نقلت وسائل إعلام سعودية عن السفير التركي لدى المملكة، الدكتور أمر الله إيشلر، قوله إن التعاون الحالي بين الرياض وأنقرة يتواصل في صعوده في قطاعات الطاقة، وإنتاج الأغذية، والزراعة، والصناعات العسكرية، والبنية التحتية، والسياحة، والتكنولوجيا، والبناء، مشيراً إلى أنه من المتوقع انعقاد اجتماع المجلس التنسيقي في السعودية قبل نهاية العام الحالي.
وشدد إيشلر على أن تركيا مستعدة لبذل قصارى جهدها لنقل تكنولوجياتها وخبرتها إلى المملكة العربية السعودية، في إطار التحول الكبير الذي تشهده المملكة وفق رؤية 2030. وأكد أن هذا التعاون سيسهم في تعميق جذور العلاقات التاريخية المشتركة بين البلدين بشكل أكبر.
ولفت إيشلر إلى أن حجم التبادل التجاري الثنائي شهد نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث بلغ 6.8 مليار دولار في عام 2023، وفي النصف الأول من عام 2024، وصل حجم التبادل إلى 3.7 مليار دولار، مشيراً إلى أن الهدف المستقبلي بين البلدين هو تحقيق تجارة بقيمة 10 مليارات دولار في المدى القصير.
وشدد على أن البلدين يركزان على قطاعات الطاقة، وإنتاج الأغذية، والزراعة، والصناعات العسكرية، والبنية التحتية، والسياحة، والتكنولوجيا، والبناء.
وأوضح أنه منذ عام 2002، بلغ حجم الاستثمار المباشر من السعودية إلى تركيا ملياري دولار، فيما بلغ حجم الاستثمار المباشر من تركيا إلى السعودية 84 مليون دولار.
وأكد إيشلر أن بلاده مستعدة لبذل قصارى جهدها لتبادل خبراتها مع المملكة في جميع المجالات، ضمن التحول الذي تشهده السعودية في إطار رؤية 2030، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء.
مجالات عديدة تعزز العلاقات السعودية – التركية
على صعيد التعاون المالي، قال إيشلر: “إن استمرار الاقتصاد التركي في تحقيق تقدم كبير عبر صعوده المستمر في سلم الاقتصاد العالمي سينعكس إيجاباً على العلاقات بين البلدين، العضوين في مجموعة العشرين”.
ولفت إلى أن التعاون التركي – السعودي في المجال المالي، يُعد مجالاً واعداً ويعكس العلاقات المتنامية بين البلدين، مشيراً إلى أن هذا التعاون يسهم في تعزيز قوة اقتصادهما من خلال خلق بيئة ملائمة لتدفقات رأس المال بينهما.
وتابع إيشلر: “في هذا السياق، تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون المالي بين البلدين في أثناء زيارة وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، للرياض، للمشاركة في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار”.
وأشار إيشلر إلى أن مذكرة التفاهم تشمل التعاون في مجالات إصلاحات المالية العامة والضرائب، والسياسات المالية المتعلقة بتغير المناخ، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والسياسات المالية الوطنية، وتعزيز العلاقات الثنائية، وتحسين التنسيق والتعاون على المستوى العالمي.
وشدد على أن التعاون المالي بين البلدين يستند إلى المصالح المشتركة والرغبة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، مع التركيز على الاستفادة من الفرص المتاحة في كلتا السوقين.
وأبدى إيشلر تفاؤله بشأن الأثر الإيجابي لبروتوكول تعديل محضر إنشاء المجلس التنسيقي، الذي وُقع في أثناء زيارة الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية، والوفد المرافق له إلى تركيا في 14 يوليو 2024. حيث استقبله الرئيس رجب طيب إردوغان، وجرى اللقاء مع نظيره التركي، وزير الخارجية هاكان فيدان.
وأكد إيشلر أن هذا البروتوكول، الذي يشمل جميع الوزارات في البلدين، سيسهم في تطوير العلاقات وتعزيز مجالات التعاون، فضلاً عن تنسيق القضايا الثنائية والإقليمية والدولية بينهما، معرباً عن تطلعه لعقد الاجتماع التالي للمجلس التنسيقي في الرياض قبل نهاية العام الحالي.
وأوضح السفير التركي أن فلسفة الاكتفاء الذاتي للسعودية ضمن رؤية 2030، تتماشى مع الرؤية التركية للصناعة الدفاعية.
وأضاف إيشلر أن تقنيات الجيل القادم، مثل الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذاتية والتعلم الآلي وأنظمة الدفاع الجوي وتكنولوجيات الفضاء، يمكن أن تكون محور جدول أعمال التعاون الثنائي، في وقت “تتمتع شركاتنا بإمكانات هائلة لتحقيق نجاحات جديدة من خلال المفهوم المشترك للاعتماد على القدرات الذاتية والتاريخ المشترك”.
وأوضح إيشلر أن العلاقات السعودية – التركية تتمتع بعمق تاريخي، مؤكداً أن الزيارات المتبادلة تعكس عمق العلاقات الممتدة من الماضي إلى الحاضر.
ولفت إلى زيارات الرئيس رجب طيب إردوغان الأخيرة للمملكة، وزيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لتركيا في عام 2022، مؤكداً أنها تعكس الإرادة السياسية على أعلى مستوى لتطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون المشترك.
وأضاف إيشلر: “سنواصل تعزيز تعاوننا وتطوير العلاقات الثنائية في جميع المجالات، خصوصاً في الصناعات الدفاعية والمقاولات، وما يدل على ذلك، زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان المملكة في نوفمبر 2023 برفقة الوزراء وكبار المسؤولين وأكثر من 200 رجل أعمال».
وتابع: “خلال هذه الزيارة، وقّعت تركيا والمملكة عدداً من الصفقات التي تشمل الاستثمار، والصناعات الدفاعية، والطاقة، والإعلام، ونسعى لاستمرار توقيع مزيد من الاتفاقيات لتعزيز تعاوننا في مختلف المجالات”.
ويذكر ان وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز أجرى زيارة رسمية خلال يوليو الفائت من العام الحالي إلى تركيا، التقى خلالها عدداً من كبار المسؤولين هناك، في مقدمتهم الرئيس رجب طيب إردوغان، ورئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، بجانب رؤساء عدد من كبريات الشركات الصناعية التركية.
وعلى إثر هذه المحادثات، أعلنت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) المملوكة للدولة، عن توقيعها ثلاث مذكرات تفاهم مع شركات دفاعية تركية رائدة في مجالات الطيران والفضاء والتكنولوجيا.
ولعل أبرز تلك الاتفاقيات، تلك التي وُقّعت مع شركة “بايكار” التركية، لتأسيس قدرات لتصنيع وتطوير أنظمة طائرات “بايكار” بدون طيار داخل المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى التعاون في مجال التطوير المشترك ونقل التكنولوجيا والملكية الفكرية إلى المملكة.
اتفاقية أخرى وُقِعت مع شركة “أسيلسان” للطيران والدفاع، نصت على نقل وتوطين وتطوير تقنيات الإلكترونيات الدفاعية المتقدمة لتعزيز وبناء القدرات السعودية في هذا المجال.
وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة (SAMI) المهندس وليد بن عبد المجيد أبو خالد، فإن من شأن هذه الاتفاقيات الإسهام في تعزيز قدرات السعودية، والمساعدة على مواصلة تطوير صناعة الدفاع الوطنية، بما يساعد في تحقيق “المستهدفات الاستراتيجية للشركة بالمساهمة في توطين 50 % من الإنفاق الدفاعي”، ضمن أبرز أهداف رؤية السعودية 2030.
تاريخ العلاقات السعودية – التركية
ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وأنقرة إلى عام 1929، بعد عام من توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بينهما، بحسب مصادر صحافية سعودية.
الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، منذ زيارة الملك فيصل بن عبد العزيز لمدينة إسطنبول التركية عام 1966، أرست ودعمت قواعد العلاقة ودعمتها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كافة.
كما أثمرت زيارة الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود إلى تركيا في أغسطس 2006، التوقيع على 6 اتفاقيات ثنائية في مجالات عديدة.
وشهدت العلاقات السعودية – التركية نقلة نوعية منذ أن تولي الرئيس أردوغان منصبه في 28 أغسطس 2014، والملك سلمان حكم المملكة في 23 يناير 2015.
وفي 2015 شهدت العلاقات ثلاث قمم، الأولى بالرياض في مارس، والثانية على هامش زيارة الملك سلمان لمدينة أنطاليا التركية في نوفمبر، والأخيرة مع زيارة الرئيس أردوغان إلى المملكة في 29 ديسمبر من العام ذاته.
وتُوجت قمتي العام الأول من حكم الملك سلمان باتفاق الدولتين على إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي، خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى المملكة في 2015.
وفي العام الثاني من حكم الملك سلمان بلغ التعاون المتنامي بين البلدين ذروة جديدة بتوقيعهما بإسطنبول في 14 أبريل 2016 محضر إنشاء مجلس التنسيق التركي السعودي، بحضور الملك سلمان والرئيس أردوغان.
اقرأ أيضاً: أحداث وتفاصيل القمة السعودية الأردنية في الرياض