في إنجاز ثقافي مهم، تمكنت المملكة العربية السعودية من تسجيل «صناعة وعزف آلة السمسمية» على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة اليونسكو، حسبما أعلن الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي ورئيس مجلس إدارة جمعية المحافظة على التراث.
ويعكس هذا النجاح بالاعتراف، والذي قادته مصر بدعم قوي من هيئة التراث والهيئات الوطنية السعودية، عمق التراث العربي وغناه، كما يعزز الفخر الثقافي ويعمق الفهم العالمي لجماليات الفنون الشعبية العربية.
وفي تصريح له، عبّر الأمير بدر عن فخره الكبير بهذا الإنجاز، مؤكداً أن إدراج «السمسمية» في قائمة اليونسكو، يعد اعترافاً دولياً بأهمية التراث الثقافي المصري وأصالته، مشيراً إلى أن هذا النجاح يعكس الجهود المتواصلة للحفاظ على التراث غير المادي وتعزيزه على المستويين المحلي والعالمي.
وأضاف الوزير بأن السمسمية ليست آلة موسيقية فحسب، بل هي جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية التي تجمع أبناء الشعب، وترمز إلى الروح الجماعية التي تتجلى في الاحتفالات والمناسبات الشعبية.
ويأتي هذا الاعتراف بعد سنوات طويلة من الجهود المتواصلة لتوثيق فنون السمسمية والحفاظ على تقنياتها التقليدية، فقد تم تقديم ملف شامل لليونسكو يسجل أصول هذه الفنون وتقاليدها العريقة، وأكد الوزير أن الوزارة ستواصل دعمها للفنانين الشعبيين، وتنظيم ورش عمل تهدف إلى الحفاظ على هذه الفنون الحية.
اقرأ أيضاً: فوهة الوعبة تتألق بين أفضل المعالم الجيولوجية العالمية
وتعد «السمسمية» رمزاً من رموز الثقافة السعودية، خاصة في المدن الساحلية التي تمتد على سواحل البحر الأحمر مثل جدة وينبع والليث والقنفذة، ويُحكى أنها جاءت إلى سواحل المملكة عبر التبادل الثقافي مع المجتمعات المجاورة مثل مصر والسودان واليمن، حيث كانت هذه المناطق تتشارك في التجارة البحرية عبر البحر الأحمر.
تستخدم هذه الموسيقى التقليدية في حفلات الزفاف والمهرجانات، كما تُعزف جنباً إلى جنب مع أغاني تحكي قصص البحارة والحياة الاجتماعية القريبة من البحر.
تاريخياً، ارتبطت السمسمية بفنون تقليدية مثل «الصهبة» و«السمسرة»، وهما نوعان من الغناء الشعبي الشهير في مناطق جدة وينبع، وتمتاز هذه الفنون بإيقاعاتها المبهجة وكلماتها التي تمزج بين الفرح والحكمة الشعبية.
وإلى جانب كونها أداة موسيقية، تُستخدم آلة السمسمية كوسيلة لسرد الحكايات التقليدية والروايات التاريخية، وهذا الرباط يضيف عمقاً ثقافياً يجعل السمسمية جزءاً حياً من الذاكرة الجماعية للمجتمع.
اقرأ أيضاً: الرياض تستعد لاحتضان مؤتمر إكس بي لمستقبل الموسيقى
أما في مصر، فتنتشر هذه الآلة الوترية التقليدية المصنوعة من صندوق خشبي أو وعاء قيثارة ذا أوتار، في مناطق البحر الأحمر، مثل السويس وجنوب سيناء، وترتبط بالفن الشعبي في هذه المناطق.
لم يُدوَّن الكثير عن آلة «السمسمية»، لكن بعض المصادر تشير إلى أن نقلها يعود إلى طبيعة الفن الذي يتجاوز الحدود والقارات، وقد احتفت الموسوعة العالمية «ويكيبيديا» بالسمسمية في المحتوى العربي، وإن كان ذلك بشكل محدود.
ووفقاً لمصادرها، والتي أيدها العديد من أصحاب الفرق الشعبية، تعد السمسمية آلة وترية محلية الصنع، تُستخدم لإحياء المناسبات في محافظات قناة السويس المصرية، تتكون من خمسة أوتار مصنوعة من أسلاك الصلب الرفيع، مشدودة بقوة على صندوق خشبي، ويُعزف عليها بالضرب على الأوتار، متبعةً موسيقى السلم الخماسي «دوماجير».
لا بد من الإشارة إلى أن السعودية تمكنت من تسجيل الورد الطائفي أيضاً في قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو، حينما أعلن الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان عن تسجيل «الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي» ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي.
كما تم إدراج «الحناء» في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى اليونسكو، وذلك بفضل تعاون مشترك بين 16 دولة عربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، وشمل الملف الدول التالية: الإمارات، الكويت، قطر، الجزائر، البحرين، مصر، العراق، الأردن، موريتانيا، المغرب، عمان، فلسطين، السودان، تونس، واليمن، في خطوة تعكس روح التعاون الثقافي وتعزز من قيمة التراث العربي المشترك.
وأكد وزير الثقافة أن هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا الدعم اللامحدود من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ما ساهم في تعزيز مكانة الثقافة السعودية على الساحة العالمية.
وسواء كانت السمسمية أو الحناء أو الورد الطائفي، فإن إدراج هذه الفنون في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، يتماشى تماماً مع أهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والتي تهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي الدولي.
اقرأ أيضاً: ثلاث مدن سعودية على قائمة اليونسكو بسبب مخبوزاتها