بدأ المزارعون في منطقة الباحة، يوم الاثنين الفائت، حصاد الرمان، معلنين دخول موسم جديد يمتاز بوفرة الإنتاج.
تحتضن المنطقة حوالي 179 هكتاراً من بساتين الرمان، والتي تُنتج أكثر من 1600 طن من هذه الفاكهة الشهية سنوياً، ويعود هذا الإنتاج الوفير إلى التربة الخصبة والمناخ المعتدل وإمدادات المياه الوفيرة، التي تجعل من الباحة إحدى مناطق زراعة الرمان البارزة في المملكة العربية السعودية.
وكانت وزارة البيئة والمياه والزراعة قد أطلقت مؤخراً مشروع “مدينة الرمان” للاستثمار، والذي يأتي في إطار مشروعات المنطقة التي تتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030، إذ تعد فاكهة الرمان من المحاصيل الزراعية التي تشتهر بها منطقة الباحة، حيث تُزرع هذه الفاكهة وتُورّث زراعتها عبر الأجيال المتعاقبة.
اقرأ ايضاً: وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية تطرح 5 مشاريع استثمارية لتعزيز الأمن الغذائي في منطقة الباحة
من جانبه، عدّ المزارع سعود بن حسن الزهراني، أن موسم حصاد الرمان يبدأ في مطلع سبتمبر من كل عام، ويمتد لمدة تقارب الثلاثة أشهر، مفيداً بأن مؤشرات إنتاج الرمان هذا العام تبدو واعدة، بفضل العوامل البيئية الإيجابية التي شهدها العام الماضي، وخاصة الأمطار الغزيرة التي كان لها تأثير ملحوظ في تحسين جودة الرمان ونقائه ونظافته من الآفات الحشرية.
كما تحدّث عن مهرجان رمان الباحة الوطني، الذي انطلق منذ يومين في نسخته الثالثة عشرة برعاية الأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبد العزيز، أمير منطقة الباحة، والذي يستعرض جميع منتجات الرمان مثل العصير والدبس وزيت الرمان، ويهدف إلى دعم المزارعين والمنتجين من خلال فتح قنوات تسويقية جديدة، والتعريف بمنتجاتهم على الصعيدين المحلي والدولي.
يستمر هذا المهرجان لمدة خمسة أيام حافلة بالأنشطة والمفاجآت، إذ يشارك فيه 72 عارضاً ثابتاً، وأكثر من 1000 مزارع يترددون على الحراج، كما يضم المهرجان مسار الأسر المنتجة الذي يشارك فيه نحو 7 أسر، إلى جانب 5 متاجر إلكترونية، إضافة إلى ذلك، يحتوي المهرجان على معرض خاص للزراعة العضوية، وركن ريف، وركن فرع الوزارة، ولا تقتصر الأنشطة على ذلك، بل تشمل فعاليات ترفيهية وتثقيفية متنوعة، مثل مسرح الطفل، وركن للرسم، والفنون الشعبية.
اقرأ أيضاً: السعودية تسجل ثالث أقل تضخم ضمن مجموعة العشرين
عموماً، تعد فاكهة الرمان من المنتجات الزراعية المهمة في منطقة الباحة، وتتوارث الأجيال زراعتها عبر العصور، تنتشر أشجار الرمان في أودية المنطقة، مثل وادي بيدة ووادي تربة ووادي مراوة، التي تضم نحو 700 ألف شجرة تنتج سنوياً حوالي 30 ألف طن من الرمان المعروف بلونه القرمزي الجذاب، وذلك من خلال 5550 مزرعة، وفقاً للإحصائيات التقريبية لجمعية الرمان التعاونية بالباحة.
ويمتد تاريخ زراعة الرمان في الباحة لعدة قرون، ويعد من أقدم مصادر الرزق في المنطقة، وتُشبه علاقة المزارع بشجرة الرمان رحلة عمر، إذ تبدأ منذ الطفولة وتستمر حتى المشيب، وقد شهدت طرق الزراعة تغيرات كبيرة، إذ كانت تعتمد في الماضي على الري والحرث التقليدي، إضافة إلى نقل المحاصيل باستخدام الإبل إلى الأسواق المجاورة، أما اليوم، فقد تطورت أساليب الزراعة والنقل لتتاقلم مع الحداثة.
وتتعدد طرق زراعة الرمان في الباحة، يعد أبرزها أخذ قطع من الشجرة تُعرف بـ “الشتلة”، والتي يجب أن يكون طولها لا يقل عن 30 سنتيمتراً، تُغرس هذه الشتلات في تربة زراعية تتمتع بمواصفات محددة، وتستمر فترة نموها حوالي سنتين أو أكثر قبل أن تُنقل إلى المزرعة.
اقرأ أيضاً: زراعة الورد في السعودية: إنتاج ملياري وردة بحلول2026
يوجد أيضاً طريقة تُعرف بالترقيد، وفيها يتم دفن أحد غصون الشجرة في التربة لفترة معينة دون قطعه، ما يسمح له بإنبات جذوره قبل نقله، أما الطريقة الثالثة، فهي زراعة الرمان من البذور، ورغم أنها نادرة الاستخدام وغير تجارية، إلا أنها تعكس تنوع الأساليب المتبعة.
ويفضل المزارعون زراعة أشجار الرمان في فصل الربيع أو أوائل الخريف، وتصل ذروة إنتاج هذه الفاكهة إلى عمر يتراوح بين 15 إلى 20 سنة، وقد تعيش الأشجار لأكثر من 70 سنة.
وتعتمد ازدهار فاكهة الرمان في الباحة على عوامل متعددة، أبرزها نوعية وخصوبة الأرض التي تُزرع فيها، إضافة إلى الأجواء المعتدلة في الأودية ووفرة المياه والتربة الخصبة، وتخلق هذه العوامل مجتمعة بيئة مثالية لنمو أشجار الرمان.
هذا وتحتضن منطقة الباحة كل عام فعاليات مهرجان الرمان، الذي انطلقت أولى دوراته قبل إحدى عشر سنة، وقد أثبت المهرجان فعاليته في تسويق هذه الفاكهة المميزة ودعم المزارعين المحليين.
يتيح المهرجان للمزارعين فرصة ذهبية لعرض وبيع منتجاتهم، سواء في المهرجان نفسه أو على الطريق العام، كما أُدخِلت الوسائل الإلكترونية في عملية التسويق، إذ أصبحت المتاجر الإلكترونية خياراً جذاباً للشباب، الذين وجدوا فيها مصدر دخل متميز.
تتزامن هذه الجهود مع التطورات الكبيرة التي تشهدها البلاد في المجالات المختلفة، ما جعلها تساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، ومع استمرار مهرجان الرمان، يتطلع المشاركون إلى مستقبل أكثر إشراقاً في عالم الزراعة والتسويق.
اقرأ أيضاً: مهرجان السدو موروث شعبي يربط الأجيال