في مشهد يتجلى فيه الحراك الدبلوماسي والدور الإقليمي المؤثر، حملت زيارة وزير خارجية الإدارة السورية الجديدة، أسعد الشيباني، إلى السعودية أبعاداً متعددة، وجاءت هذه الزيارة بعد تحولات جذرية في المشهد السوري، وفي توقيت حساس يفرض على الجميع إعادة ترتيب الأولويات، إذ تسعى الإدارة السورية الجديدة، من خلال هذه الخطوة، إلى إظهار ملامح رؤيتها المستقبلية لبناء سوريا مختلفة، حكومة تعتمد على التشاركية والكفاءة، وتفتح آفاقاً للتعاون الإقليمي والدولي.
وفي التفاصيل، أكد وزير خارجية الإدارة السورية الجديدة، أسعد الشيباني، أنه استعرض خلال زيارته إلى السعودية رؤية الإدارة لتشكيل حكومة تعتمد على التشاركية والكفاءة، تجمع كافة أطياف الشعب السوري.
وتعتبر زيارة الشيباني إلى السعودية أول زيارة رسمية لمسؤول من الإدارة الجديدة في سوريا، وقد ترأس وفداً ضم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب.
أجرى الوفد السوري لقاءات مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وفي منشور عبر منصة «إكس»، قال الشيباني: «ناقشنا رؤيتنا الوطنية المتمثلة في تشكيل حكومة تعتمد على التشاركية والكفاءة، تضم جميع مكونات المجتمع السوري. كما تناولنا خططاً تنموية اقتصادية تهدف إلى تعزيز الاستثمار وتأسيس شراكات استراتيجية لتحسين الواقع المعيشي والخدمي».
ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي بأنها تعمل من أجل تمثيل جميع السوريين وضمان وحدة البلاد واستقرارها.
هذا وصرّح مصدر سعودي لوكالة «رويترز» بأن المملكة ملتزمة بدعم جهود السلام في سوريا، مشيراً إلى أن تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد يمثل أولوية، وأضاف المصدر: «في هذه المرحلة الحرجة، نركز على تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية للشعب السوري، ونعمل على توسيع نطاق هذه المساعدات بالتنسيق مع شركاء إقليميين».
اقرأ أيضاً: السعودية: حان الوقت لتستعيد سوريا استقرارها ونهضتها
وفي هذا السياق، استقبل مطار دمشق الدولي صباح الجمعة الطائرة الإغاثية الرابعة التي أرسلها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، محملة بمساعدات غذائية وإيوائية وطبية، وتهدف هذه المساعدات، التي بدأت الأربعاء الماضي، إلى التخفيف من الأوضاع الصعبة التي يواجهها الشعب السوري، وتأتي هذه الجهود تجسيداً للدور الإنساني الذي تلعبه السعودية ودعمها المستمر للدول الشقيقة.
وفي حديثه حول ذلك، أوضح رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري، الدكتور محمد بقله، أن هذه المساعدات ستصل إلى جميع المحتاجين في مختلف المناطق السورية دون تمييز، مشيراً إلى أن «مركز الملك سلمان للإغاثة» يستعد لإطلاق جسر بري في الأيام القادمة يتضمن إمدادات وقود مخصصة للمخابز.
وأكدت السعودية أن المساعدات المرسلة إلى سوريا ستبقى مفتوحة بلا حدود حتى تحقيق الاستقرار الإنساني. وفي تصريح له، شدد الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، على ضرورة استقرار سوريا قائلاً: «آن الأوان أن تستفيد سوريا من إمكاناتها الكبيرة، وأهمها الشعب السوري».
وجاءت تصريحات الأمير خالد بعد لقاء مثمر مع الوفد السوري برئاسة أسعد الشيباني، وقد ناقش الطرفان آخر مستجدات الوضع السوري وسبل دعم العملية السياسية الانتقالية لتحقيق تطلعات الشعب السوري وضمان أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها.
اقرأ أيضاً: السعودية تستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا
ومن جانبه، أشار الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إلى الموقف السعودي الثابت في دعم استقرار سوريا وسيادتها، وأعرب عن أمله في أن تكون هذه الزيارة خطوة نحو فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، تسهم في تعزيز التعاون المشترك وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
فيما تأتي هذه التحركات ضمن جهود إقليمية ودولية لإعادة بناء سوريا على أسس تضمن وحدة أراضيها وتحقيق تطلعات شعبها بعد سنوات من الحرب والاضطرابات، وتؤكد المملكة العربية السعودية مجدداً أنها ستواصل تقديم الدعم اللازم للشعب السوري حتى تتحقق أهداف الاستقرار والتنمية في سوريا.