في عالم ينسج خيوطه بخطى متسارعة نحو التحولات الكبرى، تمدّ المملكة العربية السعودية أيديها نحو بناء جسور الشراكة مع قوى جديدة تُعيد تشكيل ملامح العالم، أي مجموعة «بريكس»، فلا تكتفي المملكة بالدوران في فلك التحالفات التقليدية، بل تتجه بأنظارها إلى الشرق والغرب، حيث يزهر التعاون مع الشركاء الذين يشاركونها الرؤية نحو مستقبل متعدد الأقطاب.
ويتجلى هذا الحراك السعودي في لقاءات واتصالات دافئة وعميقة؛ ففي مكالمة رفيعة المستوى جمعت ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تجسدت معاني الصداقة والرغبة في توطيد أواصر التعاون، وعلى الضفة الأخرى، في نيودلهي، كان الأمير فيصل بن فرحان يلتقي نظيره الهندي سوبراهمانيام جايشانكر في لقاء يغزل طموحات مشتركة وآفاقاً واعدة لعلاقات استراتيجية متجددة.
وفي التفاصيل، أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعبّر كلاهما عن تقديرهما للعلاقات القوية والمتميزة التي تجمع بين المملكة العربية السعودية وروسيا، وأشادا بالجهود المبذولة لتعزيز هذه العلاقات، كما ناقش الطرفان سبل تطوير التعاون المشترك في مجالات متعددة.
وتناول الاتصال أيضاً عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك مناقشة المستجدات المتعلقة بالأزمة الأوكرانية – الروسية والجهود الرامية إلى التعامل معها.
وفي حديث له عن العلاقة مع السعودية قبل مدّة، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «السعودية دولة صديقة، وأتمتع بعلاقة جيدة مع الملك سلمان، إضافة إلى علاقاتي الشخصية الوثيقة مع ولي العهد»، وأكد بوتين على ثقته في صدق نوايا السعودية في دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا، مضيفاً أن «انعقاد مؤتمر في السعودية سيكون ملائماً بالنسبة لنا».
اقرأ أيضاً: تحالف بريكس الاقتصادي وتطلعات المملكة العربية السعودية.. الرهانات الصعبة والحلول البديلة!!
بالتوازي، اجتمع وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، اليوم مع نظيره الهندي سوبراهمانيام جايشانكر في العاصمة الهندية نيودلهي، وفي مستهل اللقاء، رحب وزير خارجية الهند بالأمير فيصل، متمنياً له وللوفد المرافق إقامة طيبة، وأعرب الأمير فيصل عن سروره بهذه الزيارة.
ناقش الاجتماع علاقات الصداقة والتعاون بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الهند وسبل تطويرها في مختلف المجالات، كما تطرق إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والجهود المبذولة لمعالجتها.
وحضر اللقاء القائم بأعمال السفارة السعودية في الهند جدي بن نايف الرقاص، ومدير مكتب الوزير عبد الرحمن الداود، ومدير الإدارة العامة للدول الآسيوية ناصر آل غنوم.
بعد ذلك، ترأس الأمير فيصل بن فرحان والدكتور جايشانكر الاجتماع الثاني للجنة الوزارية لشؤون «السياسة والأمن والشؤون الثقافية والاجتماعية» المنبثقة عن مجلس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وخلال الاجتماع، ألقى الأمير فيصل كلمة أكد فيها على أن إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي يمثل خطوة هامة نحو تعزيز التعاون في مختلف المجالات، معرباً عن تطلعه إلى تعزيز كفاءة المجلس لتحقيق الأهداف المشتركة.
كما أشار الأمير فيصل إلى أهمية التنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصة في مجالات السلام والأمن والتنمية الاقتصادية، مؤكداً ثقته بأن تعزيز التعاون سيعود بالنفع على البلدين الصديقين.
هذا وشهد الاجتماع مناقشة المبادرات المتفق عليها، والتي تشمل تعزيز التعاون في المجالات السياسية، القنصلية، الدفاعية، الأمنية، الاجتماعية، والثقافية.
اقرأ أيضاً: السعودية تنضم رسمياً إلى مجموعة بريكس ما الهدف؟
يشار إلى أن وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله كان قد ترأس وفد المملكة في قمة «بريكس بلس» لعام 2024، في مدينة قازان الروسية، والتي دُعيت المملكة للمشاركة فيها كممثل لدولة مرشحة للانضمام إلى مجموعة دول «بريكس».
وقد ألقى الأمير كلمة خلال القمة، نقل فيها تحيات الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة دول «بريكس»، معرباً عن شكره وتقديره لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وكشف بن سلمان عن تنامي العلاقات بين المملكة ودول مجموعة بريكس، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري مع دول «بريكس» تجاوز 196 مليار دولار في عام 2023، ما يمثل نسبة 37% من إجمالي التجارة الخارجية للمملكة.