يبدو أن صناعة الفيلم الوثائقي في السعودية تتجه نحو بعد مختلف يعكس انطلاقاً في الصناعة مبنياً على المعرفة وقادراً على خلق منتج يسجل مستوى رفيعاً من الحضور الدولي للقائمين على الصناعة، هذا ما كشفت عنه ورشة عمل صناعة الفيلم الوثائقي التي ضمها معرض الرياض الدولي في نسخة 2024 والتي تستمر حتى الخامس من أكتوبر.
من بين المحاور الهامة التي تطرقت إليها الورشة المنظمة برعاية هيئة الأدب والنشر والترجمة، الجهة المنظمة للمعرض، كيف تتم صناعة الفيلم الوثائقي عبر تقديم مجموعة من الخطوات، وكان المشرف على الورشة المنتج ابراهيم البكيري.
ومن بين المحاور الهامة التي تطرقت إليها الورشة، جمع القائمين على العمل بين المهام الإدارية والروتينية البحتة، والتفاصيل الإبداعية المتعلقة بالجانب الفني للعمل، ونوه البكيري إلى أهم أدوات الصناعة الإبداعية عبر التأكيد على ضرورة امتلاك الشغف والفضل والرغبة الشديدة في توثيق التجربة الوثائقية بكل تفاصيلها إلى الجمهور وجعله يغوص في تفاصيل الدهشة المكونة لهذه التجربة الوثائقية، وأكد البكيري على مهمة المنتج الأساسية في كل هذا وأنه مهما واجهت المنتج من صعوبات لابد له من أن يحتفظ بفضوله الذي سيدفعه لمزيد من البحث والمعرفة بطرق التعبير في المجال، والأدوات الاحترافية التي ستجعل من صاحب العمل يخلق عالمه الإبداعي الذي يمكنه من دعوة الجمهور إليه بكل ثقة بالنفس حتى يعيشوا تجربة من الدهشة الاحترافية.
وتداول الحضور أثناء الورشة عدداً من هموم الصناعة، لعل أبرزها فقر المكتبة العربية المتخصصة بإنتاج وأرشفة الأفلام الوثائقية، إلى جانب التجارب الخاصة بأبعاد الصناعة، وتشارك البكيري مع الحاضرين في الورشة تجاربه الشخصية، والتحديات التي عاشها، ولعلّ أبرزها الخوف من الظهور وتجنب الأطراف المشاركة في التجربة الاجتماعية الظهور أمام الكاميرا، بسبب شعورهم بعدم الارتياح للإفصاح عن آرائهم وتجاربهم أمام الناس وبطريقة موثقة، مشيراً إلى محورية الدور الذي باتت تلعبه منصات التواصل الاجتماعي في تغيير أساليب صناعة الأفلام الوثائقية، والتي أسهمت إلى حد بعيد في تطوير الصناعة.
وتشارك البكيري مع جمهور الورشة بداياته في صناعة الوثائقيات، عندما أنتج فيلماً في البرازيل سلط الضوء من خلاله على العلاقة بين المجتمع البرازيلي وكرة القدم، وأوضح أبرز الصعوبات التي واجهته، وكان أبرزها عدم امتلاك الأرضية الكافية للبحث في هذه العلاقة، كونه لم يكن يمتلك أي معرفة عن الشروط الاجتماعية والسياسية والإقتصادية المحيطة بهذه العلاقة.”
واعتبر البكيري أن الفيلم الوثائقي في السعودية صناعة تبشر بمستقبل واعد، وأن الحراك السينمائي في المملكة يحظى بدهم واسع من مختلف القطاعات، لا سيما صناديق التمويل والمهرجانات.
ووصف سوق صناعة الوثائقيات في المملكة، بأنه جديد وواعد، وأن المملكة تعيش حركة سينمائية لافتة، وتلقى دعمًا من كل القطاعات، لا سيما من بعض الصناديق الوطنية التي أعلنت عن مبادرات لتمويل مشاريع الأفلام في المملكة، بالإضافة إلى المهرجانات التي ترعى نقلة مهمة في هذا القطاع، ما يحملها مسؤولية أن تروي تاريخ المملكة وحكاياتها للأجيال القادمة.