وسط عاصمة الضباب مدريد، وقفت غزة المتألمة كأحد المحاور المركزية في حديث جمع وزير الخارجية السعودي مع نظيره الإسباني، ولم يكن اللقاء لتبادل الكلمات فقط، بل لتشكيل أفق جديد قد يحمل معه بذور حلٍّ منشود.
ففي هذه اللحظة التاريخية التي يتصدر فيها الملف الفلسطيني ملفات السياسة حول العالم، تلاقت أصوات تطالب بإنهاء عقود من الصراع عبر حل الدولتين، الحل الذي لطالما كان مليئاً بالعثرات.
اقرأ أيضاً: لقاء سعودي ألماني لبحث ملف غزة والأوضاع الإقليمية
وفي التفاصيل، ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس تطورات الأوضاع في غزة، وذلك على هامش الاجتماع الوزاري في مدريد، وتركز الاجتماع على تنسيق الجهود لتحقيق حل الدولتين كإطار لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وهو الهدف الذي تدعمه المملكة العربية السعودية وإسبانيا ضمن جهود المجتمع الدولي.
وأكد الطرفان عزمهما على المشاركة في الاجتماع رفيع المستوى المزمع عقده على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ خطوات حل الدولتين، مشيران إلى أهمية الوصول إلى حلول سياسية توقف تصاعد العنف وتحقق الاستقرار في المنطقة.
كما جرى خلال اللقاء الحديث عن تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بما في ذلك التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية.
ودعا الاجتماع الوزاري المعني بالقضية الفلسطينية جميع الأطراف وأعضاء الأمم المتحدة إلى المشاركة في اجتماع موسع حول “الوضع في غزة وتنفيذ حل الدولتين كخيار لتحقيق السلام العادل والشامل” على أن يأتي هذا الاجتماع بالتزامن مع انعقاد الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 26 أيلول/سبتمبر الحالي.
اقرا أيضاً: الخارجية السعودية: حان الوقت للاعتراف بالدولة الفلسطينية ونرفض أي تهجير من غزة
وفي بيان مشترك صدر عقب الاجتماع، دُعي إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، بما في ذلك منطقة محور فيلادلفيا، وتسليم السلطة الفلسطينية السيطرة الكاملة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح وبقية الحدود، وذلك وفق ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.
وأكد البيان على ضرورة الالتزام بتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لضمان السلام والأمن المستدامين، معرباً عن قلقه إزاء التصعيد الأخير في الضفة الغربية، كما دعا إلى وقف فوري للهجمات العسكرية ضد الفلسطينيين، واستنكر الخطوات الإسرائيلية الأحادية غير القانونية، بما في ذلك المستوطنات وعمليات التهجير القسري، معتبراً أنها تهدد السلم والأمن الدوليين.
كما شدد البيان على أهمية تحقيق سلام عادل ودائم يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويعزز الاستقرار والأمن والتعاون، مطالباً بالتنفيذ الصارم وغير القابل للتراجع لحل الدولتين وفقاً للقانون الدولي والمبادئ المتفق عليها، بما في ذلك مبادرة السلام العربية.
اقرأ أيضاً: فيصل بن فرحان يبحث مع بلينكن جهود وقف إطلاق النار في غزة
وتأتي هذه الاجتماعات في وقت حساس تستمر فيه العمليات العسكرية في غزة، ما يسلط الضوء على أهمية الجهود الدولية الرامية لإنهاء العنف وإحلال السلام العادل في المنطقة.
يشار إلى أن المملكة العربية السعودية تتبنى موقفاً ثابتاً من الصراع العربي – الإسرائيلي، يتمثل في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وعلى مر العقود، سعت السعودية إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية الدولية لتحقيق هذا الهدف، متجنبة التصعيد العسكري والدعوة إلى حلول سياسية قائمة على العدل والشرعية الدولية.
ويأتي هذا الموقف السعودي استناداً إلى مبدأ دعم السلام كخيار استراتيجي شامل وعادل، وهو ما أكدته المملكة من خلال مبادرة السلام العربية التي طرحتها في قمة بيروت عام 2002، والتي تعد الأساس للموقف السعودي في هذا الصراع.
وتهدف المبادرة إلى إنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي وتحقيق سلام شامل في المنطقة، فيما تعتمد على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك الجولان السوري المحتل والأراضي اللبنانية، مقابل إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل.
اقرا أيضاً: ولي العهد السعودي يبحث القضية الفلسطينية مع السيسي وأردوغان
كما تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، وقد حظيت المبادرة بتأييد الجامعة العربية، وأصبحت مرجعاً أساسياً في الجهود السلمية، إلا أن تطبيقها يواجه العديد من التحديات نظراً لاستمرار تعنت الأطراف المعنية وعدم التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن.