تستعد بلدة شري التابعة محافظة القصيم لاستقبال مهرجان الفقع بنسخته الرابعة اليوم الخميس، في حدثٍ يجمع بين جهود عدد من الجهات الحكومية والخاصة، بهدف الترويج للكمأة المزروعة محلياً وتعزيز اقتصاد المنطقة.
يحتفي هذا المهرجان الذي تنظمه هيئة فنون الطهي السعودية بتراث فنون الطهي الغني في المملكة، ويهدف إلى خلق بيئة ثقافية شاملة تلهم التفاعل البشري من خلال القوة العالمية للطعام، كما يوفر منصات تُمكّن الطهاة من تطوير مهاراتهم في فنون المطبخ السعودي، من أجل الارتقاء بمستوى فنون الطهي في المملكة.
فعاليات مهرجان الفقع 2025
يستمر مهرجان الفقع هذا العام حتى 11 يناير، ويساهم في تنشيط الحركة التجارية في المنطقة، إذ سيضم 18 منطقة مخصصة لعرض الكمأة من أكثر من 15 مزرعة، مع تنظيم مزاد علني لبيعها، وهو يمثل بكل فعالياته وجهة مثالية للعائلات ومحبي التراث، إذ يجمع بين الثقافة والاقتصاد والترفيه في تجربة تناسب جميع الأعمار.
يخصص المهرجان كذلك 32 منطقة للعائلات التي تعمل في الصناعات المنزلية، وفيها يمكنهم عرض مجموعة متنوعة من المنتجات مثل التمور والعسل وغيرها من الأطعمة الشهية.
هذه الفعاليات مجتمعة تساهم في فتح آفاق جديدة للعارضين، ما يتيح لهم استكشاف قنوات تسويقية متنوعة لمنتجاتهم ويخلق فرص عمل إضافية، كما توفر للزوار فرصة ذهبية للاطلاع على مجموعة واسعة من المنتجات والاستفادة من العروض الخاصة والتخفيضات المتاحة.
اقرأ أيضاً: مهرجان بين ثقافتين يوثق العلاقة بين السعودية والعراق
ومن الفعاليات المصاحبة للمهرجان سنجد عروض الطيران الشراعي والألعاب المائية، إضافة إلى مسرح الطفل الذي يقدم برامج ترفيهية مميزة، فضلاً عن الضيافة الاستثنائية للزوار، والتي تضفي لمسة من التميز إلى تجربتهم.
ولا يكتفي المهرجان بتشجيع المنتجين على التوسع في مشروعاتهم وترويج منتجاتهم، بل يعد أيضاً مناسبة قيّمة لتبادل الخبرات بين المزارعين، ويتيح لهم فرصة التواصل مع كبرى الشركات الزراعية، لمساعدتهم على الاطلاع على أحدث المستجدات في مجال التقنيات الزراعية، والذي يسهم بدوره في رفع جودة المنتجات وزيادة معدلات الإنتاج، ما يحقق فوائد كبيرة للقطاع الزراعي بأسره.
جدير بالإشارة أن مهرجان الفقع في نسخه السابقة كان مثمراً، وفيه أبدع مزارعو وبائعو الفقع في عرض منتجاتهم، وأتحف الطهاة الضيوف بتقديم أطباق مميزة في منطقة المأكولات، التي تزينت بمشتقات الفقع الشهي، ولم يخلُ المهرجان من لمسات الحرفيين السعوديين الذين عرضوا منتجاتهم الرائعة، مثل السبح والخزف والخوص، وأعمال منقوشة بالسدو.
وفي منطقة المسرح، أبدع عدد من الطهاة في تقديم ورش متخصصة، وتعلم الزوار طرق تحضير الأطباق بالفقع، بينما حظي الأطفال بفرصة استكشاف الثقافة السعودية من خلال أنشطة ممتعة في “منطقة الأطفال.
اقرأ أيضاً: الزي السعودي يأسر قلوب الأجانب في مهرجان الإبل
ما هو الفقع؟
الفقع، المعروف أيضاً بالكمأة، هو نوع من الفطريات الجوفية التي تعد من أشهى الوجبات في أنحاء العالم، كافة، وفي منطقة الخليج، يُطلق عليه اسم “الفاج”، ويعد من أفخر أنواع الفطريات الصحراوية، وهو جزء لا يتجزأ من المائدة الخليجية، وخاصة في المملكة العربية السعودية.
تتواجد هذه الكنوز الطبيعية في السعودية في مناطق مثل الجوف، والحدود الشمالية، والشرقية، والقصيم، حيث تنمو في السهول والروضات.
ينمو الفقع على عمق يصل إلى 15 سم تحت سطح الأرض في الصحراء، ويزن عادة ما بين 30 إلى 300 جرام، وتكتمل روعة هذا الفطر عندما ينمو بالتعاون مع بعض النباتات الزهرية الحولية مثل الرقروق والجريد، إذ يقوم الفقع بتزويد هذه النباتات بالماء والأملاح من التربة، في عملية تكافلية مدهشة تستمر حتى يصل الفطر إلى مرحلة الإثمار.
وتتميز السعودية بتنوع مذهل في أنواع الفقع، حيث تبرز بينها عدة أصناف شهية، أولها الفقع الزبيدي، الذي يلفت الأنظار بلونه الأصفر الشاحب والأبيض، وينمو في السهول الخضراء.
ثم نجد الفقع الخلاسي، المعروف أيضاً باسم “الغلاسي”، الذي يتميز بلونه البني الشاحب أو الداكن، شكله شبه الكروي مزين بفصوص تميز سطحه، ويزدهر في الأراضي القاسية، أما الفقع الجبا، الذي يضفي لمسة جمالية بلون يميل إلى الحمرة، يعد من الأنواع الفريدة التي تُزرع في السعودية.
وتتنوع أسعار الكمأة التي تنمو في مختلف مناطق المملكة بعد هطول الأمطار في شهري نوفمبر وديسمبر، إذ لا توجد أسعار ثابتة لها، وقد تتراوح تكاليف الكيلوغرام الواحد بين مئات وآلاف الريالات، وذلك اعتماداً على عوامل مثل النضارة، والرائحة، ودرجة الندرة.
اقرأ أيضاً: الابتكار الزراعي في نجران يفتح آفاقاً اقتصادية جديدة
زراعة الفقع في القصيم
شهدت منطقة القصيم تحولاً ملحوظاً في استزراع الفقع، وقد أصبحت هذه الفطريات الصحراوية مصدر دخل اقتصادي واعد، وبدأت مشاريع استزراع الفقع كمبادرات تجريبية، واستفادت من البيئة المحلية المثالية لنمو الكمأ، ومع مرور الوقت، تطورت المبادرات بفضل الأبحاث والتقنيات الزراعية المتقدمة، ما أدى إلى تحسين الإنتاجية والجودة.
وبفضل الالتزام بمعايير الجودة العالية والتغليف، استطاع الفقع المحلي دخول الأسواق الأوروبية التنافسية، ليؤكد مكانته كأحد أثمن أنواع الفطريات في العالم.
يشكل هذا الإنجاز دفعة قوية للقطاع الزراعي في إطار رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز التنمية المستدامة، كما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد المحلي، ويبرز إمكانات المملكة في الزراعة المتخصصة.
ولا يعد مهرجان الفقع الذي يحتفي بالكمأة ويروّج لها في مركز شري بالقصيم هو الوحيد من نوعه في المملكة، إذ يقام في مناطق عدة مثل الرياض ومدينة سكاكا في منطقة الجوف، ليتيح لأكبر عدد من الناس فرصة استكشاف هذه الكنوز الطبيعية.
اقرأ أيضاً: الزعفران وجهة السعودية لزراعة الذهب الأحمر