حيث تتداخل الخطوط بين السلطة والمسؤولية، يتهادى صوت العدالة ليوقظ كل من يظن أن الحصانة هي ملاذ آمن من العقاب، فخلف الأبواب المغلقة، كُتب فصل جديد في قصة من استغل منصبه ليحقق مكاسب على حساب أمانة الوطن وحقوق الشعب.
يدور الحديث هنا حول مدير الأمن العام السابق في السعودية، الذي وجد نفسه في مواجهة تهمة أثقل من أن يزيحها منصبه أو سمعته السابقة، فهو يقف الآن على شفا هاوية صنعها بيده.. فما القصّة؟
قضت المحكمة السعودية بإصدار حكم بالسجن لمدة 10 سنوات على الفريق أول خالد بن قرار الحربي، مدير الأمن العام السابق، بعد ثبوت تورطه في قضايا فساد شملت الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ الوظيفي.
وكُشف يوم أمس الجمعة 13 أيلول/سبتمبر 2024 عن تفاصيل القضية بعد تحقيقات موسعة، أُدين “الحربي” عبرها بتهم متعددة منها اختلاس المال العام واستغلال العقود الحكومية لتحقيق منافع شخصية.
وبناءً على التحقيقات، أظهرت السلطات أن “الحربي” تلقى رشاوى بلغت قيمتها أكثر من 10 ملايين ريال، إضافة إلى حصوله على هدايا عينية وأموال استفاد منها أقاربه، فيما ألزمت المحكمة المسؤول السابق بإعادة جميع الأموال المختلسة والمبالغ التي حصل عليها بشكل غير قانوني للخزينة، والتي بلغت قيمتها مليونان و827 ألف ريال، بالإضافة إلى مصادرة الممتلكات التي حصل عليها من جرائم الرشوة، وهي 10 ملايين و84 ألفاً و303 ريالات وفقاً لصحيفة سعودية، كما غرمت السلطات “الحربي” بمبلغ مليون ريال سعودي يُضاف إلى خزينة الدولة كجزء من العقوبات المالية المفروضة عليه.
اقرأ أيضاً: ما هي أبرز التعديلات الجديدة على قانون العمل السعودي؟
يذكر أن “الحربي” من مواليد المدينة المنورة عام 1962 وبدأ مسيرته العسكرية في عام 1981 بعد التحاقه بكلية الملك فهد الأمنية بالرياض، حيث حصل على درجة البكالوريوس في العلوم الأمنية وتخرج برتبة ملازم، ثم عيّن في قوات الطوارئ الخاصة بالمدينة المنورة، وشغل عدة مناصب قيادية، بدءاً من قائد سرية وكتيبة وصولاً إلى مدير للعمليات.
في عام 2001، أصبح قائداً لقوة المدينة المنورة، وانتقل بعدها إلى قيادة قوات الطوارئ الخاصة، وعيّن مديراً للعمليات ثم مساعداً، وفي العام 2010، تولى منصب القائد لقوات الطوارئ الخاصة، ولاحقاً، صدر قرار ملكي في 2015 بترقيته إلى رتبة فريق، وفي العام التالي 2016 ترقّى إلى رتبة فريق أول.
شغل الحربي منصب قائد قوات أمن الحج لعام 2016 وقائد أمن العمرة والحج لعام 2017، وفي نهاية عام 2018، أصدر الملك سلمان قراراً بتعيينه مديراً للأمن العام التابع لوزارة الداخلية، واستمر في هذا المنصب حتى إعفائه من مهامه في كانون الاول/ديسمبر 2023.
اقرأ أيضاً: التكاتف السعودي السوري بمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني
وتأتي هذه القضية ضمن الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية عبر رؤية 2030 لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في المؤسسات الحكومية، وهي جزء من حملة أوسع تهدف إلى حماية المال العام وتحقيق العدالة ضد من يتجاوزون القانون، بغض النظر عن مناصبهم أو مكانتهم.
وشهدت المملكة في السنوات الأخيرة حملات مكثفة لمكافحة الفساد، تهدف إلى حماية المال العام ومعاقبة المسؤولين الذين يسيئون استخدام مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية، وساهمت هذه الجهود في تعزيز الثقة بين المواطنين والحكومة، خاصة مع الالتزام الصارم بتطبيق القانون على الجميع دون استثناء.
اقرأ أيضاً: منصة الرياض الآمنة لتبادل المعلومات ومكافحة الفساد تتلقى تمويلاً بقيمة 20 مليون دولار