في قلب صحراء الجزيرة العربية، وبين تلالها الذهبية، تستعد العاصمة السعودية الرياض لاستقبال حدثٍ عالمي يختزل في طياته رؤية مستقبلية وطموحات كبرى.
ستتجه أنظار العالم نحو قمة أوروبية خليجية غير مسبوقة، تتلاقى فيها رؤى الشرق والغرب على أرض المملكة العربية السعودية، لتشكل نقطة التقاء بين حضارتين وثقافتين عريقتين، تجمعهما الرغبة في بناء جسور من التعاون والشراكة.
إذ تأتي هذه القمة في زمن يشهد فيه العالم تحولات جذرية على كافة الأصعدة، من التحديات الأمنية المتصاعدة إلى التغيرات المناخية المتسارعة، ومن التحولات الاقتصادية إلى الابتكارات التكنولوجية التي تعيد تشكيل مستقبل البشرية.
ووسط هذا المشهد العالمي المتغير، تبرز السعودية كمحور استراتيجي يسعى إلى توجيه دفة هذه التحولات نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.
إنها لحظة تتداخل فيها المصالح المشتركة وتتقاطع فيها الرؤى، لتؤكد الرياض مرة أخرى دورها القيادي في صياغة مسارات جديدة للتعاون الدولي، على ضوء رؤيتها الطموحة 2030.
اقرأ أيضاً: السعودية تستضيف مهرجان المسرح الخليجي 2024
وفي التفاصيل، فإن موعد القمة التي نتحدث عنها سيكون 16 تشرين الأول/أكتوبر من العام الجاري 2024، وهي بلا شك خطوة مفصلية في مسار تعزيز العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي.
إذ تبحث دول الخليج، بقيادة المملكة العربية السعودية، عن توسيع نطاق شراكاتها مع الاتحاد الأوروبي في مجالات متعددة، تشمل هذه المجالات الأمن والدفاع، الطاقة، التكنولوجيا، الاقتصاد، والسياسة.
ومن المتوقع أن تكون القضايا الأمنية على رأس جدول أعمال القمة، حيث تسعى السعودية ودول الخليج إلى تعزيز التعاون مع أوروبا في مواجهة التهديدات المشتركة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتأمين الملاحة البحرية في الخليج العربي.
على الصعيد الاقتصادي، تسعى المملكة إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأوروبية، مستفيدةً من مبادراتها الطموحة ضمن رؤية 2030، الرؤية التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
ويُنتظر أن تسلط القمة الضوء على تعزيز التعاون في مجال الطاقة، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء، المجالات محوراً مشتركاً بين الجانبين لتحقيق التنمية المستدامة.
اقرأ أيضاً: هل تتصدر السعودية اقتصاد الخليج قريباً؟ نظرة للنمو الاقتصادي السعودي ومستقبل المنطقة
وفي إطار التطور التكنولوجي، تلعب السعودية دوراً ريادياً في التحول الرقمي، وتسعى من خلال القمة إلى توثيق علاقاتها مع الشركات الأوروبية الرائدة في هذا المجال.
ومن المتوقع أن تناقش القمة سبل تعزيز التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، بما يسهم في تحقيق أهداف المملكة الطموحة لتصبح مركزاً عالمياً للتكنولوجيا والخدمات الرقمية.
اقرأ أيضاً: عبدالله العثمان: رائد الأعمال السعودي الذي غير مشهد التكنولوجيا المالية في المملكة
أمّا على الصعيد السياسي، فستكون القضايا الإقليمية ذات الحساسية العالية، مثل الوضع في فلسطين واليمن، حاضرة بقوة في المباحثات.
وذلك لأن السعودية تسعى لتعزيز ولعب دورها كقوة إقليمية تعمل من أجل السلام والاستقرار، بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين، فيما تبحث القمة سبل تحقيق تقدم في هذه الملفات المعقدة.
بالإضافة إلى ذلك، يتوقع أن تتناول القمة جوانب التعاون الثقافي والتعليمي بين الخليج وأوروبا، وهذا أمر أيضاً تحاول السعودية تكريسه عبر تعزيز التبادل الثقافي والمعرفي من خلال برامج ومبادرات مشتركة تدعم التواصل وتبادل الخبرات بين الشعوب.
ختاماً، لا بدّ من القول إن هذه القمة التي ستعقد في الرياض تجسد نقطة تحول في العلاقات الخليجية الأوروبية، وعبرها ستلعب السعودية دورها في توجيه دفة التعاون الدولي نحو مستقبل مشرق يتسم بالاستقرار والازدهار.
اقرأ أيضاً: محددات السياسة النفطية الراهنة للسعودية في ميزان الاقتصاد والأمن والتحالفات الدولية.. المغزى وسؤال المرحلة!