يمثل سوق العمل في المملكة العربية السعودية حالياً ساحة متشعبة ومتسارعة النمو، ويطرح على الفئات كافةً التحديات والفرص المتنوعة.
ومن خلال فهم ديناميكيات سوق العمل السعودي واحتياجاته، يمكن للشركات والمؤسسات الاستفادة من الموارد المتاحة لها إلى أقصى حد.
وإن التغيرات المتسارعة التي تطرأ على سوق العمل في السعودية تضع الشباب السعودي في مفترق طرق بين الواقع والمستقبل، وتجبرهم على مواكبة وتيرة التطورات للحفاظ على عملهم أو البحث عن فرص أفضل.
يوجد تحديات عديدة التي يواجهها الشباب السعودي في الحصول على وظائف في القطاع الخاص، ومن أبرزها التنافسية الشديدة التي تعود إلى التزايد السريع في عدد المؤسسات التعليمية والجامعات، الأمر الذي يزيد عدد الخريجين ويزيد مستوى التنافس بين أعداد كبيرة.
ومن التحديات أيضاً عدم وجود الخبرة العملية الكافية خاصة بالنسبة للخريجين الجدد، حيث أن أغلب أصحاب العمل يطلبون موظفين بخبرة سنوات كثيرة وهذا يجعل الحصول على وظيفة أمراً معقداً.
وللحصول على خبرة في مهن عديدة لا بد من الحصول على دورات تدريبية متخصصة وشهادات وهذا الأمر مكلف مادياً، ما يجعله تحدياً أمام الشباب.
ويعد تطور التكنولوجيا السريع من التحديات المهمة، لأنه لا بد من تعلم المهارات الجديدة ومواكبة التطورات، وإلا فإن الموظف الغير قادر على التجديد معرضاً لخطر الاستبعاد.
اقرأ أيضًا: المدارس الدولية في السعودية: بوابة نحو آفاق عالمية وتطوير مستدام لسوق العمل
ويلعب القطاع الخاص دوراً مهماً في توفير فرص العمل للشباب والشابات في المملكة، خاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما تهدف رؤية 2030 إلى خلق فرص عمل جديدة في قطاعات كثيرة، مثل السياحة والصناعة والتكنولوجيا.
هذا وتقدم الحكومة السعودية برامج ومبادرات متنوعة لتعزيز مهارات الشباب وتأهيلهم لسوق العمل، ومن أبرز هذه المبادرات، مبادرة العمل المرن، وهو نظام يمكّن صاحب العمل من التعاقد مع الباحثين عن وظائف بشكل مرن.
ويتم احتساب الأجر على أساس الساعة، دون التقيد بإجازات مدفوعة الأجر أو مكافآت نهاية الخدمة.
يوجد أيضاً برنامج دروب، وهو منصة وطنية للتدريب الإلكتروني، وهي إحدى مبادرات صندوق تنمية الموارد البشرية “هدف”، وتسعى المبادرة إلى تطوير المهارات الوظيفية للقوى الوطنية لمساعدتهم في الحصول على الوظيفة المناسبة.
أما أكاديمية هدف للقيادة فتهدف إلى تطوير الشباب السعودي الطموح من منسوبي القطاع الخاص للجنسين، وتوليهم قيادات المنشآت في السعودية.
ويبرز من المبادرات أيضاً برنامج تمهير، والذي يستهدف الخريجين السعوديين بهدف تدريبهم في المؤسسات الحكومية والشركات المميزة في القطاع الخاص.
وفي خطوة مهمة اتخذتها الحكومة السعودية لدعم التوظيف، كان هناك برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المخصص للشركات المحلية، الذي دشنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بهدف تطوير الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتسريع تحقيق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في زيادة مرونة الاقتصاد.
وكشف الأمير محمد بن سلمان وقت إطلاق البرنامج، أن القطاع الخاص المحلي سيستثمر 5 تريليونات ريال حتى العام 2030 في إطار برنامج الشراكة مع القطاع الخاص المسمى “شريك” للمساعدة في تنويع موارد الاقتصاد.
اقرأ أيضًا: توطين المهن الهندسية: فرصة ذهبية للشباب في المملكة العربية السعودية
ومن أجل تحسين فرص توظيف الشباب السعودي في القطاع الخاص يوجد توصيات عديدة، أبرزها عدم التوقف عن التعلم واكتساب المهارات الجديدة خاصة بما يتوافق مع التطور التكنولوجي السريع.
كما يجب على الشباب أن يتعاملو بمرونة ويطوروا قدراتهم على التكيف مع المتغيرات السريعة في سوق العمل، فضلاً عن تطوير مهاراتهم في التفكير النقدي وحل المشكلات التي قد تواجههم خلال العمل.
وعمليات التواصل مع الخبراء في مجال عملهم من الأمور التي تزيد من فرصهم في التطور والارتقاء إلى مستوى عالي من الخبرة والمهنية.
في الختام، يعد القطاع الخاص الطرف الثاني في التأثير على نمو القطاع الاقتصادي في كل دولة بعد القطاع العام، ويعد من العناصر المهمة من عناصر التوازن في الاقتصاد المحلي والعالمي، ولكي يتمكن الشباب السعودي من العمل في هذا القطاع لا بد من الاستعداد والتأقلم مع متطلبات السوق المتغير للمساهمة في بناء مستقبل مزدهر للبلاد.
اقرأ أيضًا: ما هي أبرز التعديلات الجديدة على قانون العمل السعودي؟