أغمض رجل المبادرات والسلام الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود أعينه عن الحياة، في يوم الثامن والعشرين من يناير 2025، ليسدل الستار على 75 عاماً من الأصالة والعطاء، قضاها في خدمة المجتمع والإنسان السعودي، وكان الديوان الملكي السعودي أعلن ظهر الثلاثاء عن رحيل الأمير، محدداً يوم الأربعاء الموافق للتاسع والعشرين من يناير موعداً لإقامة صلاة الجنازة في جامع الإمام تركي بن عبد الله في مدينة الرياض، وذلك بعد صلاة العصر.
والأمير الراحل محمد بن فهد من مواليد مدينة الرياض في العام 1950، وكان قد تلقى تعليمه في معهد العاصمة النموذجي، ومن ثم أكمل تعليمه في الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل منها على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية، بعد أن درسها في جامعة كاليفورنيا – سانتاباربرا.
وفي ذات السياق تنوعت المسيرة المهنية للأمير الراحل ما بين أرجاء السعودية، فبعد عودته من الولايات المتحدة عمل لفترة في القطاع الخاص، لينتقل لاحقاً إلى العمل الحكومي، وهو ما قاده في النهاية حتى يتولى منصب أمير المنطقة الشرقية.
وفي سياق مواز ارتبط اسم محمد بن فهد بعدد من المبادرات والبرامج الإنسانية والتطوعية، التي سخرت نفسها لتقديم كل ما يلزم من دعم داخل السعودية وخارجها، ومن بين البرامج التي أطلقها برنامج خاص بتنمية الشباب والذي أثبت جدارته على مستوى الإقليم حتى حظي بتكريم من الأمم المتحدة في دبي ونال جائزتها، عن أفضل الممارسات المتعلقة بتحسين الواقع المعيشي في العام 2002، بالإضافة إلى جائزة الشارقة المخصصة للعمل التطوعي بعد خمسة أعوام.
وبينما استطاع الأمير الراحل محمد بن فهد أن يترك أثراً واضحاً في العمل بالمجال الإنساني، أيضاً كان صاحب أيادٍ بيضاء على المنطقة الشرقية والتي تولى إمارتها لمدة ربع قرن ونيف، وامتدت ولايته ما بين الثالث من مارس 1985 وحتى الرابع عشر من يناير 2013، إذ حرص خلال هذه المدة على بناء الإنسان والتنمية لمواكبة المستقبل المزدهر الذي تخيله وعمل على تحقيقه.
وفي ذات السياق كانت أهم الخطوات التي سار عليها الأمير الراحل في تطوير الإمارة إنجاز التنمية المستدامة وتمكين المجتمع بفئاته كافة، وتطوير مختلف القطاعات حتى تتمكن من النهوض وتأدية المهام المطلوبة منها على الوجه الأكمل بالتعاون مع أجهزة الدولة، الأمر الذي أحدث فرقاً واضحاً وشاملاً في واقع الإمارة.
اقرأ أيضاً: الدكتور ماجد القصبي رجل المهام المتعددة
وفي استعراض تاريخي لما أنجزه الأمير الراحل في دعم وتنمية الإنسان، بدأت جهوده المباركة عبر برنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب، والذي قدم الرعاية للعلم والإبداع واهتم بكافة فئات المجتمع، الأمر الذي لاقى استحساناً وشهد إقبالاً لافتاً إلى جانب الجوائز التي حصدها، لاحقاً ولضمان استمرار الجهود حرص الأمير الراحل محمد بن فهد على تأسيس مظلة إدارية لكافة البرامج والمبادرات المستقبلية، من خلال إنشاء مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية، كما عمل على إنشاء جامعة خاصة ترتقي إلى مستوى الجامعات الدولية في الإمارة.
أيضاً كان للراحل دور ريادي في دعم وتمكين المرأة، وخصص صندوقاً لهذه الغاية، لتنطلق بعدها مجموعات من الفعاليات المجتمعية في الإمارة وجميعها تصب في خانة المرأة ومن بين ما شهدته الإمارة تأسيس صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة، ومركز الأميرة جواهر لمشاعل الخير، وصندوق الأميرة نوف لدعم المرأة العاملة، وبرنامج مهارة لتأهيل الفتيات، وبرنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب – المكتب النسوي.
اقرأ أيضاً: الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان خازن الثقافة السعودية
ومن جملة ما قدمه الأمير الراحل محمد بن فهد إنشاء كلية متخصصة للأشخاص الذين يعانون من إعاقة بصرية، حتى يتمكنوا من إتمام تعليمهم الجامعي، وحملت المنشأة اسم كلية الأمير سلطان بن عبد العزيز لذوي الإعاقة البصرية، بالإضافة إلى مجموعة من المبادرات الداعمة مثل نادي رؤية لذوي الإعاقة البصرية.
ومن المبادرات التعليمية هناك أيضاً لجنة للتأهيل الاجتماعي وحاضنة لخريجي السجون، كذلك توفير الرعاية الصحية لغير الممكنين عبر مستشفى الأمل وصندوق شفاء، أيضاً دعم الأسر عبر مشروع لتحسين المساكن ومشروع الرعاية الشاملة.
من جانب آخر اقترن اسم الراحل بدعم الشباب وذلك من خلال مشروع الإسكان الميسر، وبرنامج حمل اسمه للبحوث والدراسات الإستراتيجية في جامعة وسط فلوريدا الأمريكية، إلى جانب إطلاق مجموعة من الجوائز في قطاع الأعمال الخيرية والتميز بالأداء الحكومي والتفوق العلمي والحراك المجتمعي للعناية بالمرافق الإسلامية، والحرص على تفعيل دور ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال إيجاد فرص عمل لهم.
ومن جهوده التعليمية والتي انعكست على الأداء السياسي العام في المملكة، إطلاق مجموعة من الكراسي التعليمية في جامعات داخل المملكة وخارجها والهدف منها إعداد قيادات مؤهلة وقادرة على اتخاذ القرارات الفاعلة في مواجهة التحديات.