بعد حوالي سنة ونصف من الاتفاق الموقع في بكين، والذي راهن كثيرون على كونه اتفاقاً مؤقتاً ولن يصمد كثيراً؛ يؤكد البلدان، السعودية وإيران، أن ما جرى في بكين لم يكن لحظة عابرة، وستمضي مع الأيام، بل هي تتقدّم شيئاً فشيئاً لترسم تاريخاً جديداً بين البلدين، باتجاه تنسيق وتفاهم أعلى يخدم البلدين بالدرجة الأولى والمنطقة وشعوبها على مستوى آخر، وتأتي الزيارة الجديدة التي وصفت بكونها «زيارة نادرة ومفاجئة» لتثبت ذلك، وتطوي صفحات طويلة من العداء الذي امتد لعقود.. إليكم التفاصيل!
في زيارة خاصة له إلى العاصمة الإيرانية طهران، ناقش الفريق الأول الركن فياض الرويلي، رئيس هيئة الأركان العامة السعودي، مع نظيره الإيراني اللواء محمد باقري، سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين السعودية وإيران في المجالين العسكري والدفاعي، بهدف دعم الأمن والاستقرار في المنطقة.
وجاءت زيارة الرويلي إلى طهران تلبيةً لتوجيهات القيادة السعودية، وضمن إطار «اتفاق بكين» الذي يسعى لتعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين، تحقيقاً لمصالح مشتركة.
وممّا جاء في حديث اللواء باقري خلال لقاء نظيره السعودي: «نعتقد بإمكانية رفع مستوى التعاون بين القوات المسلحة للبلدين في المجالات الدفاعية، وتبادل الخبرات والتعليمية والرياضية، ونأمل مشاركة البحرية السعودية في المناورات البحرية الإيرانية».
وفي لقاء آخر، تباحث الرويلي مع اللواء غلام محرابي، مساعد رئيس هيئة الأركان الإيرانية لشؤون الاستخبارات والأمن، حول القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الجانبين، فيما شارك عدد من كبار الضباط من القوات المسلحة في السعودية وإيران في اللقاءين.
اقرا أيضاً: السعودية تحتضن الثقافة الإيرانية في موسم الرياض 2024
وفي الوقت ذاته، أجرى الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي، الأحد، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، تناول فيه تطور العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها.
وأعرب بزشكيان خلال الاتصال عن تقديره لمبادرة السعودية بعقد قمة عربية إسلامية مشتركة لمناقشة العدوان الإسرائيلي المستمر على الأراضي الفلسطينية ولبنان، متمنياً لها النجاح.
وتعقد اليوم الاثنين 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 قمة عربية في الرياض بوصفها امتداداً للقمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي استضافتها الرياض في 11 نوفمبر 2023، لبحث العدوان الإسرائيلي والتطورات الراهنة في المنطقة.
اقرأ أيضاً: السعودية تدين الهجوم الإسرائيلي على إيران وتحذر من العواقب
وكان قد أعلن السفير الإيراني لدى المملكة العربية السعودية، علي رضا عنايتي، في وقت سابق، أن بلاده تهدف إلى رفع مستوى العلاقات مع السعودية إلى أفق جديد، مشيراً إلى أن تحقيق مستقبل أفضل للبلدين يعد هدفاً مشتركاً، وأكد السفير أن التعاون في المجالات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية سيكون محور العلاقات الثنائية بين البلدين، وفقاً لما أوردته وكالة «إرنا» الإيرانية.
وأضاف السفير أن التعاون السعودي-الإيراني يمكن أن يكون مفتاحاً لحل قضايا إقليمية، بما في ذلك أزمة اليمن والتوترات في الخليج العربي، مبيناً أن التنسيق بين الرياض وطهران سيساعد على خلق توازن سياسي جديد في المنطقة، مما يزيد من فرص الاستقرار والتنمية.
ويأتي هذا التصريح في سياق الجهود الدبلوماسية المكثفة بين طهران والرياض منذ إعادة العلاقات الدبلوماسية في مارس 2023، بعد فترة طويلة من الخلافات والتوترات حول قضايا إقليمية عدة، خصوصاً في اليمن وسوريا ولبنان، إلا أن تفاهم آذار/مارس 2023 شكل نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات بين البلدين.
اقرأ أيضاً : وزير الخارجية الإيراني يبحث تطورات المنطقة في السعودية
ومن خلال هذا التوجه الجديد، تأمل كل من إيران والسعودية في استثمار الفرص المتاحة لتحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية مشتركة، وأكد السفير عنايتي أن العلاقة بين البلدين ترتكز على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وأن هناك نية جادة لتعزيز التعاون في مختلف المجالات.
ورغم أن الطريق نحو تعزيز العلاقات السعودية الإيرانية لا يزال يواجه تحديات، إلا أن هناك تفاؤلاً واضحاً مدعوماً بالتزامات متبادلة نحو بناء الثقة والتعاون، ما يعكس تحولاً ملحوظاً في سياسات البلدين الخارجية، ويمهد لعهد جديد من التعاون الذي يركز على المصالح المشتركة بدلاً من المنافسة الإقليمية.
اقرا أيضاً: إيران تطمح لتحقيق أعلى مستويات التفاهم مع السعودية
يذكر أن إيران كانت قد نظمت مناورات وتدريبات عسكرية في الخليج بمشاركة حوالي 12 دولة، من ضمنها بعض الدول الخليجية، وجرت المناورات في خليج عمان بمشاركة سلطنة عمان وروسيا، إضافة إلى تسع دول أخرى بصفة مراقبين، منها السعودية وقطر والهند وباكستان وتايلاند وبنغلادش.
وقد أطلق على هذه المناورات اسم «إيمكس 2024»، وتهدف إلى تعزيز الأمن الجماعي في المنطقة وتوسيع أطر التعاون المتعدد الأطراف، إلى جانب إظهار النوايا الحسنة والقدرات الضرورية لحماية السلام والصداقة والأمن البحري.