في مشهد سياسي تتغير فيه ملامح الشرق الأوسط، تقف سوريا اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تحمل آمالاً وتحديات كبرى، فبين إرث الحروب وآمال البناء، يبرز أحمد الشرع، قائد الإدارة السورية الجديدة ، كرجل يسعى لإعادة رسم ملامح العلاقات مع دول الجوار، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
ومع تطلعات تنموية واقتصادية مشتركة، وتاريخ شخصي يربطه بالمملكة، يفتح الشرع باباً جديداً للحوار والتعاون، وفي هذا المقال نسلط الضوء على تصريحات الشرع ومواقفه من القوى الإقليمية والدولية، وما تحمله هذه المرحلة من تحولات عميقة في المشهد السوري والعربي.
وفي التفاصيل، صرّح أحمد الشرع، قائد الإدارة السورية الجديدة ، برؤيته حول مستقبل العلاقات بين سوريا والمملكة العربية السعودية عقب الإطاحة بسلطة بشار الأسد، وفي مقابلة له، أوضح الشرع أن المملكة تلعب دوراً محورياً في استقرار سوريا، مشيراً إلى وجود فرص استثمارية كبيرة تنتظر المملكة في سوريا، وقال الشرع: «أفتخر بكل ما فعلته السعودية لأجل سوريا، ولها دور كبير في مستقبل البلاد».
وأشار الشرع أيضاً إلى طفولته التي قضاها في الرياض، حيث وُلد هناك وعاش حتى سن السابعة، معرباً عن رغبته بزيارة العاصمة السعودية مرة أخرى، موضحاً عمق ارتباطه بالمملكة على المستوى الشخصي.
وبالنسبة لإيران، عبّر الشرع عن أمله في دور إيراني إيجابي في المنطقة، لكنه أشار إلى أن العمليات العسكرية التي قادتها إدارته استهدفت المقرات الإيرانية رغم التحديات، وأضاف: «كنا نتوقع تصريحات إيجابية من طهران»، وفيما يخص الانسحاب الروسي من سوريا، أكد الشرع أنه يفضل أن يتم بطريقة تليق بالعلاقات التاريخية بين البلدين، مضيفاً أن روسيا تبقى ثاني أقوى دولة في العالم، وتتمتع بأهمية كبيرة في المنطقة.
اقرأ أيضاً: أزمة نفط في سوريا والسعودية تتعهد بالحل
في سياق متصل، زار وفد سعودي رفيع المستوى، برئاسة مستشار في الديوان الملكي، سوريا مؤخراً، حيث التقى الشرع في قصر الشعب بدمشق، وأصدرت السعودية بياناً عبر وزارة خارجيتها أكدت فيه متابعة التطورات الإيجابية في سوريا، معربة عن ارتياحها للجهود المبذولة لتأمين سلامة الشعب السوري والحفاظ على مؤسسات الدولة، كما أكدت المملكة دعمها لوحدة سوريا واستقرارها بما يصون سيادتها ويمنع انزلاقها نحو الفوضى.
وفي مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط»، شدد الشرع على أن الثورة السورية انتهت بسقوط السلطة، مشيراً إلى أن سوريا لن تكون منصة لإثارة القلق أو مهاجمة أي دولة عربية أو خليجية، وقال: «ما قمنا به أعاد المشروع الإيراني في المنطقة 40 سنة إلى الوراء».
كما أبدى الشرع تطلعه للاستفادة من التجارب التنموية في دول الخليج، قائلاً: «نحن نطمح لتحقيق حالة تنموية متقدمة مثل تلك التي وصلت إليها بلدان الخليج، والمملكة وضعت خططاً جريئة جداً ولدينا رؤية تنموية مشتركة يمكن أن نلتقي عندها»، وأكد أن العلاقات الاقتصادية والتنموية ستكون محور التعاون المستقبلي بين سوريا والدول الخليجية.
وأوضح الشرع أن سوريا كانت في الماضي منصة لإيران تدير منها أربع عواصم عربية، ما تسبب بانتشار الفساد والحروب في المنطقة، وأكد أن إدارته تمكنت من إخراج الميليشيات الإيرانية وإغلاق سوريا كلياً أمام الأذرع الإيرانية، ما ساهم في تحقيق مصالح كبرى للمنطقة لم تستطع الوسائل الدبلوماسية وحدها تحقيقها.
اقرأ أيضاً: السعودية تستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا
وأكد الشرع أن المرحلة الحالية هي مرحلة بناء الدولة، موضحاً أن سوريا اليوم بحاجة إلى إعادة بناء الثقة والعلاقات مع الدول العربية والخليجية، وقال: «سوريا تعبت من الحروب ومن كونها منصة لمصالح الآخرين، ونحن بحاجة لإعادة بناء بلدنا وعلاقاتنا الاستراتيجية».