بين ملفات الأمن الإقليمي والتحولات الدولية، لم تكن الأيام القليلة الماضية مجرد محطات دبلوماسية عابرة، بل كتبت فصلاً جديد من فصول التعاون الوثيق بين الرياض وواشنطن عبر خمس مناسبات/محطات سياسية وعسكرية. فخلال الأسبوع الأول من شهر نيسان/أبريل الجاري، بدا التنسيق السعودي الأميركي وكأنه في سباق مع الزمن، حيث تتابعت الزيارات والاجتماعات والاتصالات بوتيرة لافتة، وكأنها سلسلة مدروسة لتكريس مرحلة جديدة بين البلدين.. فما هي هذه المناسبات؟ وحول ماذا جرى الحديث خلالها؟ إليكم التفاصيل عبر هذا المقال…
قائد القيادة المركزية الأميركية في السعودية
من بين المحطات البارزة، كانت زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال إريك كوريلا Erik Kurilla إلى الرياض، والتي استمرت ليومين ضمن جولته الإقليمية. حملت الزيارة طابعاً أمنياً بامتياز، إذ ناقش كوريلا مع رئيس هيئة الأركان العامة السعودي الفريق أول ركن فياض الرويلي، سبل تعزيز الاستعداد المشترك، وقابلية التشغيل المتبادل، والتنسيق في مواجهة التهديدات الإقليمية.
وشددت القيادة المركزية الأميركية في بيانها الرسمي على أهمية الشراكة مع السعودية، لافتة إلى التحديات الأمنية المشتركة، ولا سيما تلك المرتبطة بالبحر الأحمر واليمن.
نائب وزير الخارجية يستقبل القائم بالأعمال الأميركي
في اليوم التالي، استقبل نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي القائم بالأعمال في السفارة الأميركية أليسون ديلوورث Alyson Dilloworth، وتطرّق اللقاء إلى العلاقات الثنائية في جوانبها السياسية والدبلوماسية، بالإضافة إلى بحث مستجدات الملفات الساخنة على الساحتين الإقليمية والدولية.
اتصال هاتفي بين وزيري الدفاع
التعاون الدفاعي أخذ حيزاً مهماً أيضاً، حيث أجرى وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي بيت هيغسيث Pete Hegseth. وخلال المحادثة، ناقشا تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً الجهود الأميركية للحدّ من قدرات الحوثيين، وتأمين حرية الملاحة، إضافة إلى استعراض فرص توسيع الشراكة الدفاعية.
وأشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» شين بارنيل Sean Parnell إلى أن التواصل بين الجانبين سيستمر بوتيرة عالية، مؤكداً التزام البلدين بتحقيق الأمن في منطقة الشرق الأوسط.
زيارة رسمية إلى واشنطن
في خطوة رأى البعض أنها تحمل دلالة سياسية كبيرة، قام وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بزيارة رسمية إلى واشنطن، التقى خلالها بنظيره الأميركي ماركو روبيو Marco Rubio. ووفق المصادر الإعلامية، فقد شملت المباحثات الملفات الساخنة مثل النزاع في غزة، والأزمة السودانية، والوضع في اليمن، إضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية.
وشدد الجانبان على أهمية الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، ونزع سلاح حركة حماس، واستئناف الحوار السوداني الداخلي، إلى جانب تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والدفاعية.
لقاءات موسعة في البيت الأبيض والبنتاغون
وضمن إطار الزيارة نفسها، التقى وزير الخارجية السعودي بمستشار الأمن القومي الأميركي مايكل والتز Michael Waltz، وبحثا آفاق التعاون المشترك، وتبادلا الرؤى حول قضايا استراتيجية.
كما التقى مساعد وزير الدفاع السعودي للشؤون التنفيذية، الدكتور خالد البياري، بنائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، مايكل دومينو Michael D. Domenico، لمناقشة سبل بناء القدرات الدفاعية وتعزيز الشراكة بين وزارتي الدفاع في البلدين.
الرياض وواشنطن: تحالف في مواجهة التحديات
ختاماً، يرى محللون، من بينهم المتخصص في الشؤون الأميركية أحمد آل إبراهيم، أن العلاقات السعودية الأميركية تعيش حالياً مرحلة من أعلى مستويات التنسيق. ويُعزى ذلك إلى تقاطع المصالح في ملفات عدة، أبرزها أمن البحر الأحمر، والأزمة في غزة، والتوترات في السودان وسوريا ولبنان، بالإضافة إلى الدور السعودي الفاعل في الوساطة بالحرب الروسية الأوكرانية حسب رأيه.