مخطئ من يعتقد أن السياحة والبيئة تتعارضان، وأكثر خطأ منه من يعتقد أن تطوير السياحة الساحلية وتوفير ما يلزم لتكون نقطة جذب للزوار يبيح التعدي على قوانين البيئة البحرية، وفي السعودية حيث تسير التنمية الاقتصادية جنباً إلى جنب مع التنمية البيئية، يجري العمل بشكل مستمر على تطوير القطاع السياحي مع الحفاظ في الوقت ذاته على سلامة البيئة.
وفي هذا السياق وقعت الهيئة السعودية للبحر الأحمر وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) مذكرة تفاهم لتقييم آثار الأنشطة السياحية الساحلية على البحر الأحمر.
وتهدف المذكرة إلى بحث التعاون في مجالات استدامة التنوع الأحيائي، وتبادل المعلومات والخبرات وتقديم الدراسات والاستشارات لحماية البيئة البحرية في المواقع التي يتم فيها ممارسة الأنشطة السياحية، وتدريب الكفاءات الوطنية بما يناسب احتياجات قطاع السياحة الساحلية.
ومن المفترض وفقاً لما نصت عليه المذكرة، أن يتم تحديث المعلومات بشأن المعايير والتقنيات الدولية الجديدة وأفضل الممارسات لحماية البيئة البحرية في ظل تنامي الصناعات، وتنفيذ المبادرات القائمة والجديدة الداعمة للسياحة الساحلية في البحر الأحمر، والتعاون في استضافة الأحداث المشتركة في المجالات ذات الصلة.
اقرأ أيضاً: لتعزيز المحتوى الثقافي في مجالات البحر الأحمر.. السعودية تطلق برنامج بوصلة
حرص المملكة على تنظيم السياحة الساحلية في البحر الأحمر أثمر عام 2021م عن إحداث الهيئة السعودية للبحر الأحمر، والتي اختصت بإصدار التراخيص، ووضع السياسات والاستراتيجيات وتعزيز متطلبات البنية التحتية اللازمة لحماية البيئة البحرية، إضافة إلى الترويج للأنشطة الملاحية والبحرية السياحية بما يسهم في تقديم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
ونجحت الهيئة في التعاون مع 19 جهة حكومية لوضع مسودة أول خريطة للنطاق الجغرافي السياحي في البحر الأحمر بالمملكة، والتنسيق مع 30 جهة من القطاعين العام والخاص لرفع جاهزية مناطق السياحة الساحلية.
ونتج عن هذا التنسيق مجموعة من المبادرات منها: نظيم وحوكمة وتركيب عوامات الإرساء، نظام إدارة النفايات البحرية، محطات رصد الطقس، لوائح الأنشطة البحرية، تحسين رحلة العميل من خلال آليات استخراج التصاريح ومددها الزمنية.
ولم تنسَ الهيئة السعودية للبحر الأحمر توقيع اتفاقيات مع الكيانات الدولية بما يسهم في الحفاظ على سلامة البيئة البحرية، ومن بين هذه الاتفاقيات مذكرتي تفاهم مع مؤسسة الأمير آلبرت، ونادي موناكو لليخوت لتشجيع السياحة الساحلية على البحر الأحمر، كما أبرمت الهيئة اتفاقية مع مؤسسة CORDAP، للحفاظ على الشعب المرجانية في البحر الأحمر وحمايتها.
وتستمر الهيئة بزياراتها الميدانية التي تهدف للحفاظ على بيئة آمنة ليخوت وزوار البحر الأحمر، إذ نفذت العام الماضي 14 زيارة ميدانية لمنح التراخيص اللازمة لمشغلي المراسي البحرية السياحية والوكلاء الملاحيين السياحيين، وتقديم الدعم الفني والإداري والاستشاري لهم،
كما حصرت وصنفت أكثر من 3200 أصل سياحي في البحر الأحمر ضمن النطاق الجغرافي للمملكة.
ختاماً.. لم يكن الاستمتاع بجمال الطبيعة والحفاظ عليها في نفس الوقت شيئاً صعباً، إذ جلَّ ما يتطلبه الأمر وعيٌ بأهمية الحفاظ على مواردنا الطبيعية، وتعاون فعال بين الجهات العامة والخاصة وممثلي المجتمع المحلي لحماية البيئة ومحاربة كل ما من شأنه الإضرار بها والحفاظ على التنوع البيولوجي الموجود فيها كنعمة سياحية وطبيعية في آن واحد.