الحريص أن هذه المبادرات الإنسانية تعكس التزام المملكة بتخفيف معاناة الشعب السوري وتعزيز صموده في مواجهة الظروف القاسية التي يمر بها.
في الوقت ذاته، رحب الدكتور محمد بقله، رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري، بوصول المساعدات السعودية، مشيداً بجهود المملكة في تقديم الدعم الإنساني، وأكد بقله أن المساعدات سيتم توزيعها بشكل عادل على جميع المحتاجين في مختلف المناطق السورية دون أي تمييز، وذلك لضمان وصول الدعم إلى أكبر عدد ممكن من المتضررين.
كما أشار أحد المسؤولين السعوديين إلى أن المملكة تتبنى موقفاً ثابتاً يدعو إلى تعزيز أمن واستقرار سوريا، موضحاً أن الرياض تؤمن بأهمية حماية وحدة الأراضي السورية وتجنيبها مخاطر التدخلات الخارجية التي تزيد من تعقيد الأزمة، وفي هذا السياق، تؤكد المملكة على حق الشعب السوري في تقرير مستقبله من خلال حوار داخلي شامل يهدف إلى تحقيق التوافق الوطني.
اقرأ أيضاً: السعودية تستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا
يُذكر أن المملكة العربية السعودية كانت دائماً في طليعة الدول الداعمة للعمل الإنساني على مستوى العالم، حيث لم تقتصر جهودها على تقديم المساعدات المادية فحسب، بل شملت أيضاً دعم المشاريع التنموية والإغاثية التي تعزز من قدرة الشعوب على مواجهة الأزمات، وتأتي هذه الجهود في إطار السياسة السعودية القائمة على التضامن مع الشعوب الشقيقة والصديقة.
وتعكس هذه المبادرات الإنسانية رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي وتعزيز الروابط الأخوية مع الدول العربية، كما تسلط الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه السعودية في معالجة الأزمات الإنسانية وإعادة الأمل للشعوب المتضررة، وفي ظل استمرار هذه الجهود، يبقى الدعم السعودي للشعب السوري مثالاً يُحتذى به في التضامن والتعاون الإنساني.
وبالنظر إلى حجم التحديات التي تواجه سوريا، تبرز أهمية هذه الجهود في توفير الاحتياجات الأساسية وتعزيز القدرة على الصمود، وتؤكد المملكة العربية السعودية، من خلال هذه المبادرات، التزامها العميق تجاه الشعب السوري، مسجلة بذلك موقفاً إنسانياً يعكس قيم التضامن والتآزر التي تُعد جزءاً لا يتجزأ من ثقافتها وسياساتها الخارجية.