وسط دوامة الصراعات الدامية التي تعصف بالسودان، ارتفع صوت المملكة العربية السعودية القَلِق حاملاً إدانة صريحة، ومستنكراً نزيف الدم المستمر ودمار الأرض والإنسان، ومع تحذير من مغبّة تمادي العنف الذي يلتهم الأبرياء، من نساء وأطفال وشيوخ دون تمييز، كانت الدعوة السعودية إلى مائدة الحوار وطريق السلام، عسى أن تبرأ جراح وطن أنهكه النزاع… إليكم التفاصيل!
أعربت وزارة الخارجية السعودية، عن قلق المملكة البالغ إزاء استمرار القتال في السودان وتفاقم العنف الذي طال المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال. وأدانت الوزارة الأحداث الأخيرة في الجزء الشرقي من ولاية الجزيرة، والتي أسفرت عن سقوط ضحايا وإصابات بين المدنيين، معتبرة ذلك انتهاكاً للقانون الدولي ومبدأ حماية المدنيين، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية.
ودعت السعودية إلى الالتزام بما جرى الاتفاق عليه في «إعلان جدة» الموقع في 11 مايو 2023، وحثت الأطراف المتصارعة على وقف إطلاق النار، وإنهاء النزاع، وتيسير وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين.
اقرأ أيضاً: السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية في السودان: أولوية دبلوماسية للحل السلمي ومناهضة التقسيم
و«إعلان جدة» الموقع ما بين القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» في مدينة جدة، بوساطة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، يهدف إلى الحد من تداعيات الصراع الذي اندلع بين الطرفين، وتضمن الإعلان عدة التزامات رئيسية، منها حماية المدنيين وتيسير وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن، بالإضافة إلى إعادة الخدمات الأساسية.
وأكد الاتفاق على ضرورة احترام سيادة السودان ووحدته، ووضع آلية مشتركة للإشراف على الالتزام بالاتفاقية، وكانت هذه خطوة أولى نحو وقف شامل ودائم للأعمال العدائية، مع توقعات بمفاوضات لاحقة لبلورة حلول أطول مدى، لكن ما يجري الآن هو خرق لهذا الاتفاق.
كما أكدت المملكة مجدداً موقفها الداعم لاستقرار السودان، مشدّدة على أهمية الحفاظ على وحدة مؤسساته الشرعية وسيادته واستقلاله، ومشددة على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في البلاد.
وكانت قد أفادت وسائل إعلام سودانية، نقلاً عن شهود عيان، بأن هجمات قوات «الدعم السريع» على قرى في ولاية الجزيرة، أسفرت عن مقتل 94 إنساناً، وأوضح الشهود، وهم من النازحين من شرق الجزيرة خلال مؤتمر صحفي، أن «الدعم السريع» قتلت 25 شخصاً في قرية مكنون، وليس 14 كما ذكرت بعض المنصات الإعلامية.
وأضافوا أن حصيلة الضحايا في قرية عد الغباش بلغت 12 قتيلاً، وليس 2، بينما وقعت في قرية العقدة تمبول «مجزرة حقيقية»، وفق ما أكدوه لصحيفة «السوداني»، وراح ضحيتها 57 شخصاً، بحسب وكالة أنباء العالم العربي.
اقرأ أيضاً: القيمة السوقية للاعبي أهلي جدة قبل مواجهة الاتحاد
ومن جانبه، قال رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، الذي يرأس تحالفاً مدنياً يُدعى «تقدم»، إن أولوياته تتضمن العمل على وقف إطلاق النار، ومعالجة الأزمة الإنسانية، وحماية المدنيين، وصولاً إلى تسوية سياسية شاملة لإنهاء الحرب.
وخلال زيارته إلى بريطانيا، شدّد حمدوك على أن السودان يواجه «أكبر كارثة في تاريخه»، محذراً من مخاطر فقدان الدولة السودانية، مشيراً إلى ما أسماه «قوى ظلامية» تهدف إلى تمزيق البلاد، بعد أن سيطرت عليها لعقود وأثرت سلباً على مؤسساتها، وفي محاضرة ألقاها بمعهد «تشاتام هاوس»، اقترح حمدوك التفكير في فرض حظر جوي لتوفير مناطق آمنة داخل البلاد.
بدوره، ندد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالهجمات الأخيرة التي نفذتها قوات «الدعم السريع» وسط السودان، معبراً عن صدمته من عدد الضحايا المدنيين الكبير، كما أعلن المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، وأعرب الأخير عن قلقه إزاء التقارير عن أعداد كبيرة من القتلى والنازحين، إضافة إلى أعمال العنف الجنسي ونهب الممتلكات، مشيراً إلى أن مثل هذه الأفعال قد تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
ووفقاً لـ الأمم المتحدة، قُتل 124 شخصاً على الأقل وأصيب العشرات خلال المعارك في ولاية الجزيرة خلال الأيام العشرة الماضية.
يُذكر أن النزاع اندلع في السودان في نيسان/أبريل 2023 بين قوات الجيش الوطني السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، الملقب بحميدتي، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 11 مليون شخص، منهم 3.1 مليون لاجئ خارج البلاد، وفق المنظمة الدولية للهجرة، وسط أزمة إنسانية تُعد من الأسوأ في التاريخ الحديث.
ومؤخراً، تقدمت الحكومة السودانية بشكوى رسمية ضدّ تشاد إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، التابعة للاتحاد الأفريقي، متهمة إياها بدعم «قوات الدعم السريع» في انتهاكاتها، وذكرت منصة الناطق الرسمي أن الشكوى تتضمن أدلة تثبت تورط تشاد في تقديم المساعدة.
اقرأ أيضاً: ثلاث سفن قتالية جديدة تُضاف للأسطول البحري السعودي