في أفقٍ تتعانق فيه الطموحات وتتمازج فيه الرؤى ما بين الصين والسعودية، تتأهب الشركات الصينية لتأخذ موقعها في معرض الدفاع العالمي لعام 2026 بالرياض، وكأنها تُبحر نحو شراكة عميقة تمتد بظلالها على ميادين الدفاع والأمن.
هنا، في قلب الصحراء التي تحولت إلى نبض متسارع للعالم، تلتقي التقنيات المتقدمة مع إرادة الابتكار، فيحدث التبادل الخلاق بين الشرق الأقصى والشرق الأوسط، مشكّلين معاً مشهداً يتخطى حدود التجارة ليصبح سرداً لقصة تعاونٍ لا تعرف حدوداً.
وفي التفاصيل، تعمل الشركات الصينية المتخصصة في مجالات الدفاع والأمن على تأمين موقعها في معرض الدفاع العالمي لعام 2026، وذلك قبل عامين من موعد انطلاقه.
وقد أعلن المعرض عن مشاركة أكثر من 100 شركة تمثل 88% من المساحة المخصصة للجناح الصيني في نسخته الثالثة التي ستقام في الرياض في الفترة من 8 إلى 12 شباط/فبراير 2026، وذلك تحت تنظيم الهيئة العامة للصناعات العسكرية، وبمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والشركات المحلية والعالمية.
وأشار أندرو بيرسي، الرئيس التنفيذي للمعرض، إلى أن الشركات الصينية قد استحوذت على مساحة كبيرة من الجناح، الذي شهد زيادة ملحوظة بلغت 54% بين عامي 2022 و2026، ما يعكس المكانة المتقدمة للمعرض في قطاع الدفاع والأمن العالمي، واهتمام الشركات الدولية بالمشاركة.
وأضاف بيرسي أن النمو في الإقبال أسهم في مضاعفة مساحة المعرض، ما يجعله منصة عالمية لاستعراض الابتكارات والتقنيات المتقدمة في الدفاع والأمن، في المجالات الأساسية الخمسة وهي: الجو، البر، البحر، الفضاء، والأمن، كما يعزز المعرض التواصل وتبادل الخبرات بين الجهات الدولية والمحلية لدفع مستقبل هذه الصناعة.
وأوضح بيرسي أن النسخة الثانية من المعرض في 2024 شهدت حضوراً لافتاً للشركات الصينية، التي شكلت 9% من إجمالي المشاركين، وجاء الجناح الصيني ضمن الأجنحة الدولية الكبرى، حيث ساهمت هذه الشركات بعرض تقنيات دفاعية وأمنية مبتكرة.
كما يشارك معرض الدفاع العالمي في المعرض الجوي الخامس عشر المقام حالياً في الصين، بهدف تعريف الزوار ببرامج مميزة، مثل لقاءات الجهات الحكومية السعودية، والبرامج التفاعلية الأخرى التي ستضاف إلى نسخة المعرض المقبلة في 2026.
يُذكر أن معرض الدفاع العالمي يتماشى مع رؤية المملكة التي تهدف إلى تعزيز توطين قطاع الدفاع والأمن، حيث يسعى إلى المساهمة في تحقيق هدف توطين 50% من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية بحلول 2030، ضمن إطار رؤية المملكة 2030.
اقرا أيضاً: الصين تسعى لتعزيز علاقاتها مع السعودية عبر هذه الخطوة
وفي إطار مساعي الصين لتعزيز تعاونها مع المملكة العربية السعودية في مجالات الاقتصاد وأسواق المال، كانت قد أعلنت وزارة المالية الصينية قبل مدة، عن خططها لطرح سندات بالدولار في السعودية، ووفقاً للبيان الصادر عن الوزارة، تعتزم الصين إصدار سندات تصل قيمتها إلى ملياري دولار في الرياض خلال الأسبوع الذي يبدأ في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.
وكان وزير المالية الصيني قد أعلن الشهر الماضي عن خطة لإصدار سندات بقيمة تصل إلى 325 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بهدف تحفيز ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ويأتي هذا الإعلان ضمن سلسلة من الخطوات التي جرى الإعلان عنها مؤخراً، مثل تخفيض أسعار الفائدة، وضخ السيولة في النظام البنكي، إلى جانب رفع سقف ديون السلطات المحلية لتعزيز الإنفاق على مشاريع البنية التحتية وزيادة فرص التوظيف.
وفي حديث سابق له، كان قد أعرب السفير الصيني في السعودية، تشانغ هوا، حرص بلاده على تعزيز التعاون مع المملكة في عدة قطاعات، من بينها صناعة السيارات الكهربائية، وأوضح أن الاقتصاد الصيني شهد نمواً كبيراً، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 30 مليار دولار عند تأسيس الدولة إلى 17.8 تريليون دولار.
وأشار “هوا” إلى التزام الصين بتبني سياسة الانفتاح والسعي لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وأعرب عن رغبة بلاده في المساهمة في إصلاح نظام الحوكمة العالمية، مؤكداً أن العلاقات الاستراتيجية بين السعودية والصين دخلت مرحلة جديدة من التعاون العميق بفضل القيادة الحكيمة في البلدين.
كما دعا السفير إلى زيادة حجم التجارة والاستثمار بين البلدين، مؤكداً أهمية «عام الثقافة الصينية – السعودية 2025» ودوره في تعزيز التبادل الثقافي بينهما، مشيراً إلى أن العلاقات التاريخية بين البلدين تتطور باستمرار عبر آليات مشتركة في مجالات الطاقة والاستثمار والثقافة.
اقرأ أيضاً: السعودية والصين توثق علاقاتها بزيادة عدد الرحلات الجوية
وذكر السفير أن الصين تعد أكبر شريك تجاري للسعودية، حيث تجاوز التبادل التجاري بين البلدين 100 مليار دولار في العامين الماضيين، موضحاً أن التعاون يمتد إلى قطاعات أخرى مثل صناعة السيارات والطاقة المتجددة، حيث سجلت واردات السعودية من السيارات الصينية نمواً كبيراً.
وفي مجال الطاقة المتجددة، أفاد السفير بأن الشركات الصينية تشارك حالياً في تطوير مشاريع للطاقة الشمسية في السعودية، مثل مشروع محطة الطاقة الكهروضوئية «الشبحة»، كما تعمل بعض الشركات الصينية بالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي على إنشاء شركات مشتركة لتعزيز مشروعات الطاقة المتجددة في المملكة.
اقرأ أيضاً: السفير الصيني يكشف تفاصيل وجوانب العلاقات مع السعودية