وسط تصاعد حدة الصراع وتدهور الأوضاع في لبنان، لم تقف السعودية على الحياد، وبالإضافة إلى نشاطها السياسي باتجاه الحل ووقف النار؛ اختارت أن تبادر إنسانيّاً بإقامة جسر جوي مباشر لنقل المساعدات إلى لبنان، في خطوة تهدف إلى تخفيف معاناة المدنيين وتقديم العون الفوري للمحتاجين ريثما تتوقف الحرب.
وفي التفاصيل، فقد أعلن رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، أن المملكة العربية السعودية ستبدأ اعتباراً من اليوم السبت 12 تشرين الأول/أكتوبر بإقامة جسر جوي لنقل المساعدات إلى لبنان، وفي كلمة له بثت قناة “العربية” مقتطفات منها، عبّر ميقاتي عن امتنانه لجميع الدول التي قدمت الدعم للبنان خلال هذه الأوقات العصيبة حسب تعبيره.
وبيّن ميقاتي أنه يعمل على جهود مكثفة لوقف إطلاق النار وإنهاء قصف المدنيين في لبنان، مشيراً إلى أنه قد تواصل مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حول هذه الجهود.
كما أكد التزام لبنان بتنفيذ القرار 1701، ودعا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل للامتثال له، مطالباً مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار فوري لوقف إطلاق النار في لبنان، ومعرباً عن استعداد حكومته لتعزيز وجود الجيش اللبناني في الجنوب.
اقرأ أيضاً: فيصل بن فرحان يناقش تطورات لبنان مع بلينكن وبارو
ويأتي ذلك على خلفية التوترات التي تعيشها المنطقة عموماً، والأيام الساخنة التي تعيشها لبنان على وجه الخصوص، إذ تكثفت عمليات كيان الاحتلال الإسرائيلي على الجنوب اللبناني خلال الأسبوعين الماضيين.
وتستهدف إسرائيل مقرات «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران جنوب لبنان وقياداته العسكرية، بالتوازي مع محاولات الدخول البري التي لم تحقّق فيها أيّ تقدّم يذكر حتى اللحظة، وكبّلتها خسائر في الجنود والمعدات.
وبالتوازي مع الهجوم الإسرائيلي على لبنان، يستمر الكيان بعملياته العسكرية على قطاع غزة مستهدفاً حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، على خلفية عملية «طوفان الأقصى» التي بدأتها «حماس» في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الفائت 2023، والمستمرة حتى اللحظة.
وجاء الهجوم على لبنان بعد إعلان «حزب الله» عن فتح جبهة إسناد لـ «حماس» في غزة، بمواجهة الكيان الإسرائيلي، معلناً منذ البداية شرطه الأساسي لإيقاف جبهة الإسناد هذه بوقف العمليات على غزّة، الأمر الذي ترفضه إسرائيل حتى اللحظة، وتطالب بالمقابل بفصل الجبهتين عن بعضهما البعض ووقف العمليات ضدها في الشمال.
اقرأ أيضاً: الدور المهم الذي قامت به السعودية لوقف الحرب ودعم غزة
ورغم أن الهجمات الإسرائيلية قد أوقعت خسائر كبرى في صفوف قيادات «حزب الله» اللبناني العسكرية والسياسية، وعلى رأسها الأمين العام للحزب حسن نصر الله، إلّا أن الحزب مستمر في عملياته العسكرية ضدّ إسرائيل، بالتوازي مع تفويض السلطات اللبنانية بخوض مفاوضات سياسية مع الأطراف المعنية على سبيل إيجاد حل، مع إعلان التزامه المسبق بما قد تفضي إليه هذه المفاوضات.
وكما يتضح، فإن الحديث مع قنوات الاتصال السياسية يتمحور حول وقف إطلاق النار، والقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 11 آب/أغسطس 2006، والذي كان يهدف حين صدوره إلى إنهاء النزاع المسلح بين الكيان الإسرائيلي و«حزب الله» في تموز/يوليو 2006.
اقرأ أيضاً: دول عربية منعت أمريكا استخدام قواعدها ضد إيران
ومن جملة النقاط الرئيسية التي شملها القرار، هي طلبه من قوات الأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) تعزيز وجودها في المنطقة، وزيادة عدد قواتها إلى 15000 جندي، مع توسيع نطاق مهامها، بالإضافة إلى انسحاب القوات الإسرائيلية، واتخاذ ترتيبات أمنية جديدة من بينها إنشاء منطقة بين ما يسمى بالـ «الخط الأزرق» (خط الحدود الذي رسمته الأمم المتحدة في عام 2000 بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني بحيث تكون خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص لبنان وقوات الأمم المتحدة.
وبعد 18 عام على صدوره، يعود القرار مجدّداً للواجهة على خلفية الأحداث الحالية، وتبدي الحكومة اللبنانية استعدادها لتنفيذ القرار، بما يقتضيه ذلك من عملية وقف إطلاق النار وإرسال جيش البلاد إلى جنوب نهر الليطاني.
اقرأ أيضاً: السعودية تعلن إطلاق تحالف دولي لإقامة الدولة الفلسطينية