بينما احتفل السوريون في مختلف أنحاء سورية والجاليات السورية في شتى أنحاء العالم بسقوط نظام بشار الأسد، شهدت منازل السوريين ومطاعمهم وأماكن تجمعهم في السعودية مظاهر فرح وابتهاج، تعبيراً عن سعادتهم بسقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، وعبّر العديد منهم عن امتنانهم للمواقف السعودية الداعمة التي احتضنتهم سواء خلال العقود الماضية أو بعد اندلاع الأحداث في سورية عام 2011.
وفي أيلول/سبتمبر 2015، صرّح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية بأن المملكة فضّلت عدم التحدث علناً عن جهودها في «دعم الأشقاء السوريين في محنتهم الكبيرة»، حيث تعاملت مع الأزمة منذ بدايتها بدوافع إنسانية ودينية خالصة، دون السعي للتفاخر أو الاستعراض الإعلامي وأضاف المصدر أن السعودية رأت ضرورة توضيح هذه الجهود بالأرقام والحقائق رداً على تقارير إعلامية حملت اتهامات غير دقيقة ومضللة.
ووفقاً لبيان رسمي صدر في ذلك الوقت، استقبلت المملكة منذ بداية الأزمة السورية عام 2011 نحو مليونين ونصف المليون مواطن سوري، مع الحرص على معاملتهم بطريقة تحفظ كرامتهم وسلامتهم، دون تصنيفهم كلاجئين أو إيوائهم في معسكرات، وقد أتيح لهم حرية الحركة الكاملة داخل المملكة.
كما أظهرت بيانات رسمية من «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» أن السعودية تعاملت مع أزمة اللاجئين السوريين بأسلوب مستدام وإنساني، حيث قدمت مساعدات للسوريين داخل سورية وخارجها، بالإضافة إلى توفير التعليم والرعاية الصحية المجانية، والسماح لهم بالعمل وممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
اقرأ أيضاً: دعم سعودي فعّال لسورية.. والأمن الإقليمي على الطاولة!
وبلغت القيمة الإجمالية للمساعدات السعودية أكثر من 6 مليارات دولار، منها ما يزيد على ملياري دولار لدعم القطاع الصحي، و1.8 مليار دولار للتعليم، وأكثر من مليار دولار للخدمات المقدمة من المديرية العامة للجوازات.
ورُصدت مشاهد من الفرح لدى السوريين في العاصمة السعودية الرياض، حيث اختلطت مشاعر الاحتفال بالشكر والتقدير للمملكة وشعبها على احتضانهم خلال فترات الحرب الأهلية وما قبلها.
وخلال إحدى هذه التجمعات، قال مهند أبو الخير النعيمي، وهو شاب من حلب يبلغ من العمر 37 عاماً ومن مواليد السعودية، إنه عاش طوال حياته مستفيداً من التسهيلات والخدمات التي تقدمها المملكة للمقيمين، وخاصة للسوريين.
وأشار إلى ما حصل عليه العشرات من معارفه الذين وصلوا إلى السعودية خلال الأعوام الثلاثة عشر الماضية، من خدمات تعليمية وصحية وتسهيلات حكومية، مؤكداً أن هذه المعاملة تختلف كثيراً عما وجده أقرانه في دول أخرى.
وفي مظاهر الفرح، أقام عدد من السوريين ولائم خاصة في منازلهم أو مطاعمهم السورية، حضرها عدد كبير من الأشخاص احتفالاً بسقوط السلطة السياسية في سورية وتخلي بشار الأسد عن منصبه دون إعلان، ونهاية حكم وصفوه بـ«المستبد»، وقال فراس الخريبين، 33 عاماً، لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المليحي، وهي من الأكلات الشعبية في منطقة حوران جنوب سورية، أعدّتها والدتي في المنزل بمناسبة هذا اليوم السعيد»، وأضاف أن هذه الأكلة عادة ما تكون مرتبطة بالمناسبات السعيدة والأعياد، مشيراً إلى سعادته بقضاء هذه اللحظات في السعودية بين أهل وأصدقاء كرماء.
اقرأ أيضاً: الخارجية السعودية: نقف مع الشعب السوري وخياراته
كما شارك عبد الله حميدي، البالغ من العمر 45 عاماً، قصته موضحاً أنه أصيب في محافظة درعا السورية مع بداية الأحداث عام 2011، ما أدى إلى إصابته بالشلل، وبعد انتقاله إلى السعودية، حظي بالرعاية الصحية الكاملة والعلاج ضمن النظام الصحي في المملكة، وظل مقيماً فيها برفقة أفراد من عائلته حتى اليوم.
وأثناء حديثه عن رحلته ومعاناته خلال الحرب في سورية، لم يتمالك حميدي نفسه وذرفت عيناه الدموع، معبراً عن فرحته بما آلت إليه الأوضاع وامتنانه العميق لما وصفه بـ«الكرم السعودي الأصيل» الذي ترك أثراً لا يُنسى في حياته وحياة أسرته.