وسط التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تبرز الوحدات السكنية الصغيرة في سوق العقارات، فهذه المساحات المتواضعة باتت تعكس تطلعات جديدة للأجيال الشابة والعائلات الصغيرة، الذين يبحثون عن نمط حياة عصري يتناسب مع وتيرة الحياة المتسارعة.
وفي ظل تزايد الهجرة إلى المدن الكبرى، مثل الرياض وجدة والدمام، أصبح الطلب على هذه الوحدات أكثر وضوحاً، مدفوعاً برغبة الأفراد في الاستقلالية والمرونة، الأمر الذي ينبئ بأن المستقبل يحمل فرصاً استثمارية واعدة للمطورين العقاريين الذين يسعون إلى مواكبة هذا التوجه الجديد، وذلك ضمن مشهدٍ يتماشى تماماً مع رؤية المملكة 2030 في توفير حلول سكنية مبتكرة تلبي احتياجات الجميع.
مؤخراً، شهدت السوق العقارية في السعودية زيادة في الطلب على الوحدات السكنية ذات المساحات الصغيرة، التي تتراوح مساحاتها بين 30 و65 متراً مربعاً، إذ ارتفعت الصفقات المتعلقة بهذه الوحدات بنسبة 151% خلال الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام 2024 مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق 2023.
اقرأ أيضاً: مجمع الليوان السكني: تجربة فاخرة وصديقة للبيئة في قلب مدينة الرياض
وأوضح عدد من الخبراء العقاريين أن هذا الارتفاع يعود إلى عدّة عوامل رئيسية، وأن مستقبل المدن الكبرى مثل الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، جدة، والدمام يتجه نحو الوحدات الصغيرة، مشيرين إلى أن هذا التحول سيفتح فرصاً استثمارية جديدة للمطورين لتوسيع مشاريعهم في هذا القطاع وزيادة حصتها ضمن محافظهم الاستثمارية.
من جانبه، قال خبير التقييم العقاري المهندس أحمد الفقيه، إن الاتجاه السائد في المدن الكبرى يتمثل في الوحدات السكنية الصغيرة التي تتراوح مساحتها حول 35 متراً مربعاً، وأشار إلى أن معظم مبيعات المطورين في المدن الكبيرة تتركز على وحدات صغيرة تتكون من غرفة أو غرفتين أو استوديوهات.
وأرجع “الفقيه” هذا الاتجاه إلى عدّة أسباب، من بينها تغير التركيبة السكانية في المدن الكبرى، خصوصاً في الرياض وجدة، نتيجة الهجرة نحو المدن التي تقدم مستويات معيشة أفضل وزيادة في الفرص الوظيفية، لافتاً إلى ظهور فئات اجتماعية جديدة تفضل السكن المستقل، مثل السيدات العاملات أو المنفصلات ورجال يفضلون العيش بمفردهم.
وبالإضافة إلى ذلك، أشار “الفقيه” إلى أن العادات الاجتماعية تغيرت، إذ باتت الأسر الصغيرة تفضل تأجيل الإنجاب لعدة سنوات، ما يقلل من حاجتها إلى مساحات سكنية كبيرة، كما أن ارتفاع أسعار العقارات في المدن الكبرى دفع العائلات الصغيرة والمستقلين إلى تفضيل الوحدات الصغيرة.
اقرأ أيضاً: السعودية: كل ما تريد معرفته عن الآلية الجديدة لدفع الإيجار للعقود السكنية إلكترونياً
وفي كلامه، استند الفقيه إلى بيانات البورصة العقارية التي أظهرت أن عدد الصفقات للوحدات السكنية الصغيرة تضاعف، إذ زادت من 242 وحدة في العام الماضي 2023 إلى 608 وحدات خلال العام الجاري 2024، ما يشير إلى ازدياد الاهتمام بهذا النوع من الوحدات.
بدوره، وصف المستشار العقاري العبودي بن عبد الله الوحدات السكنية الصغيرة بأنها «نجم صاعد» في السوق العقارية السعودية، حيث فرضت نفسها كحل مبتكر يلبي احتياجات الأجيال الجديدة ويتماشى مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية، وأضاف أن هذه الوحدات تجذب شريحة واسعة من الشباب والعائلات الصغيرة والمهنيين غير المتزوجين الذين يبحثون عن أسلوب حياة مرن ومناسب.
هذا وأشار “العبودي” في ختام كلامه، إلى أن تزايد الطلب على الوحدات الصغيرة يعزّز الاستثمار في هذا القطاع، ويسهم في تحقيق أهداف رؤية 2030 من خلال تقديم وحدات بأسعار تنافسية تتيح لشريحة أوسع من السعوديين التملك أو الإيجار، كما توقع أن تصبح هذه الوحدات جزءاً أساسياً من مشهد العقارات في المملكة.
اقرأ أيضاً: مشروع الدانة: مجمع سكني متكامل يرسخ معايير العيش الراقي في قلب المنطقة الشرقية