أعلن التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب عن إطلاق برنامج لمحاربة الإرهاب في دول الساحل الأفريقي (موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد)، المضطربة بسبب الانقلابات وتمدد تنظيمي “داعش” و”القاعدة”.
أُطلق البرنامج في العاصمة الموريتانية، نواكشوط، بحضور ممثلين لدول الساحل الأخرى، وتحت إشراف الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، اللواء الطيار الركن السعودي محمد بن سعيد المغيدي.
وأعلن الأمين العام للتحالف اللواء محمد بن سعيد المغيدي، خلال حفل إطلاق البرنامج، أن “منطقة الساحل ليست مجرد جغرافيا مترامية الأطراف، بل هي شريان حيوي لاستقرار العالم بأسره”.
وأكد أن التزام التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بالوقوف إلى جانب دول الساحل ودعمها “هو ضرورة استراتيجية وليس خياراً”، موضحاً أن برنامج الدعم سيستمر لخمس سنوات وسيشمل 4 محاور أساسية: تعزيز الجوانب الفكرية والإعلامية، ومكافحة تمويل الإرهاب، وتطوير القدرات العسكرية، وتحسين التنسيق الإقليمي بين دول الساحل.
وقال إن اختيار موريتانيا لإطلاق البرنامج “يعكس التزامها بمكافحة الإرهاب، ودورها الفاعل ضمن دول التحالف”، مثمناً جهودها المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
اقرأ أيضاً: حراكٌ تشهده السعودية لحلّ الأزمة اليمنية.. ما الذي يحدث؟
وأشار اللواء المغيدي إلى أن التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي يضم 42 دولة، أُطلق بمبادرة من المملكة العربية السعودية في ديسمبر عام 2015، ووصفه بأنه “كان نقطة تحول جوهرية في مسيرة التعاون ضد الإرهاب والتطرف”.
وأضاف أن التحالف “ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو منظومة استراتيجية متكاملة تهدف إلى توحيد وصياغة رؤية مشتركة تتصدى للتطرف بجميع أشكاله وترسخ قيم الإسلام الداعية للوسطية والاعتدال”.
وقال إن وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي عقدوا اجتماعاً في الرياض في شهر فبراير من هذا العام، أسفر عن توصيات مهمة، من أبرزها البدء في تنفيذ برنامج دول الساحل الأفريقي.
وزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي، قال إن “الإرهاب يشكل خطراً كبيراً على العالم، خاصة على دولنا ومجتمعاتنا الإسلامية”، وحذر من تداعياته الخطيرة بالنظر إلى “الأرواح البريئة التي فُقدت، والأضرار التي لحقت بالأنسجة الاجتماعية، والتهديدات التي طالت كيانات دول عريقة”.
وكشف الوزير خلال إطلاق برنامج محاربة الإرهاب في دول الساحل، أن “منطقة الساحل تعاني يومياً من الآثار الهدامة للأنشطة الإرهابية، ما يستدعي تعزيز وتطوير الأساليب لمحاربتها”.
وأشار إلى أن “الإرهاب ظاهرة معقدة تتشابك فيها عوامل متعددة الأبعاد، تشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والفكرية والثقافية”.
وقال ولد سيدي إن “فاعلية محاربة الإرهاب تعتمد على شمولية التعامل مع هذه الأبعاد”، وأشار إلى أن موريتانيا تبنت “استراتيجيتها الأمنية على أسس الشمول والاندماج، مع التركيز على البعد الفكري والثقافي بوصفه أهم محاورها، حيث يعتبر الإرهاب موقفاً فكرياً قبل أن يكون ممارسة ميدانية”.
وخلص وزير الدفاع الموريتاني إلى أن “النصر المستدام على الجماعات الإرهابية يتطلب انتصاراً ثقافياً وفكرياً إلى جانب الانتصار العسكري”، بالإضافة إلى الإعلام الذي وصفه بأنه “من أقوى أدوات النصر الفكري والثقافي على الإرهاب، في عصر الثورة الرقمية وسرعة نقل المعلومات وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام الإلكتروني”.
وشهد الحفل فيلماً تعريفياً عن البرنامج الذي يستمر لمدة خمسة أعوام، منطلقاً في عامه الأول من الجمهورية الإسلامية الموريتانية، متضمناً 239 فعالية، تهدف إلى رفع كفاءة الأجهزة والإدارات المعنية بمحاربة الإرهاب، وتعزيز قدراتها في مواجهة هذه الآفة وتفنيد أطروحات الفكر الإرهابي والتوعية بمخاطره.
اقرأ أيضاً: قمة المياه الواحدة تجمع المملكة مع كازخستان وفرنسا
بدعم كبير من المملكة
الجدير ذكره، أن التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي يضم في عضويته 42 دولة، تأسس بمبادرة من السعودية، وأعلن عنه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في ديسمبر من عام 2015، بهدف توحيد جهود الدول الإسلامية الراغبة في محاربة الإرهاب.
ويأتي هذا البرنامج بدعم كبير من المملكة العربية السعودية، حيث أعلن الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع رئيس مجلس وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب خلال الاجتماع الثاني لوزراء دفاع دول التحالف المنعقد في مدينة الرياض في 3 فبراير 2024 عن دعم المملكة لصندوق تمويل المبادرات بالتحالف الإسلامي بمبلغ مئة مليون ريال سعودي، بالإضافة إلى تقديمها (46 برنامجاً تدريبياً) ضمن مجالات عمل التحالف، وذلك مساهمة من المملكة مع الدول الأعضـاء لتنفيذ مبادرات التحالف.
وتأتي هذه الفعاليات في إطار الجهود الإقليمية لمحاربة الإرهاب، وتعزيز القدرات المحلية لدول الساحل في مواجهة هذا الخطر، وتبادل الخبرات المشتركة، مع التركيز على نشر قيم التسامح والاعتدال وتعزيز الاستقرار.
والتطرف بمختلف مظاهره وصوره الفكرية، يمثل طيفاً معقداً من التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة رغم تنوع التيارات المتطرفة في استراتيجياتها وخلفياتها، إلا أنها تتشارك في جذور وأسس متشابهة، كما يكشف تقرير صادر عن المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال).
وللتصدي لهذا الخطر، طرح التقرير ثلاث ركائز أساسية، منها تعزيز سلطة القانون والتربية والتركيز على غرس قيم الالتزام بالقانون بدءاً من الأفراد في المراحل المبكرة وصولاً إلى المؤسسات الكبرى، إضافة إلى تعميق التلاحم الاجتماعي مع مؤسسات الدولة لتحقيق هوية وطنية موحدة تدعم الاستقرار وتعزز شعور الانتماء، ورفض التطرف ومقاطعته على جميع المستويات.
وأكد التقرير أن النجاح في مواجهة التطرف يعتمد على تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية سيادة القانون، مع توفير بيئة ترفض جميع أشكال التطرف والعنف، هذه الجهود ليست فقط أمنية بل تشمل جوانب تربوية واجتماعية تؤمن استدامة السلام والاستقرار.
اقرأ أيضاً: السعودية توقع أكبر صفقة طائرات في الشرق الأوسط!