إيماناً منها بالتعلم عن طريق التجربة، بدأت الدكتورة سمية السليمان مسيرتها في العمارة والتصميم، ووجهت رأيها الشخصي للشباب السعودي والعربي، بأنه من الأفضل أن تندم بعد المضي قدماً في طريق طموحك، أفضل من الندم لأنك لم تسير ساعياً وراءه.
كما أكدت في إحدى مقابلاتها أنه لابد أن يعترض طريق كل طامح صعوبات وتحديات، وقد يفشل أحياناً في تخطيها من أول مرة، لكن الإصرار على التفوق والوصول مربوط دائما بالمحاولة، مربوط بالتجربة والخطأ، وهذا ما يميز الإنسان الناجح، وعلى الرغم من اعتراض الأهل أحياناً على تخصص أولادهم، إلا أنهم سيفتخرون بهم عند نجاحهم، وسيؤمنون بأفكارهم أكثر.
طريق الدكتورة سمية السليمان لم يكن سهلاً، فالحصول على شهادات دولية، وتسلم مناصب مهمة في الدولة لا يأتي بسهولة، ومن هذا المنطلق تسعى دائماً لدعم المواهب الشابة في مجال العمارة والتصيميم.
ومن المؤكد أن الحكومة السعودية وجدت في الدكتورة سمية السليمان هدفها المنشود، إذ تشغل السليمان منصب الرئيس التنفيذي لهيئة فنون العمارة والتصميم، التي تأسست عام 2020، “ميثاق الملك سلمان العمراني”، برعاية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة، لدعم المظهر الإبداعي العمراني في كافة أرجاء المملكة، ورسم الوجه الحضاري المعماري لمدينة الرياض.
لم تتوانى الدكتورة سمية السليمان عن مهامها في تحويل مناطق في المملكة إلى معالم حضارية تحافظ فيها على روح الأصالة والتراث مع الحداثة التي وصلت لها المملكة، كما أنها من الشخصيات التي تشجع العمل مع المصممين السعوديين في هذا المجال، ومنذ تسلمها لمنصب الرئيس التنفيذي لهيئة الفنون العمارة والتصميم وهي تقدم مبادرات لانتقاء أفضل الخبرات الشابة، وتطوير مهارات المشاركين في هذه المبادرات.
بشخصيتها العفوية والقريبة من قلب كل من يتعامل معها، تفتح الدكتورة سمية السليمان طرق جديدة لتحويل معالم المدن، وحتى البيوت والأحياء لتكون أقرب للسكان، ومخاطبة ذاكرتهم البصرية، هذا ما تحاول إيصاله عبر مبادراتها، مثل مفهوم عمار الذائقة على مائدة هاربرز بازار السعودية، والمهرجان السعودي للتصميم، ديزايناثون، مسابقة تصميم مقعد، الذي ضم ثلاث مسارات وهي المقالة الإبداعية, تصميم المقعد، وحروف الوطن.
لا تكتفي الدكتورة سمية السليمان عبر مبادراتها على تكريم الفائزين فقط، وإنما تركز على كيفية نقلهم لمستوى آخر، ومرحلة متقدمة تثري معارفهم، لتطبيق ما تعلموه على أرض الواقع، ومحاولة إيجاد فرصة لكل متميز بإظهار تميزه.
تحرص الدكتورة السليمان على حث المشاركين في مبادراتها على حل مشاكل في بيئاتهم، أو محاولة لتغيير سلوك ضار يروه في السكان، أو حل قضايا معينة، كالزحمة، العناية بكبار السن، تعليم الأطفال، التثقيف وغيرها عن طريق مجال التصميم والعمارة.
اقرأ أيضاً: المصممة ديالا الغمراوي لأرابيسك لندن: البساطة تصنع الجمال، وكل بسيط أنيق هو مفتاح للنجاح!
تسعى الدكتورة سمية السليمان إلى استشعار المكان بالحواس، مثل البيت الذي يقضي فيه الإنسان طفولته، رائحة طعام تذكره بحادثة معينة، ملمس يشعره بشعور خاص، هذا ما تحاول إيصاله عن طريق مبادراتها، وأكبر مثال على ذلك حي السفارات، الذي حافظت فيه بتصميمها المعماري وتوجيهها على النباتات الأصلية للمنطقة، مساحات المشاة الكبيرة، المنازل الموجودة فوق محلات تجارية، وقريبة من كافة الخدمات.
وتحرص السليمان على توجيه طلابها ومصميمها للحفاظ على هذا التوجه، بعد انتشار التقسيمات السكنية وفق مخطط متماثل في جميع أنحاء المملكة، هذا وتؤكد الدكتورة السليمان على أن مجالها بعيداً عن الهندسة المعمارية، إذ أنه متخصص في رسم معالم مدينة بحيث يتم فيها الحفاظ على هويتها الثقافية ورفع جودة الحياة فيها.
وفي تعليقها إحدى المرات على مناسبة يوم المرأة العالمي، أكدت الدكتورة سمية السليمان أن للمرأة العام كله، لا يمكن اختزال مشوارها المهني في يوم، وإنما تعد هذا اليوم بمثابة تذكير بإنجازات المرأة خلال عامها، كما تشدد على أن للمرأة في مجال التصميم دوراً كبير، نجده في التصميم الداخلي لمنزلها، ومقترحاتها لتصميم حيها السكني، ومدينتها، هذه حقيقة لا يمكن إنكارها.
لرؤية 2030 مكانة خاصة لدى الدكتورة سمية السليمان، إذ فتحت أمامها آفاق كبيرة لتطوير فن العمارة والتصميم، وتستذكر في هذا المجال مقولة الشاعر أمين الريحاني أمام الملك الراحل عبد العزيز عندما قال ” نبني كما كانت أوائلنا تبني، ونفعل مثلما فعلو”، ليأتيه الرد من الملك عبد العزيز ويقول ” نفعل فوق ما فعلو”، وهذا ما يفسر طريقة عمل الدكتورة سمية وإدارتها لهيئة فنون العمارة والتصميم.
تعمل الدكتورة سمية السليمان على تحقيق التكامل بين الطلاب في الكليات المتخصصة، ومكاتب العمل، والتنفيذ على أرض الواقع، ولعل هذا أبرز ما يميزها كإدارية، فالطالب يجد بيئة تنفيذية تحتضنه وتنمي مهاراته، ولا يقتصر دعمها فقط على الطلاب، وإنما فكرت أيضاً عن طريق إدارتها بدعم المكاتب المعمارية التي لسبب أو لآخر غير قادرة على المنافسة المحلية والعالمية.
وكانت الدكتورة سمية السليمان قد حصلت على درجة الدكتوراه في تخصص العمارة والتصميم من جامعة نيوكاسل في بريطانيا عام 2010، كما حصلت على زمالة ما بعد الدكتوراه في برنامج ابن خلدون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى مؤهلات إدارية من نفس المعهد، منها مقرر “ما بعد المدن الذكية التصاميم والتكنولوجيا المستجدة”، والبرنامج التنفيذي المفاوضات والتأثير” ، وشهادة تنفيذية في الإدارة والقيادة، وشهادة في الاستراتيجية والابتكار.
كما شغلت عدة مناصب هامة، ومن أبرزها منصب عميدة كلية التصاميم بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل منذ العام 2017، وعضوية المجلس البلدي لأمانة المنطقة الشرقية، وشاركت كقيمة على الجناح الوطني السعودي الأول في معرض العمارة الدولي السادس عشر لبينالي فينيسيا بإيطاليا.
وكانت الدكتورة السليمان قد سجلت بصمتها كأول سعودية تشارك في مؤتمر جمعية مؤرخي العمارة السنوي في دورته الـ 69 المنعقد في أمريكا، والذي يعد الأكبر من نوعه في هذا المجال، وكذلك فازت بعدة جوائز، ومن أبرزها فوزها بجائزة أفضل بوستر لبحث علمي” في جامعة نيوكاسل، وجائزة الأمير محمد بن فهد للتفوق العلمي، ومثلت السعودية في كل من الهند والنمسا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
اقرأ أيضاً: الدكتورة إخلاص سندي شابة سعودية ملهمة لبنات جيلها