لطالما كان النفط عنصراً رئيسياًّ في دوران عجلة الاقتصاد العالمي، ووسط التقلبات الاقتصادية الكبرى التي يشهدها الاقتصاد العالمي، يقف تحالف «أوبك بلس» كحارس للاستقرار وسط بحر متلاطم من التحديات، ففي ظل واقع اقتصادي حساس، يتجدد الحوار بين القوى الكبرى في هذا التحالف لرسم خريطة طريق جديدة، هدفها الحفاظ على التوازن المنشود، والبحث عن صيغة تعيد ضبط إيقاع السوق بما يخدم مصالح الجميع.
وفي التفاصيل، فقد أعلنت السعودية وروسيا والعراق عن تأكيدها على أهمية استمرار تعاون دول تحالف «أوبك بلس» والتزامها الكامل باتفاقياتها، بما في ذلك التخفيضات الطوعية التي جرى الاتفاق عليها بين الدول الثماني، إضافة إلى تعويض أي زيادات في الإنتاج.
ووفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية، شهدت العاصمة العراقية بغداد اجتماعاً ثلاثياً ضم وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، ونائب رئيس الوزراء الروسي ألكساندر نوفاك، ووكيل شؤون التوزيع في وزارة النفط العراقية علي معارج البهادلي.
وشدد المجتمعون على ضرورة المحافظة على استقرار أسواق النفط العالمية وتوازنها، مشيرين إلى الدور الحيوي الذي تلعبه مجموعة «أوبك بلس» في تحقيق هذا الهدف، وأكّد الاجتماع على أهمية احترام جميع الأطراف لالتزاماتها ضمن الاتفاق، بما يشمل التخفيضات الطوعية وتعويض الإنتاج الزائد.
من جانبه، أكّد العراق، ممثلاً بوكيل شؤون التوزيع في وزارة النفط، التزامه التام بالتخفيضات الطوعية وبجدول التعويضات الذي جرى تقديمه لأمانة منظمة «أوبك».
اقرأ أيضاً: ما حقيقة تهديدات السعودية لـ «أوبك+» وقصة الـ 50 دولار؟
وفي سياق متصل، أصدرت الحكومة العراقية بياناً أشارت فيه إلى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التقى بوزير الطاقة السعودي ونائب رئيس الوزراء الروسي، وأكد اللقاء على أهمية تحقيق استقرار الأسواق العالمية للطاقة، مع التأكيد على التوازن والأسعار العادلة، إلى جانب دور «أوبك بلس» الأساسي في هذا المجال.
أمّا فيما يتعلق بخطط التحالف المستقبلية، فقد أفادت مصادر في «أوبك بلس»، وفق وكالة رويترز، بأن الاجتماع المقبل للتحالف المقرر عقده أوائل ديسمبر سيُجرى عبر الإنترنت، ومن المتوقع أن يتم خلاله مناقشة تأجيل جديد لزيادات الإنتاج المقررة، نظراً لضعف الطلب العالمي.
وأشارت المصادر إلى أن الاجتماع الأخير لتحالف «أوبك بلس» في يونيو عُقد بمشاركة معظم الوزراء افتراضياً، بينما اجتمعت مجموعة من الدول الثماني المنفذة للتخفيضات الطوعية بشكل مباشر في الرياض، وتُدرس الآن إمكانية تنظيم اجتماع مماثل حضورياً في إحدى دول الخليج، رغم أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن.
يشار إلى أن تحالف «أوبك بلس»، الذي يجمع بين منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» وشركائها من خارج المنظمة، تأسس في أعقاب الأزمات التي عصفت بأسواق الطاقة العالمية، وقد برز دوره كركيزة أساسية لضبط إنتاج النفط وتحديد أسعاره بما يتماشى مع تقلبات الطلب والعرض.
ومع تعافي العالم تدريجياً من آثار الجائحة، بات التحالف أمام تحديات جديدة تتمثل في ضعف الطلب العالمي، والتقلبات الجيوسياسية، ومخاوف التباطؤ الاقتصادي، وهذا ما يجعل أي قرار يُتخذ في اجتماعات «أوبك بلس» أكثر حساسية وأبعد تأثيراً على مسار الأسواق العالمية للطاقة.
اقرا أيضاً: السعودية وبريكس: محادثاتٌ مع روسيا ولقاءٌ في قلب الهند
وأوبك (OPEC)، اختصاراً لـ منظمة الدول المصدرة للبترول (Organization of the Petroleum Exporting Countries)، هي منظمة دولية تأسست عام 1960 في بغداد، وتهدف إلى تنسيق السياسات البترولية بين الدول الأعضاء لضمان استقرار أسواق النفط العالمية وتحقيق أسعار عادلة للنفط.
يقع مقر المنظمة حالياً في فيينا، النمسا، وتضم دولاً رئيسية مصدرة للنفط، منها: السعودية، العراق، إيران، الإمارات، وغيرها، وتعمل المنظمة على التحكم في الإنتاج لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمية.
أمّا أوبك بلس (OPEC+)، فهي اتفاقية توسعية أُبرمت عام 2016 بين أعضاء أوبك ومجموعة من الدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة، بهدف تعزيز التعاون لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط، وتضم 23 دولة، من بينها دول أوبك و10 دول غير أعضاء، مثل: روسيا، كازاخستان، المكسيك، عمان.