تلمعُ كنجمة في سماء الاقتصاد العالمي القاتم، وتسيرُ بخطى ثابتة نحو تحول غير مسبوق؛ هذا حال المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالتحولات المطلوبة بعيداً عن النفط، ففي حين يضع هذا النهج بعض الاقتصادات تحت ضغط شديد، ويهددها بوجودها، تقف المملكة بأقدام راسخة، وتكشف عن قدرات كامنة غير متوقعة حتى من قبل صندوق النقد الدولي.
فمن جديد، حقق الناتج المحلي غير النفطي في المملكة العربية السعودية نمواً بنسبة 4.9% خلال الربع الثاني من عام 2024، متجاوزاً التقديرات الأولية التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 4.4% فقط.
ورغم أن الاقتصاد السعودي شهد تراجعاً في الأنشطة النفطية بنسبة 8.9%، إلّا أن الأداء القوي للقطاعات غير النفطية ساهم في الحد من التأثير السلبي لانكماش الناتج المحلي الإجمالي الكلي بنسبة 0.3% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وتضمنت القطاعات التي أظهرت نمواً لافتاً، قطاع تجارة الجملة والتجزئة، وقطاع المطاعم والفنادق الذي حقق نمواً بنسبة 6.8% على أساس سنوي، بالإضافة إلى الأنشطة الحكومية التي سجلت زيادة بنسبة 3.6%.
اقرأ أيضاً: السعودية تعطي الأولوية للقطاعات غير النفطية.. ما التحديات المحتملة؟
يشار إلى أن الاقتصاد السعودي الذي كان يعتمد تاريخياً على النفط؛ يركز اليوم على استقطاب الاستثمارات الأجنبية ودعم الشركات المحلية لتعزيز القطاعات غير النفطية، وتسعى الحكومة السعودية إلى تطوير بنية تحتية متينة وبيئة استثمارية جاذبة، ما يدفع عجلة النمو الاقتصادي نحو آفاق جديدة.
وبالرغم من الانكماش العام في الناتج المحلي الإجمالي، فإن الأداء القوي للقطاعات غير النفطية يعزز من ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في استقرار الاقتصاد السعودي، لا سيما في ظل التقلبات التي تشهدها أسواق النفط العالمية.
اقرأ أيضاً: الاقتصاد السعودي يسجل نمواً لافتاً في القطاع غير النفطي بنسبة 4.4%
وكان قد أفاد صندوق النقد الدولي مؤخراً بأن الاقتصاد السعودي يواصل تحقيق تقدم ملحوظ في مسيرته نحو التحول الاقتصادي الطموح ضمن إطار رؤية 2030، ووفقاً لتقديراته، كان من المتوقع أن يسجل الاقتصاد السعودي غير النفطي نمواً بنسبة 4.4% على المدى المتوسط، مدعوماً بزيادة الطلب المحلي وتوسع استثمارات القطاع الخاص، لكن الأرقام الجديدة فاقت توقعات الصندوق ووصلت إلى 4.9%.
وناقش الصندوق قضية الدين العام في المملكة العربية السعودية، وتوقع أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 36% بحلول عام 2029، مشيراً إلى أن هذه النسبة تظل دون الحد الأقصى الذي وضعته الحكومة السعودية والمقدر بـ 40%.
اقرأ أيضاً: صندوق النقد يشيد بالتحول غير المسبوق باقتصاد السعودية
كذلك، أشار التقرير الأخير الصادر عن صندوق النقد الدولي أن معدل التضخم السنوي في المملكة تباطأ إلى 1.6% في أيار/مايو 2024، نتيجة لارتفاع سعر صرف الريال السعودي، وأنه ورغم انخفاض فائض الحساب الجاري إلى 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2023 بسبب تراجع صادرات النفط، إلا أن الاقتصاد غير النفطي استمر في الحفاظ على استقراره، مما ساعد في تحقيق التوازن المالي.
اقرأ أيضاً: عبدالله جمعة الدوسري: من مذيع إلى أهم مدير في شركات النفط العالمية