في خطوة ذكية قامت المملكة العربية السعودية بتعليق القبول الجامعي في بعض الكليات في الجامعات السعودية، حرصاً منها على التوفيق بي مخرجات التعليم العالي وسوق العمل، وبرز في الفترة الأخيرة نقاش واسع حول جدوى استمرار بعض الكليات والتخصصات التي لا تتماشى مع احتياجات السوق المتغيرة، مع اقتراحات بإمكانية إغلاقها أو إعادة هيكلتها.
وتعاني بعض التخصصات الأكاديمية في الجامعات السعودية من عدم وجود طلب كبير عليها في سوق العمل مما يؤدي إلى تكدس الخريجين في تخصصات لا توفر فرص عمل كافية، وهذا الوضع يضع ضغطاً إضافياً على مقدمي الخدمة والقطاع الخاص في خلق فرص بديلة أو تحمل التكاليف الاقتصادية للتوظيف في قطاعات غير منتجة بما يكفي، كما يعاني سوق العمل السعودي من فائض في خريجي بعض التخصصات مثل التاريخ والأدب وبعض العلوم الإنسانية والإدارية، وفي المقابل هناك نقص حاد في تخصصات تتعلق بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والهندسة والطب، وسط مطالبات بأن تسعى وزارة التعليم – بالتعاون مع الجهات المعنية إلى دراسة إمكانية إغلاق أو تقليص بعض الكليات التي لم تعد تقدم فائدة مباشرة لسوق العمل.
وبدلا من ذلك، يمكن تعزيز الكليات ذات الطلب العالي في السوق، مثل الكليات التقنية والصحية وكذلك برامج التدريب المهني التي تقدم مسارات سريعة لتأهيل الشباب للانخراط في العمل، وأيضاً إعادة هيكلة المناهج الأكاديمية في بعض الكليات لتشمل مهارات حديثة تتناسب مع متطلبات السوق الرقمي المتطور، وعلى سبيل المثال، يمكن إدخال مواد متعلقة بالتقنيات الحديثة والتحليل الرقمي في التخصصات الإنسانية والاجتماعية بحيث تصبح أكثر توافقا مع الاحتياجات الجديدة.
ويرى آخرون أن هذه الخطوة قد تكون محفوفة بالتحديات الاجتماعية والثقافية فبعض هذه التخصصات تمثل جزءً من الهوية الأكاديمية والثقافية للمجتمع، وتلعب دوراً في الحفاظ على التراث الفكري؛ لذلك يفضل البعض البحث عن حلول وسطى، مثل تقديم برامج ماجستير ودكتوراه تركز على الأبحاث الثقافية والتاريخية مع تقليص عدد الخريجين في هذه التخصصات على مستوى البكالوريوس.
وقد يكون إغلاق الكليات غير المتوافقة مع متطلبات سوق العمل خطوة جريئة لتحقيق التوازن بين التعليم والتنمية الاقتصادية، ومع ذلك يجب أن يتم ذلك بطريقة مدروسة تأخذ في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والثقافية، مع تعزيز التخصصات الحيوية، وضمان تقديم فرص تعليمية متنوعة للشباب بما يتناسب مع متغيرات العصر.
وكان قد أشار الأمين العام لمجلس الجامعات الدكتور محمد الصالح منذ عام مضى إنه سيتم إغلاق عشرات التخصصات في الجامعات والكليات لا تحتاجها سوق العمل، وأضاف الصالح، في ندوة بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل بالدمام بعنوان “دور الجامعات في تحقيق مستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية”، ضمن جدول أعمال الاجتماع الخامس والعشرون لرؤساء ومديري الجامعات ومؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي استضافته الجامعة في المنطقة الشرقية، إن هناك عشرات التخصصات غير النوعية” سيتم إحلالها في مرحلة البكالوريوس والدبلوم.
وتابع: حوالي 70 كلية منتشرة في جميع أنحاء المملكة، بها تخصصات لا تحتاجها سوق العمل وسيتم تحويل تخصصاتها إلى تخصصات تطبيقية نوعية”، مشدداً على أن التحول إلى كليات تطبيقية يعد واحداً من مخرجات إعادة الهيكلة”.
وتابع أن ذلك سيكون وفقاً لنظام الجامعات الجديد، الذي سيتم تطبيقه في 6 جامعات، موضحا أن النظام حدد 3 كمرحلة أولى هي: “جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبد العزيز، وجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل”، على أن تبدأ في التطبيق خلال سنتين من بعد صدور الأمر السامي في العام 1441هـ ، متوقعا تطبيق نظام الجامعات الجديد على غالبية الجامعات السعودية بحلول 2025م.
وقال: “ستتمكن الجامعات الثلاث من الاستقلالية المنضبطة في بناء لوائحها الأكاديمية والمالية والإدارية وإقرار تخصصاتها وبرامجها وفق الاحتياجات التنموية وفرص العمل في المنطقة التي تخدمها، وذلك وفق السياسات العامة التي تقرها الدولة من خلال مجلس شؤون الجامعات”.
قام أحد المراكز البحثية بالقيام بدراسة حول التخصصات العلمية المطلوبة في سوق العمل : الأمن السيبراني، والأعمال التجارية والتمويل، والطب، كما سجلت أسواق العمل في العديد من دول العالم المتقدم أعلى طلب على تخصصات مثل الطاقة المتجددة، المحاسبة، نظم المعلومات، الأمن السيبراني، البرمجة، هندسة البرمجيات، الهندسة الميكانيكية، هندسة الحاسوب، الهندسة الإلكترونية، العلوم المالية والمصرفية، الاقتصاد، الاقتصاد الإسلامي، التمويل والاستثمار، التأمين وإدارة المخاطر، الرياضيات المالية والاكتوارية، الهندسة الكهربائية، الهندسة النووية، الهندسة الكيميائية.
اقرأ أيضاً: مصانع المستقبل قريباً في الجامعات السعودية