تحتضن الرياض لقاءً وزارياً استثنائياً يعكس طموحات المنطقة وتطلعات شعوبها، إذ يجتمع القادة لبحث مستقبل سوريا التي أنهكتها الحروب والتجاذبات، ما بعد سقوط السلطة السياسية، وتُرسم ملامح مرحلة جديدة تحمل بين طياتها وعوداً بتغيير المسار وإعادة الإعمار.. إليكم التفاصيل!
انطلقت اليوم الأحد 12 كانون الثاني/يناير في العاصمة السعودية الرياض اجتماعات وزارية هامة حول الوضع في سوريا، بمشاركة عربية ودولية واسعة، وتأتي هذه الاجتماعات في مرحلة مفصلية بعد مرور شهر على سقوط نظام بشار الأسد، وتُركّز على دعم سوريا إنسانياً وسياسياً ورسم ملامح مستقبلها.
ترأّس الاجتماع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بحضور أمين عام جامعة الدول العربية، وأمين عام مجلس التعاون الخليجي، كما ضمَّ اللقاء وزراء خارجية مصر، سوريا، قطر، الإمارات، الأردن، سلطنة عمان، لبنان، والبحرين، ويُنتظر أن يلتحق بالاجتماع وزراء خارجية من دول غربية، بالإضافة إلى المبعوث الأممي الخاص لسوريا ومفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن.
وأثناء الجلسة الافتتاحية، عبّرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك عن تفاؤلها بالمستقبل قائلة: «هناك أمل جديد ….كلما عملنا معاً لدعم حوار سياسي عادل وعملية إعادة إعمار شاملة باسم الشعب السوري، زادت فرص تحقيق النجاح»، وأكدت بيربوك أن العملية السياسية يجب أن تكون بقيادة سورية وبمساندة موحدة من الدول الحاضرة، لكنها حذّرت في الوقت نفسه من أن الوضع ما زال متقلباً، مشيرة إلى أحداث العنف الأخيرة التي شهدتها البلاد.
اقرأ أيضاً: السعودية: حان الوقت لتستعيد سوريا استقرارها ونهضتها
الهدف الرئيسي للاجتماع، وفقاً لما أوضحته بيربوك، يتمثل في إيجاد مسارات سلمية للمنطقة، ولا سيما لسوريا، وأضافت أن اجتماع الرياض يمثل خطوة جوهرية نحو تحقيق هذا الهدف.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن دعم بلاده الكامل للشعب السوري، مؤكداً أن المملكة المتحدة ملتزمة بمساندة عملية انتقال سياسي بقيادة سورية تُفضي إلى حكومة شاملة وغير طائفية، وأضاف أن الاجتماعات ستركّز على كيفية دعم السلطات السورية المؤقتة، بما يشمل آليات لمحاسبة نظام الأسد على الجرائم التي ارتكبها ضد الشعب السوري.
وفي بيان أصدره لامي، شدّد على أهمية اتخاذ خطوات حاسمة في مجالات الحُكم الشامل وتيسير وصول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى التعاون في مجال الحد من الأسلحة الكيماوية ومكافحة تهديد تنظيم داعش، وأشار إلى ضرورة أن يتحد المجتمع الدولي لدعم الشعب السوري في مساعيه لبناء مستقبل ديمقراطي يُلبي تطلعاته.
وأكد لامي أن المملكة المتحدة تعمل جنباً إلى جنب مع شركائها الإقليميين والدوليين لضمان حماية المدنيين، وتحسين الظروف الإنسانية، وتحقيق الأمن في سوريا والمنطقة ككل؟، وختم حديثه قائلاً: «السوريون يستحقون مستقبلاً مشرقاً، ونحن هنا اليوم لدعم تحقيق هذا الهدف».
اقرأ أيضاً: أزمة نفط في سوريا والسعودية تتعهد بالحل
في السياق ذاته، أكد السفير السوري لدى السعودية أيمن سوسان أن للمملكة دوراً محورياً على الصعيدين الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أنها لطالما كانت داعمة لسوريا في الأوقات الصعبة، وأشاد سوسان بالجهود السعودية المبذولة لإعادة الاستقرار إلى سوريا، موضحاً أن المملكة استمرت في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري رغم العوائق التي فرضها النظام السابق.
وقد أرسلت السعودية مؤخراً مساعدات إنسانية عبر جسرين بري وجوي إلى دمشق، تضمنت مواد غذائية وطبية وإيوائية، بهدف التخفيف من معاناة الشعب السوري في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة، وأكدت الرياض أن هذا الجسر الإغاثي سيظل مفتوحاً حتى تتحقق أهدافه، وذلك تنفيذاً لتوجيهات القيادة السعودية.
يُذكر أن اجتماع الرياض يأتي بعد لقاء عُقد في مدينة العقبة الأردنية الشهر الماضي، حيث أكدت لجنة الاتصال الوزارية المعنية بسوريا التزامها بدعم الشعب السوري في هذه المرحلة الحاسمة، وجرى خلال اللقاء التشديد على ضرورة إعادة بناء سوريا بما يحفظ أمنها واستقرارها وسيادتها، ويوفر لشعبها حياة كريمة وآمنة.
تشكل هذه الاجتماعات منصة هامة لتعزيز الجهود المشتركة وإيجاد حلول مستدامة للأزمة السورية، مع التركيز على تحقيق تطلعات الشعب السوري لبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، وبالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه هذه العملية، فإن الأمل في التوصل إلى حلول ملموسة يبقى قائماً بفضل التعاون الإقليمي والدولي.
اقرأ أيضاً: السعودية تستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا