بين أروقة السياسة وأصوات الأمل، تتجدّد الحكاية الفلسطينية بصوتٍ لا يهدأ، في مواجهة تحدياتٍ لا تنتهي، إنها رحلة شعبٍ يصارع للبقاء، بين نداءات العدالة وهمسات الدبلوماسية، وفي قلب هذا المشهد، يبرز دور المملكة العربية السعودية كحاضنةٍ للقضية، وركيزةٍ تسند الكفاح الفلسطيني في مسيرته نحو تحقيق حلمه بدولة مستقلة ذات سيادة.
وفي لحظة تبدو فيها خيوط السياسة الدولية معقدة، تتجلى اتصالات رفيعة المستوى ومبادرات، لتمثل شعاع أمل لشعبٍ أنهكه القتل والتدمير والجوع… فما جديد النشاطات والأفعال المرتبطة بالقضية الفلسطينية؟
تلقّى وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء الفلسطيني ووزير الخارجية، الدكتور محمد مصطفى، وجرى خلال المكالمة استعراض تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ومناقشة الجهود المبذولة لمعالجتها.
وفي تصريحات خاصة لصحيفة «الشرق الأوسط»، أكّد رئيس الوزراء الفلسطيني أن السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس تمد يدها للتعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، بهدف الانخراط في عملية سلام جادة تحقق العدالة للشعب الفلسطيني وتضمن حقوقه في إقامة دولته المستقلة.
وأشاد الدكتور مصطفى بدور السعودية البارز في دعم القضية الفلسطينية وتعزيز جهود حل الدولتين، مؤكداً خلال مشاركته في قمة الرياض العربية – الإسلامية أهمية القيادة السعودية في حشد الجهود الإقليمية والدولية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأوضح أن الاجتماع الوزاري الأول لتحالف حل الدولتين بمشاركة 90 دولة ومنظمة دولية يعكس مدى تأثير الدور القيادي للسعودية في نصرة الشعب الفلسطيني.
اقرا أيضاً: بن فرحان: لن نتوانى عن وقف النار بغزة ولبنان
ودعا الدكتور مصطفى المجتمع الدولي، خصوصاً الولايات المتحدة، إلى ممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل لوقف الحرب واحترام القرارات الدولية، مشيراً إلى أن استمرار النزاع يتسبب يومياً في فقدان أرواح العشرات في قطاع غزة، كما أكد أن تحقيق حل الدولتين يتطلب منح الدولة الفلسطينية استقلالاً وسيادةً كاملة، مع العمل على توحيد الصف الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضاف أن السعودية، عبر قيادة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان للجنة الوزارية المُكلفة من «القمة العربية الإسلامية المشتركة»، تواصل العمل بفعالية لتعزيز الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشيراً إلى إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي كخطوة هامة في هذا الإطار.
واختتم رئيس الوزراء الفلسطيني تصريحاته بالتأكيد على أن العام المقبل قد يكون حاسماً في تحقيق الهدف المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، معبّراً عن أمله في استمرار الجهود السعودية والإقليمية لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وكانت قد انعقدت القمة العربية والإسلامية في الرياض قبل حوالي شهر، وأدانت بشدة ما وصفته بـ «جرائم الإبادة الجماعية» التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، وقرر القادة العمل على تعبئة الجهود الدولية لتعليق عضوية الاحتلال في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومختلف هيئاتها.
وفي ختام القمة، أكد القادة أهمية تكثيف المساعي الدولية لدعم طلب انضمام دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، كما دعوا الدول إلى حظر تصدير الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي، وطالبوا مجلس الأمن بإصدار قرار ملزم يوقف السياسات الإسرائيلية التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
اقرا أيضاً: الدور المهم الذي قامت به السعودية لوقف الحرب ودعم غزة
وشجب البيان الختامي أيضاً «العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان»، مطالباً بوقف فوري لإطلاق النار. ووصف العمليات الجارية في غزة بأنها «جرائم إبادة جماعية»، مشيراً إلى ما يتعرض له السكان من انتهاكات خطيرة تشمل المقابر الجماعية، والتعذيب، والإعدامات الميدانية، والإخفاء القسري، إلى جانب النهب والتطهير العرقي، خصوصاً في المناطق الشمالية من القطاع.
وأعربت القمة عن دعمها الكامل للشعب الفلسطيني ومساعيه نحو الوحدة الوطنية، داعيةً إلى تحمل المسؤولية الكاملة على كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يشمل توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة، مؤكّدة سيادة فلسطين على القدس الشرقية، ومعتبرةً المسجد الأقصى «خطاً أحمر»، فيما أدانت «الإجراءات العدوانية» التي تستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.