استمراراً للجهود المبذولة في الحفاظ على التراث الثقافي، أعلنت هيئة التراث السعودية تسجيل 25 موقعاً تراثياً عمرانياً جديداً في منطقة الباحة، في إطار استراتيجية الهيئة لتوثيق ورقمنة المواقع التراثية، من خلال إنشاء سجل رقمي متكامل يضم المواقع التاريخية في مناطق المملكة المختلفة، بما في ذلك المدن والمحافظات والمراكز والقرى في منطقة الباحة.
ففي محافظة قلوة، أدرجت الهيئة أربعة مواقع تاريخية غنية بالتراث والثقافة، من بين هذه المواقع، تبرز قرية بران التراثية، التي يعود تاريخها لأكثر من 500 عام، وتتميز بمبانيها الحجرية المتعددة الطوابق، وكانت بران سابقاً تُعرَف بزراعة البن والرمان والمشمش، إضافة إلى الدخن والذرة والشعير، كما تحتوي على برك تقليدية لتخزين مياه الأمطار، وهذا الأمر يعكس ذكاء سكانها في إدارة الموارد.
أما قرية صدر بير، فيُقدَّر عمرها بـ 1246 عاماً تقريباً، وتمتاز بموقعها الفريد المطل على الجبال والأودية، حيث تتدفق المياه الجارية بين أشجارها المثمرة، كما تشمل المواقع قرية آل عمر، ويزيد عمرها عن 500 عام، وقرية منشلة التراثية، التي تحتفظ بعبق الماضي وجمال الطبيعة حتى اليوم.
اقرأ أيضاً: كهوف الباحة: حقائق تاريخية ترويها الجدران عن الأجداد
وفي القطاع التهامي، سجلت هيئة التراث قرية الزناد، الواقعة في محافظة غامد الزناد، وتمتد جذورها لأكثر من 150 عاماً، وعند زيارة القرية، يلفت الزوار طرازها المعماري الجنوبي الفريد، حيث ترتفع مبانيها التراثية على تلة، وتتكون من طوابق متعددة مصنوعة من الحجر.
ومن القرى التاريخية التي سجلتها الهيئة في المخواة هناك قرية الحمدة، التي تعود جذورها إلى 500 عام، ومع ذلك فهي تتألق حتى الآن بجمال طبيعتها المتنوعة، فتتناغم الأشجار مع جريان المياه المتدفقة من الجبال إلى أعماق الأودية، وتكتسي الجبال بلونها الأخضر الزاهي بعد هطول الأمطار.
كذلك الأمر في قطاع السراة، وثقت هيئة التراث عدة مواقع أثرية، منها قرية السواد التراثية وعمرها أكثر من 200 عام، وتقع على قمة تلة طبيعية في جبال السروات، متميزةً ببيوتها ذات الطابق الواحد، الأمر الذي جعل أبنيتها متلاصقة وممراتها ضيقة لتلبية احتياجات سكانها، ومن بين المعالم الأخرى، نجد قرية حميم غامد التراثية، ومسجد الملد التراثي الذي شيد في عام 1364هـ، كذلك قرية الحلة التراثية وقرية الموسى، وقد بلغت نسبة الترميم فيهما أكثر من 90%.
اقرأ أيضاً: مدينة الباحة: الجبال الشامخة والطبيعة الساحرة لعيش تجربة تراثية عريقة
في محافظة المندق، سُجِّلت قرى مثل القرن والريحان ورمس، إلى جانب قصر آل عيفه وقرية ذيب التراثية، أما في محافظة القرى، فقد حظي حصن الشهابية، الذي يعود عمره إلى حوالي قرنين، بالتسجيل، بُني هذا الحصن من الحجر المشذب ويمتاز بارتفاعه الذي يصل إلى 15 متراً، فقد كان يستخدم كنقطة مراقبة وسكن ودفاع في آن واحد، ويتكون من ستة طوابق تعكس عبق التاريخ.
ويأتي بيت عبد العزيز شهوان التراثي، الذي يعود تاريخه إلى 150 عاماً، ليكون شاهداً على الحضارة والتقاليد المحلية، وهو في محافظة بلجرشي، وفيها أيضاً سُجِّلت قرية الجبل وقرية الجدلان التراثية، إضافة إلى قرية سنان بحواله، التي تحمل في طياتها قصصاً من الزمن الجميل.
وفي محافظة بني حسن، تتألق معالم أخرى، مثل حصن ذيبان الذي يعتز بارتفاعه البالغ 14 متراً وعرض 8 أمتار، إذ كان يُستخدم لأغراض الدفاع والمراقبة، وإلى جانبه، يبرز حصن المشدة ليكمل لوحة التراث الغني في المنطقة، وقرية أريمة التراثية، التي تضيف لمسة مميزة إلى هذا الإرث الحضاري.
اقرأ أيضاً: أشيقر.. جوهرة تاريخية و أقدم القرى في السعودية
وتعليقاً على تسجيل هذه المواقع الأثرية، أفاد مدير فرع هيئة التراث بالباحة، عبد الرحمن بن سعد الغامدي، أن الهيئة تهدف من خلال تسجيل وتوثيق المواقع الأثرية والتراثية إلى الحفاظ على الإرث التاريخي والثقافي، الذي يعكس الغنى والتنوع الفريد لتراث المملكة، كما أنها تعمل بجد على تطوير استراتيجيات فعالة لإدارة وصون وحماية هذه المواقع، لضمان استدامتها وبقاءها للأجيال المقبلة.
وكانت الإحصائيات الرسمية لهيئة التراث، قد كشفت أن منطقة الباحة تحتضن 152 موقعاً تراثياً معمارياً، و119 موقعاً أثرياً، و720 موقعاً للتراث غير المادي، وكل هذه المواقع تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي، وتعد مصدراً غنياً للقيمة المضافة في الاقتصاد الوطني.
وتفتح القرى التراثية والمواقع التاريخية في منطقة الباحة أبوابها على مدار العام، وقد أصبحت وجهات سياحية مميزة تجذب الزوار والسياح من أنحاء العالم، كما تشهد المنطقة إقامة مهرجانات تراثية وطنية وثقافية، تتيح للجميع التعرف على الحياة الاجتماعية للأهالي القدامى.
وتقدم هذه المهرجانات مجموعة من الفنون التراثية الشعبية، مثل العرضة والمسحباني، إضافة إلى استعراض العادات والأزياء التقليدية والمأكولات الشعبية، كما تعكس تفاصيل العمارة والمهن التقليدية التي كانت أساسية في حياة الأجداد، مثل الزراعة والرعي والتجارة، والحرف اليدوية كالبناء والنجارة.
اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن رقصة السيف أو العرضة النجدية في السعودية؟