حراك جديد يشهده المجتمع السعودي، ويعتبر برنامج ساهم للابتكار وريادة الأعمال الاجتماعية، العراب الأساسي لهذا المجهود الجليل، إذ يتخذ البرنامج من الإنسان السعودي منطلقاً لجهوده، عبر تمكينه من أدواته وزيادة ثقته واعتماده على نفسه، لاسيما في مواجهة العقبات.
قبل أيام أقفلت النسخة الخامسة من البرنامج أبوابها في محافظة الأحساء، بعد جهد مشترك جمع مؤسسة الملك خالد مع جامعة الملك فيصل، لتنفيذ البرنامج على مدار ثلاثة أسابيع برفقة 76 طالباً وطالبة، مقسومين على 12 مجموعة، تعرّف كل واحدٍ منهم على مكونات ثقافة الريادة الاجتماعية، خلال المخيم التدريبي التفاعلي.
وانطلق البرنامج مع مرحلة التسجيل في الخامس والعشرين من أغسطس وبقي استقبال الطلبات حتى التاسع والعشرين منه، ثم استمر المخيم التدريبي لمدة خمسة أيام، بين 8 و12 سبتمبر، تلتها المرحلة النهائية والتي اتخذت صبغة تنافسية، من خلال خوض الفرق الـ12 الهاكاثون، والذي نتج عنه فوز ثلاثة منها.
والجدير بالذكر، أنّ المهارات التي تطرّق إليها برنامج ساهم، تتصل بأحدث ما توصل إليه العقل البشري في مجال الريادة الاجتماعية من نظريات وأدوات، إلى جانب التحريض على الابتكار والتفكير بطريقة مختلفة، أو ما يصطلح على تسميته خارج الصندوق، في إطار التفكير الإبداعي.
إقرأ أيضاً: جامعة الملك سعود: سعي دؤوب نحو الريادة العالمية في بناء مجتمع المعرفة
يعتبر بناء الاقتصاد المستدام المرتكز على الإنسان السعودي، الهدف الاستراتيجي لمؤسسة الملك خالد، والعنوان العريض الذي تندرج تحته ولأجله، مبادرات المؤسسة وجوائزها، وقد حرصت على توفير أفضل المرشدين المختصين في ريادة الأعمال، للأخذ بيد الطلاب المشاركين على طريق التغلب على التحديات المطروحة في إطار عنوان الموسم الحالي من البرنامج وهو “الاستدامة البيئية والسياحية”، وانتهى البرنامج بعد خوض المشاركين للهاكاثون، وتقديم أفكار الفرق المشاركة أمام لجنة تحكيم، أعطت الأفضلية لثلاثة فرق من الفرق الإثني عشرة المشاركة، معلنة عن فوزها بجائزة الملك خالد.
وحضر برنامج ساهم للابتكار الذي يعتبر الأول من نوعه على مستوى السعودية، بوصفه راعياً للشباب السعودي، وأول مقدّم خبرات التفكير الابتكاري المستدام في مواجهة تحديات ريادة الأعمال الاجتماعية، بما ينعكس على نشاطهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، ويعزز من روح المواطنة والانتماء لديهم.
وعادة ما يخرج المشاركون في البرنامج التدريبي التفاعلي ليس كما دخلوه، فمع امتلاكهم لأدوات التفكير الإبداعي والابتكاري، سيتعاملون بطرق مختلفة مع الصعوبات التي تواجههم في ميدان ريادة الأعمال الاجتماعية، وسيكونون أكثر ثقة بأنفسهم، على الصعيدين الشخصي والعملي والمهني لاحقاً.
وتسعى المؤسسات السعودية عامة ومؤسسة الملك خالد على وجه الخصوص إلى تعزيز روح المواطنة الفاعلة عند الشباب السعودي الصاعد، ودفعهم لخلق فرصهم بأنفسهم في شتى المجالات، سواءً على مستوى التعليم أم على مستوى المهنة، وبالتالي سيكونون مهيئين لرسم ملامح المرحلة المقبلة من تاريخ المملكة، والتي تتخذ من الاستدامة تيمة أساسية لها، إلى جانب أنسنة كل التفاصيل، ولكن مع الحفاظ على الخصوصية الثقافية والفكرية للمجتمع السعودي، والذي يسير بخطى ثابتة في إطار رؤية 2030، عبر الدمج بين أصالة الماضي وأدوات الحاضر المبتكرة.
وفي لمحة سريعة عن محافظة الأحساء التي جرى تنفيذ البرنامج والمخيم التدريبي فيها، وحيث تستقر جامعة الملك فيصل، تعتبر من أكبر محافظات المنطقة الشرقية، والتي تطل على مياه الخليج العربي، يتمتع أهلها بالدماثة المفرطة ومصدرها لا شك أرض الواحة، فالأحساء أو الحسا واحة ضخمة غنية بالمياه الجوفية، وفيها أكثر من 60 نبعاً للمياه، ولها واجهة بحرية على الخليج العربي بطول 133 كيلو متر مربع.
ومن ثروات الأحساء أضخم حقل نفطي في العالم، والذي يمتد على مسافة 30 كيلو متر مربع، ومحصول التمور من ثلاثة ملايين نخلة، إذ أنّ (10%) من إنتاج التمور في المملكة يأتي من محافظة الأحساء.
ولكن لا يقف الأمر عند الغنى الطبيعي، بل يمتد أيضاً إلى الغنى التاريخي والتراثي، ففيها آثار تعود لـ 500 عام مضى، ما دفع اليونسكو إلى وضعها على قائمة التراث الإنساني، بوصفها مستوطنة كبرى، فيها البساتين والآبار، كما أنها موجودة على قائمة المدن المبدعة، عن فئة الحرف اليدوية، ودخلت الأحساء موسوعة جينس للأرقام القياسية، كأكبر واحة في العالم، واختيرت في العام 2020 كعاصمة للسياحة العربية، فللإحساء من وجهة نظر القائمين عليها، ماضٍ وحاضر يمنحها الوسائل لتتولى الريادة وتصنع جيلاً مبدعاً يكون قادراً على قيادة الحراك الاجتماعي والابتكاري فيها.