في ليلةٍ تحاكي سحر الأساطير، امتزج بريق الأضواء بصدى الموسيقى، وشهدت الرياض حدثاً غير عادي أعاد تشكيل حدود المشهد الثقافي والفني فيها، وكانت جينيفر لوبيز Jennifer Lopez، التي باتت رمزاً عالمياً للشهرة والإبهار؛ النجمة التي حملت معها وهج هوليوود إلى أرضٍ تعدّ مركزاً دينياً كبيراً، وتختزن قيماً عربية أصيلة.
عرضٌ استثنائي قدمته لوبيز، لكن بين التصفيق الحار والأنوار المتلألئة، تعالت أصوات تروي حكاية أخرى؛ فدار جدلٌ تردد صداه بقوة على كافة وسائل التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر البعض أن ما حدث نشازاً في سيمفونية القيم التقليدية للمملكة، ليبلغ الأمر مستوى عالٍ طرحت عنده تساؤلات كبرى عن الانفتاح وأسئلة الهويّة.. إليكم التفاصيل!
في إطار فعاليات موسم الرياض 2024، نظّمت هيئة الترفيه السعودية، برئاسة المستشار تركي آل الشيخ، عرض أزياء تاريخي للمصمم اللبناني العالمي إيلي صعب، تحت عنوان «1001 موسم من إيلي صعب».
أُقيم العرض في العاصمة السعودية الرياض، وشهد حضوراً لافتاً لعدد من النجوم العالميين، وقدّم إيلي صعب خلاله مجموعة من تصاميمه المستوحاة من حكايات «ألف ليلة وليلة»، بلمسة عصرية تجمع بين التراث العربي والأناقة الحديثة.
وكانت مفاجأة العرض حضور جينيفر لوبيز، التي أدّت مجموعة من أغانيها الشهيرة، أبرزها «On The Floor»، ما أضفى حماساً وإثارة على الأجواء، فيما اختارت لوبيز إطلالة جريئة، إذ ارتدت «بلاي سوت» مرصّعاً بالكريستال، مع «كاب» من الفرو والريش الأبيض، مستوحى من نجمات هوليوود القديمة.
ولا شك، أن لهذا الحدث جانبه الإيجابي، فهو يعدّ خطوة كبيرة في تعزيز مكانة الرياض كوجهة عالمية للموضة والترفيه، إذ استقطب نجوماً عالميين وسلّط الضوء على المصممين العرب، كما يعكس الانفتاح الثقافي الذي تشهده المملكة، وسعيها لتنويع مصادر الترفيه وجذب السياح.
اقرأ أيضاً: عرض إيلي صعب في موسم الرياض 2024
لكن رغم النجاح الذي حققه الحدث، إلا أنه واجه انتقادات من بعض الأوساط السعودية والعربية، وتركّزت الانتقادات على إطلالة جينيفر لوبيز الجريئة وأدائها الاستعراضي، إذ اعتبرها البعض غير مناسبة للثقافة السعودية المحافظة، وعبّر بعض السعوديين عن استيائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى أن مثل هذه الفعاليات لا تتوافق مع قيم المجتمع السعودي الأخلاقية والدينية.
ووصل الأمر ببعض المنتقدين إلى ادّعاء أشياء لم تحدث إطلاقاً بإطار الحملة الشعواء التي شنت من خارج حدود المملكة عليها، عبر شائعات نفتها هيئة الترفيه السعودية، مثل رقص جينيفر لوبيز بسيف «ذو الفقار» أو وجود مجسم للكعبة في العرض، مؤكدة أن هذه المعلومات غير صحيحة.
وبينما يرى البعض أن استضافة نجوم عالميين وإقامة فعاليات ترفيهية متنوعة يُسهم في تعزيز صورة المملكة عالمياً، يرى آخرون أن هناك حاجة لمراعاة القيم والتقاليد المحلية عند تنظيم مثل هذه الفعاليات، إذ قال أحد المغردين مستنكراً على «X»: «تعري ورقص ومجون على أرض الحرمين.. هكذا يضرب محمد بن سلمان هوية السعودية»، بينما قال آخر: «ما أتوقع أهل السعودية راضيين عن هيك شي».
بالمقابل، كان هنالك من يقول: «لا افهم سبب انزعاج الناس من مظهر جينيفر لوبيز في السعودية! أنا داعم ومؤيد لرؤية بن سلمان وصاحبه تركي ال الشيخ للسعودية 2030» وذهب آخر للقول: «حفلات جميلة ونقلة نوعية للرياض والسعودية تضعها على خارطة أهم المدن في العالم، وخطة ذكية للترويح للمملكة سياحياً واقتصادياً وسياسياً، وكسر للصورة النمطية المشوهة عنها وعن أهلها».
يشار إلى أن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية، علّق على مشاركة النجمة العالمية جينيفر لوبيز في فعاليات موسم الرياض، فبعد أن وضعت لوبيز بصمتها على جدار الشهرة بموسم الرياض، نشر آل الشيخ صورة لها عبر حسابه على منصة «إكس»، وعلّق قائلاً: «للتاريخ» في إشارة إلى تقديره لمشاركة لوبيز في الحدث.
ختاماً، يُظهر هذا الحدث التحديات التي تواجهها المملكة في تحقيق توازن ما بين الانفتاح الثقافي، والحفاظ على القيم والتقاليد المحلية، وهي مسألة ليست سهلة كما يبدو، لكنها ماضية بثبات…
اقرأ أيضاً: الثقافة الكورية في ضيافة موسم الرياض عبر إكسبو كوريا