في ذروة الحصاد، وفي جوٍّ احتفالي رائع، يحتضن ميدان المنشية موسم حمضيات العلا 2025، ليبهر زواره بالألوان الزاهية والروائح الزكيّة للبرتقال وثمار الحمضيات المتنوعة، ويدعوهم لاستكشاف المحاصيل الطازجة القادمة من مزارع العلا، والاستمتاع بأشهى الوجبات المحلية الخفيفة.
انطلق موسم الحمضيات لهذا العام يوم أمس الجمعة، وحتى 11 يناير سيحتفي هذا الحدث بالتراث الزراعي ويعزز من دوره في دعم النمو الاقتصادي المحلي والوطني، فمزارع الحمضيات في العلا تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياة المجتمع، وتستمر في إنتاج محاصيل استثنائية من أرضها الخيّرة.
الحمضيات الشهية من المحاصيل الزراعية المهمة التي تشتهر بها محافظة العلا، فقد توارثت الأجيال فن زراعتها عبر العصور، وتنتشر في سهول وأودية العلا أكثر من 200 ألف شجرة حمضيات، تغطي مساحة تصل إلى 800 هكتار، ما يجعلها ثاني أهم محصول فاكهة بعد نخيل التمر.
تنتج هذه الأشجار سنوياً حوالي 15 ألف طن من الحمضيات، وهو ما يمثل نحو 30% من إجمالي إنتاج المملكة من هذه الفواكه المتنوعة، وفقاً للإحصائيات المقدمة من الهيئة الملكية لمحافظة العلا.
اقرأ أيضاً: الابتكار الزراعي في نجران يفتح آفاقاً اقتصادية جديدة
أما الأصناف المتنوعة فهي ما يميزها، إذ تحتضن العلا أكثر من 29 صنفاً مختلفاً من الحمضيات، تشمل البرتقال، اليوسفي، الليمون الحلو، الليمون الشعيري، البنزهير، الجريب فروت، الشادوك، الملكي (الكمكوات)، كما شهدت هذه الأرض الخصبة ولادة التورونج، أقدم فواكه الحمضيات في العلا، وهو نوع هجين يجمع بين الليمون والبوملي.
استخدم الأنباط هذه الثمار في تحضير المُربيات وصناعة العطور، وتتميز ثمار الحمضيات في العلا بمذاقها الحلو والمنعش، ما يجعلها محصولاً زراعياً أساسياً في حياة سكانها، فهي ليست فقط طعاماً لذيذاً، بل تحمل فوائد طبية وزيوتها العطرية قيمة تضيف إلى تراثهم الثقافي والغذائي، ويشكل البرتقال نحو 80% من هذه الأنواع.
ويهدف موسم الحمضيات بالعلا إلى تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال دعم المبادرات المجتمعية ومشاريع النمو المستدام التي تعود بالفائدة على السكان المحليين والبيئة، وفي إطار هذه المبادرة، يتم توفير منصة حيوية للمزارعين المحليين لتسويق منتجاتهم، فمزارع العلا تنتج آلاف الأطنان من الحمضيات سنوياً بين شهري نوفمبر وفبراير، وهي تساهم بقوة في الناتج الزراعي للمنطقة، ما يجعلها عنصراً أساسياً في الاقتصاد المحلي.
اقرأ أيضاً: الزعفران وجهة السعودية لزراعة الذهب الأحمر
ومن المتوقع أن يكون موسم الحمضيات لهذا العام تجربة مميزة، حيث ستُخصص مساحات عرض للمزارعين والأسر المحلية لعرض منتجاتهم وحرفهم الفريدة، كما سيتضمن الحدث مجموعة متنوعة من الأنشطة التفاعلية التي تستهدف كل من السكان والزوار، مثل عروض الطهي وورش العمل المبتكرة، ومن أبرز معالم احتفالات هذا العام دورة تدريبية متخصصة تهدف إلى تزويد الأسر المحلية والطهاة بالمهارات اللازمة لدمج الحمضيات في إبداعاتهم الطهويّة المتنوعة.
وإلى جانب موسم التمور، يعد موسم الحمضيات بالعلا رافداً اقتصادياً حيوياً يعكس الثراء الزراعي الذي تتمتع به العلا، إذ تلعب كل من التمور والحمضيات دوراً أساسياً في دعم سبل العيش المحلية وتعزيز حضور منتجات العلا في الأسواق المحلية والإقليمية.
وبالطبع، لا يساهم موسم الحمضيات في تعزيز الاقتصاد المحلي فقط، بل يلعب كذلك دوراً محورياً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للهيئة الملكية لمحافظة العلا، كما يعكس التزام المملكة برؤية طموحة تهدف إلى أن تصبح رائدة عالمية في النمو المستدام والمتنوع.
اقرأ أيضاً: شري تحتضن مهرجان الفقع الرابع اليوم
الزراعة في العلا
تعد محافظة العلا منجماً زراعياً حقيقياً، إذ تزخر بأراضٍ خصبة ومناخ مثالي يجعلها إحدى أهم المناطق الزراعية في المملكة، ولبس بزراعة الحمضيات فقط، فهي سلة غذائية تتجاوز أسواقها لتغذي أسواق المدينة المنورة، جدة، تبوك، حائل، والرياض.
وتمتاز الزراعة في العلا بتنوع محاصيلها، من التمور والحمضيات إلى المانجو والعنب، مروراً بالرمان والتين، وصولاً إلى الشعير والذرة بمختلف أنواعها، كما تشمل الإنتاجات ألبان الإبل والطماطم والباذنجان والباميا والبصل والفلفل والخضروات الورقية والبقوليات.
تستضيف المحافظة مهرجانات وفعاليات سنوية تجذب الزوار من أنحاء العالم كافة، مؤكدة على أهمية مكانتها كمركز زراعي متميز.
ومع ذلك، فإن موسم حمضيات العلا ما هو إلا جزء من سلسلة من المهرجانات المماثلة التي أُطلقت في محافظات سعودية أخرى، مثل موسم حمضيات الحريق في الرياض، ومهرجان حمضيات حائل، ومهرجان الحمضيات في نجران، والتي تؤكد على خصوبة أرض السعودية وتنوع خيراتها.
اقرأ أيضاً: زراعة الورد في السعودية: إنتاج ملياري وردة بحلول2026