في خطوة تعكس التوجه العالمي نحو الاستثمار في الصناعات التحويلية المتقدمة، أعلن تحالف يضم جهات بريطانية وسعودية وإماراتية عن إبرام اتفاق إطاري لضخ استثمارات بقيمة تقارب 7 مليارات دولار لإنشاء مجمع متطور للصناعات البتروكيماوية في مصر، وتحديداً في المنطقة الصناعية بمدينة العلمين الجديدة.
ووفقاً لما أوردته شركة “شارد كابيتال بارتنرز إل إل بي” البريطانية، فإن المناقشات الأولية تجري حالياً مع شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة من أجل تطوير وتشغيل منطقة إمداد المشروع، وذلك ضمن نموذج البناء والتملك والتشغيل (BOO)، والذي يهدف إلى تحقيق استدامة طويلة الأمد في تشغيل المجمع.
ويسعى المشروع المرتقب إلى إنشاء منظومة إنتاج متكاملة قادرة على توفير 3.1 مليون طن سنوياً من ثماني مواد بتروكيماوية متخصصة، مستفيداً من الزيت الخام كمادة أولية رئيسية، وتُعزز هذه الخطوة مكانة مصر كمركز إقليمي مهم لصناعة البتروكيماويات، حيث يُتوقع أن يسهم المشروع في تحسين القيمة المضافة للموارد الطبيعية المحلية.
ويتميز المجمع الجديد بتضمنه مصفاة متطورة إلى جانب وحدة تكسير بخار مختلطة، ما يجعله قادراً على تحقيق واحد من أعلى معدلات التحويل على مستوى العالم، كما يعتمد المشروع على أحدث الابتكارات التقنية لضمان كفاءة إنتاجية قصوى، مما يعزز من قدرته على تحويل الزيت الخام إلى منتجات نهائية ذات قيمة اقتصادية عالية.
علاوة على ذلك، من المتوقع أن يسهم المجمع في زيادة صادرات مصر من المنتجات البتروكيماوية، مما يعزز حضورها التنافسي في الأسواق العالمية.
اقرأ أيضاً: بوريس جونسون: السعودية سبقت بريطانيا!
وفيما يتعلق بالتكنولوجيا المستخدمة، أشار البيان الصادر عن “شارد كابيتال” إلى أن المجمع سيستفيد من تقنيات متطورة مقدمة من شركات عالمية مثل “هني ويل”، بالإضافة إلى عدة مؤسسات أخرى متخصصة في تقنيات الاستدامة الصناعية. ويهدف المشروع إلى تقليل الفاقد الصناعي والانبعاثات الكربونية، بما يتماشى مع أحدث معايير البيئة والاستدامة، ما يعكس حرص التحالف الاستثماري على تبني ممارسات صديقة للبيئة.
ويتضمن المشروع شراكة استراتيجية مع “رويال استراتيجيك بارتنرز” الإماراتية ومجموعة القحطاني السعودية، ما يعزز التكامل الاقتصادي بين مصر ودول الخليج والمملكة المتحدة، ويدعم جهود التعاون الإقليمي في مجال الصناعات التحويلية المتقدمة.
ختاماً، وبالنظر إلى التأثيرات الاقتصادية المأمولة، يُتوقع أن يوفر المشروع حوالي 20 ألف فرصة عمل خلال مرحلة الإنشاء، إضافة إلى 3 آلاف وظيفة مباشرة عند بدء التشغيل الفعلي، مما يعزز فرص توظيف الكوادر المصرية في قطاع البتروكيماويات، كما سيساهم المشروع في نقل الخبرات والمعرفة التقنية إلى السوق المصري، مما يعزز الكفاءة المحلية ويدعم تطوير مهارات القوى العاملة.
وفي هذا السياق، أكد وليام بلاين، مستشار أسواق المال لدى “شارد كابيتال بارتنرز”، أن المجمع يمثل تحولاً نوعياً في قطاع البتروكيماويات، نظراً لاعتماده على أحدث التقنيات الأوروبية والأمريكية في تحويل المواد الخام إلى منتجات ذات قيمة مضافة، ما ينعكس إيجابياً على العوائد الاقتصادية لمصر.
اقرأ أيضاً: لقاء يجمع قادة الخليج والأردن ومصر في الرياض
ومن جانبه، أوضح توبي رينكوك، الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية، أن التعاون الوثيق بين المستثمرين الدوليين والحكومة المصرية سيؤدي إلى تعزيز القدرات الصناعية لمصر، وتوسيع آفاق التصدير، فضلاً عن خلق فرص عمل مستدامة، مما يدفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام. كما أشار إلى أن هناك دراسات جارية بالتعاون مع جهات متخصصة في الولايات المتحدة لاستكشاف إمكانية إنتاج الهيدروجين الأزرق، في خطوة نحو تعزيز الاستدامة البيئية وتوفير حلول طاقة أكثر نظافة وكفاءة.
إن المشروع المرتقب ليس مجرد استثمار صناعي، بل هو جزء من رؤية أوسع تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي متطور للصناعات التحويلية، وتعزيز قدرتها على المنافسة في سوق البتروكيماويات العالمي. فمن خلال الجمع بين التكنولوجيا الحديثة، والشراكات الاستراتيجية، والاستفادة من الموارد الطبيعية، يتوقع أن يسهم هذا المجمع في رسم ملامح جديدة لقطاع البتروكيماويات في المنطقة.
اقرأ أيضاً: يوم التأسيس السعودي يروي أمجاد الماضي بلغة المستقبل