في منعطف يعكس تحولاً اقتصادياً لافتاً، اجتمعت رؤى تركيا والسعودية في منتدى الأعمال التركي-السعودي بإسطنبول، وكشف وزير التجارة التركي عن ملامح مرحلة جديدة من التعاون التجاري، ولم يكن الحديث محصوراً في الأرقام وحدها، بل امتد إلى مشاريع تتنفس بين دفتي الحاضر والمستقبل، في مساعٍ تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي بين بلدين تربطهما مسارات قديمة وآفاق تتجدد في ضوء التحولات العالمية.
وفي التفاصيل، فقد بشّر وزير التجارة التركي، عمر بولاط، أن حجم التبادل التجاري بين تركيا والسعودية سيحقق رقماً قياسياً يتجاوز 8 مليارات دولار خلال العام الجاري 2024، وجاء هذا التصريح خلال كلمته في منتدى الأعمال التركي-السعودي، الذي نظمه مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي في مدينة إسطنبول.
وأشاد «بولاط» بالتطور المستمر الذي تشهده العلاقات بين تركيا والسعودية في مجالات متعددة، منها الاقتصاد والتجارة والطاقة والدفاع، بفضل جهود قيادتي البلدين، مؤكّداً: «سنسجل هذا العام رقماً قياسياً غير مسبوق في حجم تجارتنا المتبادلة، متجاوزين حاجز 8 مليارات دولار».
وأضاف أن الهدف المشترك للبلدين بحلول عام 2025 هو تجاوز مستوى 10 مليارات دولار، مشيراً إلى أن حصة الدول الإسلامية في التجارة الخارجية لتركيا ارتفعت من 10 بالمئة في عام 2002 إلى 30 بالمئة في الوقت الحالي.
وأوضح الوزير التركي أن المقاولين الأتراك أتموا بنجاح 420 مشروعاً في السعودية حتى الآن، بقيمة إجمالية بلغت 30 مليار دولار، وبيّن أن الشركات التركية حصلت على أكبر عدد من عقود البناء في السعودية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، بقيمة إجمالية للعقود بلغت 2.3 مليار دولار، مع توقعات بارتفاعها إلى 3 مليارات دولار مع نهاية العام.
كما أشار إلى وجود 1400 مستثمر سعودي في تركيا حالياً، باستثمارات تبلغ قيمتها 2 مليار دولار في قطاعات مختلفة تشمل الصناعة والتجارة والخدمات.
اقرأ أيضاً: ما هي أبرز ملامح التعاون الاستراتيجي بين السعودية وتركيا؟
هذا وكانت قد نقلت وسائل إعلام سعودية تصريحات للسفير التركي لدى المملكة، الدكتور أمر الله إيشلر مؤخراً، والتي تحدث فيها عن التعاون المتزايد بين الرياض وأنقرة في مجالات متنوعة، تشمل الطاقة، وإنتاج الأغذية، والزراعة، والصناعات الدفاعية، والبنية التحتية، والسياحة، والتكنولوجيا، والبناء.
وذكر إيشلر حينها أن اجتماع المجلس التنسيقي سيعقد في السعودية قبل نهاية العام الحالي، مؤكداً أن بلاده على استعداد لتقديم خبراتها وتقنياتها إلى السعودية، في إطار التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030، مشيراً إلى أن هذا التعاون يعزز الروابط التاريخية بين البلدين.
وأشار إيشلر إلى النمو الملحوظ في حجم التبادل التجاري بين تركيا والسعودية، حيث وصل إلى 6.8 مليار دولار في عام 2023، وبلغ 3.7 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024.
كما أوضح السفير أن البلدين يركزان على تطوير العلاقات في مجالات رئيسية، مثل الطاقة والزراعة والصناعات الدفاعية والبنية التحتية والتكنولوجيا. وأفاد بأن الاستثمارات المباشرة السعودية في تركيا بلغت ملياري دولار منذ عام 2002، بينما وصل حجم الاستثمارات التركية في السعودية إلى 84 مليون دولار.
وشدد على أهمية التعاون المالي بين البلدين، مشيراً إلى أن النمو الاقتصادي التركي يعزز العلاقات مع السعودية، وكلاهما عضو في مجموعة العشرين، مشيراً إلى أهمية بروتوكول تعديل محضر إنشاء المجلس التنسيقي، الذي جرى توقيعه خلال زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى تركيا في تموز/يوليو 2024، فيما أكد أن هذا البروتوكول، الذي يشمل جميع الوزارات، سيعزز التعاون بين البلدين ويعمق التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية.
وفي حديثه، تناول السفير التعاون الدفاعي بين البلدين، إذ أبرمت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) ثلاث مذكرات تفاهم مع شركات تركية، منها «بايكار» لتصنيع أنظمة الطائرات بدون طيار في السعودية، و«أسيلسان» لتوطين تقنيات الإلكترونيات الدفاعية.
اقرأ أيضاً: تراجع السياحة العربية في تركيا: الأسباب والنتائج
وأوضح إيشلر أن العلاقات السعودية-التركية تستند إلى تاريخ مشترك طويل، مع تزايد التعاون في الفترة الأخيرة بفضل زيارات القادة، مثل زيارة الرئيس أردوغان إلى السعودية وزيارة الأمير محمد بن سلمان إلى تركيا.
وأكد أن زيارة الرئيس أردوغان في نوفمبر 2023، برفقة مسؤولين ورجال أعمال، تُظهر التزام البلدين بتعزيز التعاون في مجالات الدفاع والطاقة والاستثمارات، منوّهاً إلى أن العلاقات بين الرياض وأنقرة تعود إلى عام 1929، وأن زيارات كبار المسؤولين عبر العقود عززت التعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك الزيارة التاريخية للملك فيصل إلى إسطنبول عام 1966، وتوقيع اتفاقيات ثنائية خلال زيارة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى تركيا عام 2006.
هذا وشهدت العلاقات السعودية التركية تطوّراً كبيراً منذ تولي الملك سلمان والرئيس أردوغان منصبيهما، مع عقد قمم واجتماعات مهمة أدت إلى إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي، وتوقيع محضر إنشاء مجلس التنسيق في إسطنبول عام 2016.