بدأت المملكة العربية السعودية رحلة التغيير الكبرى نحو المستقبل مع رؤية 2030، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، فمنذ إعلانها في عام 2016، انطلقت المملكة بسرعة لتحقيق أهدافها في بناء مجتمع حيوي واقتصاد قوي ومتنوع ومستدام، مستفيدةً من مواردها الطبيعية وموقعها الإستراتيجي.
وقدّم التقرير السنوي لرؤية 2030 لعام 2024 لمحة عن التطور الكبير والإنجازات التي تحققت في العام التاسع منذ انطلاقها، لافتاً إلى أن نسبة المبادرات المكتملة أو التي تسير على المسار الصحيح بلغت 85%، فما هي أهم هذه الإنجازات التي حولت أهداف المملكة الطموحة إلى واقع ملموس؟
إنجازات رؤية السعودية 2030 منذ انطلاقها
-
انخفاض البطالة وتمكين المرأة
يعدّ انخفاض معدل البطالة بين السعوديين من الإنجازات المهمة التي تحققت في إطار رؤية السعودية 2030، فقد تراجع إلى أدنى مستوياته، مسجلاً 7% في عام 2024، ومتفوقاً على مستهدف الرؤية قبل الموعد المحدد.
ويعود هذا التحسن الكبير إلى الزيادة الملحوظة في مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل، التي بلغت 36%، ما يعكس تأثير الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي ساهمت في إعادة تعريف دور المرأة في التنمية، والتي فتحت أمام المرأة آفاقاً جديدة في مجالات التعليم والعمل، فضلاً عن تمكينها من تولي المناصب القيادية.
وكانت الرؤية تستهدف رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 30% بحلول 2030، وقد تحقق الهدف قبل موعده بعشر سنوات، ما أدى إلى رفعه إلى 40% بحلول 2030، في مؤشر قوي على فاعلية السياسات الوطنية التي تعزز التوطين والاستفادة من الكفاءات الوطنية.
اقرأ أيضاً: البطالة تسجل أدنى مستوى تاريخي لها في السعودية!
-
تعزيز دور القطاع الخاص
وأسهمت رؤية المملكة 2030 في تعزيز دور القطاع الخاص، بعد أن كان القطاع الحكومي هو المحرك الرئيسي، وارتفع عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص من 1.7 مليون موظف في 2020 إلى أكثر من 2.4 مليون في 2024.
فقد تم توظيف 437 ألف مواطن ومواطنة في القطاع الخاص خلال عام 2024 فقط، بدعم مالي فاق 7.5 مليار ريال (1.9 مليار دولار) من صندوق تنمية الموارد البشرية، والذي موّل برامج التدريب والتأهيل والإرشاد المهني، ما يعكس التزام الدولة بتطوير كفاءات وطنية قادرة على التكيف مع متطلبات سوق العمل المتجدد.
-
التقدم التكنولوجي
في هذا المجال، حققت المملكة العربية السعودية قفزات هائلة، متفوقةً في الريادة الرقمية على مستوى العالم، فقد احتلت المركز الأول على مستوى العالم في مؤشر مستخدمي الإنترنت، بينما حصلت على المركز الثاني في التحول الرقمي للشركات.
-
الرياضة
شهدت المملكة تطوراً كبيراً في مجال الرياضة، إذ ارتفع عدد الأندية الرياضية إلى 128 نادياً، بينما زادت الاتحادات الرياضية لتصل إلى 97 اتحاداً بنسبة نمو تزيد عن 200%، ووصلت نسبة السعوديات اللاتي يمارسن الرياضة أسبوعياً إلى 46%.
وعالمياً، نظمت المملكة العديد من الفعاليات الكبرى، مثل تأسيس كأس العالم للرياضات الإلكترونية، كما تمكنت من الفوز باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2034.
-
تجاوز الأهداف السياحية
وحتى عام 2024، تجاوزت المملكة أهداف رؤية 2030 في القطاع السياحي، إذ تصدرت دول مجموعة العشرين في نسبة نمو أعداد السياح الدوليين خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي مقارنة بنفس الفترة من عام 2019، وسجلت المملكة ارتفاعاً بنسبة 69% في أعداد الزوار الدوليين، ما وضعها في المركز الثاني عالمياً في هذا المجال.
كما حققت المركز الأول في نمو إيرادات السياحة الدولية بنسبة 148% خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024، فضلاً عن نجاحها في تحقيق مستهدف 100 مليون سائح قبل سبع سنوات من الموعد المحدد، بل زاد عن الهدف وبلغ إجمالي عدد السياح المحليين والدوليين في 2024 نحو 115.9 مليون سائح، ما دفعها لرفع الهدف إلى 150 مليون سائح بحلول 2030.
إلى جانب ذلك، حققت المملكة إنجازاً عظيماً بوصول عدد المعتمرين إلى 16.92 مليون معتمر، متخطيةً الهدف الذي كان 11.3 مليون معتمر، كما تم تصنيف المدينة المنورة كواحدة من أفضل الوجهات السياحية في العالم لعام 2024، ما يعكس مكانتها الثقافية والدينية المهمة على مستوى العالم، ويعزز من جذب السياح من مختلف أنحاء العالم إلى المملكة.
اقرأ أيضاً: ما هي الإجراءات السعودية المتعلّقة بموسم الحج 2025؟
-
الثقافة ورؤية 2030
كثيرة هي المشاريع والمبادرات الثقافية التي تم تأسيسها وتطويرها بعد الإعلان عن رؤية 2030، ففي عام 2018، تأسست وزارة الثقافة، وتم إطلاق مشروع محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، وفي عام 2019، أُطلِق برنامج الابتعاث الثقافي وبرنامج الرياض آرت ومهرجان البحر الأحمر السينمائي.
وتأسست مؤسسة بينالي الدرعية المعنية بالفنون المعاصرة في عام 2020، وتم إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وفي 2021، تم إطلاق استراتيجيات لتطوير قطاع المسرح والفنون الأدائية والموسيقى، إضافة إلى إطلاق برنامج “طروق السعودية” لرصد الفنون التراثية وتأسيس المعهد الملكي للفنون التقليدية.
وشهد عام 2022 إطلاق برنامج تمويل قطاع الأفلام وبدء عمل المركز السعودي للموسيقا، كما تم إصدار دليل توثيق التراث الثقافي وأرشفته الرقمية، وفي 2023، تأسست جمعية مهنية للموسيقا في الرياض وأُطلِق مؤشر الثقافة في العالم الإسلامي.
وكان عام 2024 كذلك غنياً بالنجاحات الثقافية، إذ تم تسجيل 16 عنصراً ثقافياً سعودياً في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو مثل آلة السمسمية والحناء والورد الطائفي وغيرها، وحققت المملكة مستهدفها في تسجيل 8 مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي لليونسكو قبل الموعد المحدد في 2030، مثل محمية عروق بني معارض في الربع الخالي ومنطقة الفاو الأثرية بوادي الدواسر، وما ذكرناه فقط لمحة بسيطة عن الإنجازات في القطاع الثقافي.
-
المبادرات البيئية وتحسين جودة الحياة
ومنذ إطلاق رؤية 2030، نفذت المملكة مبادرات بيئية كبيرة، مثل زراعة أكثر من 115 مليون شجرة، وإعادة تأهيل 118 ألف هكتار من الأراضي، كما أسهم القطاع الزراعي بمبلغ 114 مليار ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى نجاح جهود إعادة توطين الحيوانات المهددة بالانقراض.
وبالنسبة لجودة الحياة، شهدت المملكة تحسناً واضحاً، فقد تم تحقيق تغطية خدمات الرعاية الصحية لـ96.4% من التجمعات السكانية، وارتفع متوسط عمر الإنسان في المملكة ليصل إلى 78.8 عاماً، وكاد يصل إلى المستهدف البالغ 80 عاماً، إلى جانب ذلك، ارتفعت نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن إلى 65.4% في 2024، مقارنة بـ47% في 2016.
-
إنجازات القطاع الصحي
أظهر التقرير السنوي لرؤية 2030 تحقيق المملكة إنجازات كبيرة في القطاع الصحي، حيث أُدرِجت 7 مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى في العالم، كما حصلت 16 مدينة سعودية على اعتماد “مدن صحية”،
ومن الإنجازات اللامعة، دخول مستشفى صحة الافتراضي موسوعة غينيس كأكبر مستشفى افتراضي في العالم، إضافة إلى تحقيق مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث المركز الأول عالمياً في استخدام التقنية الطبية، كما ارتفعت نسبة جاهزية المناطق الصحية في المملكة لمواجهة المخاطر الصحية إلى 92%.
وفي الجانب ذاته، انخفض معدل وفيات الحوادث المرورية لكل 100 ألف نسمة من 17.6 في عام 2018 إلى 12.3 في عام 2024، كما سجّل مؤشر الثقة في الخدمات الأمنية في المملكة مستوى مرتفع بلغ 99.85.
اقرأ أيضاً: أول مستشفى رقمي في المملكة العربية السعودية
-
التنمية المستدامة ورؤية 2030
وفي هذا الجانب المهم، حققت المملكة تقدماً ملحوظاً، فقد شهد قطاع النقل تحولاً بارزاً مع إطلاق الحافلات وسيارات الأجرة التي تعمل بالهيدروجين، مؤكداً التزام المملكة الجاد بتبني تقنيات مبتكرة وصديقة للبيئة.
كما ساهمت مشاريع الطاقة المتجددة في خفض تكاليف إنتاج الكهرباء بشكل واضح، لتصبح تكلفة الكهرباء من المصادر المستدامة من بين الأدنى عالمياً.
إلى جانب ذلك، دشنت المملكة أول محطة لتحلية المياه تعمل بالطاقة الشمسية في العالم، وهو مشروع رائد يعزز استدامة المياه في المملكة، وتم تشغيل 4 مشاريع جديدة للطاقة المتجددة.
وبهذا الكم الهائل من الإنجازات خلال أقل من عشر سنوات، والذي ذكرنا أبرزها فقط، تواصل رؤية 2030 السعودية رسم ملامح مستقبل مشرق، حيث تتحول الطموحات إلى واقع ملموس… ومع كل خطوة، تقترب المملكة أكثر من تحقيق أحلامها التي لا تعرف حدوداً، لتبني نموذجاً عالمياً يُحتذى به في التنمية المستدامة والنهضة الشاملة، بقيادة طموحة وإرادة لا تعرف المستحيل.
اقرأ أيضاً: السعودية تعتزم تسويق الهيدروجين الأخضر في أوروبا عبر ألمانيا