تلتزم المملكة العربية السعودية بالحفاظ على البيئة البحرية وتحقيق التوازن بين حماية الشعب المرجانية والتنمية الاقتصادية، وبناء شراكات دولية تسهم في تطوير الكفاءات ورفع الوعي البيئي والارتقاء بأبحاث وابتكارات حماية البيئة البحرية، جنباً إلى جنب مع تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة والترويج للأنشطة الملاحية والبحرية السياحية بما يسهم في تقديم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وفي هذا الإطار تستضيف المملكة العربية السعودية المبادرة العالمية للشعب المرجانية في الفترة (9_ 13) أيلول الجاري في مدينة جدة، لتبادل الخبرات ومناقشة التحديات والتوجهات المستقبلية في حماية الشُعب المرجانية.
الاجتماع الدولي38 للمبادرة التي يشارك فيها خبراء وباحثون وصناع قرار في مجالات حماية البيئة البحرية من داخل وخارج المملكة يهدف إلى تنظيم أنشطة الاقتصاد الأزرق بما يحقق التوازن بين الاستدامة البيئية والتنمية الاقتصادية، وتطوير التعاون الدولي لمعالجة التحديات التي تواجه الشُعب المرجانية، كالتغير المناخي والتلوث وممارسات الصيد غير المستدامة.
ويناقش الاجتماع الدولي أهمية تدريب الكوادر والتبادل المعرفي لتعزيز آليات حماية الشعب المرجانية حول العالم، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية حماية الشعب المرجانية ودورها الحيوي في التنوع الأحيائي والاقتصاد الأزرق.
كما تضم المبادرة العالمية للشعب المرجانية (ICRI) 45 دولة عضواً تغطي 75% من الشعب المرجانية في العالم، وهي منصة دولية تهدف لحماية الشُعب المرجانية والمحافظة على الأنظمة البيئية البحرية المتنوعة في جميع أنحاء العالم.
وتزامناً مع انطلاق أعمال المجتمع الدولي افتتحت المؤسسة العامة للمحافظة على الشُعب المرجانية والسلاحف البحرية “شمس”، أعمال منتدى البحر الأحمر للشُعب المرجانية 2024، والذي يهدف إلى مناقشة التحديات التي تواجه الشعب المرجانية في البحر الأحمر واستراتيجيات لحمايتها، وتطوير مشاريع مشتركة للحفاظ على البيئات البحرية ودعم الجهود العالمية لحماية الشعب المرجانية في البحر الأحمر والعالم.
والمؤسسة العامة للمحافظة على للشعب المرجانية والسلاحف في البحر الأحمر هي مؤسسة حكومية سعودية تهدف إلى التنظيم والإشراف والمحافظة على الشعب المرجانية والسلاحف وأماكن تعشيشها في البحر الأحمر، وإدارتها وإنمائها واستدامتها.
جهود كثيرة تبذلها المملكة العربية السعودية لحماية البيئة البحرية، إذ تلتزم البحر الأحمر الدولية، الشركة المطورة لوجهتي “البحر الأحمر” و”أمالا”، بالشراكة مع منصة تسريع أبحاث وتطوير المرجان (CORAP) بحماية الشعب المرجانية وتنميتها داخل البحر الأحمر وخارجه، كما أعدت مشروع المشتل المرجاني التجريبي، إذ قامت بمراقبة 300 موقع للشعب المرجانية وإنقاذ بعضها، وفي عام 2021 تم إنشاء مشاتل بحرية عائمة للحفاظ على أعداد صغيرة من الشعب المرجانية التي تم إنقاذها وتنميتها.
كما أعلنت “البحر الأحمر الدولية” عن مساعيها لإنشاء مختبر لتهجين الشعب المرجانية بقيمة مليون دولار، والذي سيمكن علماء الشركة من إنتاج صغار المرجان على مدار العام، وهو ما يعني زيادة هائلة في عدد الشعب المرجانية التي تمت زراعتها وتعزيزها وتنميتها.
ومن المنتظر العام المقبل افتتاح مركز الحياة البحرية في آمالنا، والذي يركز على البحث والتأهيل والتعليم، إلى جانب تقديم أنشطة ترفيهية في مجال الحياة البحرية، يحتوي على مختبرات ومناطق لتأهيل أنواع مختلفة من المخلوقات البحرية، وبرامج لتعزيز لشعب المرجانية، هدفه ربط الناس بالحياة البحرية في البحر الأحمر عن طريق تجارب تفاعلية ممتعة.
جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) وبالتعاون مع نيوم أطلقت مبادرة لإحياء الشعاب المرجانية، والتي تعتبر الأكبر من نوعها لإعادة إحياء الشعاب المرجانية وترميمها في العالم، إذ تشتمل المبادرة على منشأة لتربية الشعاب المرجانية على ساحل نيوم شمال غربي المملكة بمساحة 100 هكتار بطاقة إنتاجية تصل إلى 40 ألف شتلة مرجان سنوياً، وتعد هذا المنشأة اللبنة الأولى لمشروع أكثر طموحاً من المقرر إطلاقه العام المقبل: وهو بناء أكبر حضّانة مرجانية برية في العالم، وتتمتع بأحدث التقنيات المتوافرة لإحياء الشعاب المرجانية، وبقدرة إنتاجية أكبر بعشرة أضعاف القدرة الحالية.
وتعتبر الشعاب المرجانية موطناً لـنحو 25% من الكائنات البحرية المعروفة، تغطي أقل من 1% من قاع البحر، وتشكل منظومة حاضنة للعديد من الكائنات البحرية المميزة. وهو ما يجعل العلماء يشعرون بالقلق الشديد إزاء العوامل الطبيعية والمفتعلة التي تهدد حياة الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، ولا سيما ظاهرة ارتفاع معدل الابيضاض الجماعي لها، إذ يُقدِر الخبراء أن حوالي 90% من الشعاب المرجانية العالمية سوف تتعرض لإجهاد حراري شديد بصورة سنوية بحلول عام 2050.
اقرأ أيضاً: السياحة الساحلية في البحر الأحمر: ضوابط ومعايير صارمة