تمتد المملكة العربية السعودية على مساحة جغرافية واسعة تمنحها تنوعاً هائلاً في تضاريسها الجغرافية، وخيرات أرضها الأمر الذي انعكس بصورة مباشرة على مطبخها وهو ماوعت له هيئة فنون الطهي وحرصت على إبرازه مع إطلاق مبادرة صناع التذوق.
وأصبح معروفاً لدى المراقبين أنّ هيئة فنون الطهي السعودية، تحرص في كافة جهودها على تكامل الرؤية، بما يؤسس لمشروعها الرائد الذي ينوي الاستمرار لعقود قادمة، عبر تبني أصحاب الموهبة، وجعلهم الرافعة للمشروع الوطني بنقل أصالة السعودية وتراثها في الطعام نحو مستوى عام سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو حتى الدولي، ولا توفر الهيئة جهداً في هذا الإطار، وتعمل باستمرار على إطلاق المبادرات، التي تؤسس لمسارات مختلفة، مستفيدة من الخبرة التراكمية من المسارات السابقة في رغبة باستقراء الفرص ووضعها أمام رواد الأعمال السعوديين.
أمّا بالنسبة للفئة المستهدفة في برامج الهيئة فهي دون مجال للشك فئة الشباب السعودي الطموح، الذي يمتلك الرغبة المسلحة بالإرادة لخوض التجربة.
بدورها تسعى الهيئة في هذا الإطار إلى تمكين الملتحقين ببرامجها، من خلال توفير المفاهيم الأساسية لريادة الأعمال في المجال، ومنحهم القدرة على خلق مفاهيمهم الخاصة حول الطهي الذي يدمج بين ما هو معاصر وماهو مستمد من المعرفة السعودية في المجال والتي تعود لعقود وقرون مضت، لتكون الخطوة التالية تقديم هذه المواهب على الصعيدين المحلي والدولي.
إقرأ أيضاً: فنون الطهي السعودية في إيطاليا وافتتاح مقهى إرث
وبالعودة إلى مبادرة صناع التذوق، والتي كشفت هيئة فنون الطهي عن ميزاتها، فسوف توفر للملتحقين فيها مروحة من الخيارات التي تجعل رحلتهم ناجحة واحترافية، ترعاها أيدي خبراء مهرة يعملون في قطاع الطهي، سيشرفون على إعطاء المتدرب خطة مشروعه متكاملة، بدءاً مع التخطيط الاستراتيجي وصولاً إلى التفاصيل المالية والتشغيلية والاستشارية.
من جانب آخر تهدف هيئة فنون الطهي من خلال المبادرة إلى إغناء الصورة المقدمة عن فنون الطهي في السعودية وربطها بالثقافة الوطنية والمحلية، الأمر الذي يفتح آفاق الابتكار والإبداع عند المشتغلين في الحرفة ويستقطيب المواهب للابتكار في إطار مبادرات الهيئة وخارجها، لتكون مناسبة نحو خلق حالة إبداع في الطعام السعودي، يخرج بمفاهيم جديدة يسهل نقلها وتعميمها، أو حتى اقتباسها والتطوير عليها.
اقرأ أيضاً: تطبيق بركة: حلول ذكية لمكافحة هدر الطعام في السعودية
والجدير بالذكر أنّ الهيئة استندت في مسعاها إلى أمرين الأول امتداد الرقعة الجغرافية للمملكة العربية السعودية على مساحة واسعة، والأمر الثاني تنوع مواسمها الزراعية التي تدخل في مكونات الطعام، وبالتالي نشأ عدد كبير من المطابخ المندرجة تحت المظلة السعودية، كالمطبخ النجدي والحساوي والحائلي، وغيرها من المناطق التي تنتج من خيرات الطبيعة المتوفرة، في الجبل والسهل والبحر والصحراء.
لكن وفي المقابل يتمتع الطعام السعودي بعدد من القواسم المشتركة التي تجعله يحمل سمة ثقافية مميزة عابرة للحدود، وحاملة للهوية الوطنية، على سبيل المثال؛ يدخل التمر في تكوين عدد لا بأس به من الحلى السعودي كالمشغوثة وهي أكلة سكان الجنوب في عسير، إلى جانب القهوة التي تعتبر رمز الضيافة والأصالة العربية، كما أن خبز البر السعودي يعتبر ميزة أساسية في كافة الأطباق تقريباً، كما أن أغلب الأطباق السعودية تعتمد على السمن البلدي الذي يمنحها ذلك المذاق الخاص والمميز، إلى جانب الاعتماد على اللحم بكميات كبيرة، والأرز أيضاً الذي يدخل تقريباً في كافة الأطباق لدرجة أنّ الإحصاءات تشير إلى أنّ أغلب الرز المستهلك في منطقة الخليج يذهب إلى السعودية، ومن الضروري التأكيد على كون البهارات عاملاً مهماً وأساسياً في المطبخ السعودي، والتي تعتبر سمة مشتركة وخاصة في آن معاً، نظراً لاعتمادها على الخلطات الخاصة.
وفي الختام تجدر الإشارة إلى أنّ العائلة السعودية استطاعت على مرّ العصور أن تتمتع بإرث تاريخي غني وحضارة وتقاليد تشمل نواحي الحياة كافة، وهو ما حرصت العوائل على تناقله جيلاً بعد جيل، ليبقى ماثلاً أمام العيان وحاضراً في قلوب الأبناء والمجتمع، ربما هي مسيرة استشعرتها هيئة فنون الطهي ووضعتها ضمن استراتيجية تحافظ على الإرث الثقافي وتعطيه ميزة الحداثة بما يحقق مستهدفات المملكة 2030 ضمن إطار عملها الاحترافي، ومبادراتها المستمرة وتبنيها لخريجي برامجها لحين إيصالهم نحو بر الأمان، وتعزيز حضورهم المهني بالطرق والوسائل كافة، حتى يكونوا في المستقبل الحامل لراية التراث السعودي في المملكة وحول العالم.
اقرأ أيضاً: فنون الطهي السعودية في إيطاليا وافتتاح مقهى إرث