في رحلة تحوّل مذهلة نحو مستقبل اقتصادي مشرق، حققت المملكة العربية السعودية قفزات نوعية في مجال تطوير بيئة الأعمال، لتصبح مركزاً عالمياً يستقطب الأنظار، فخلال سنوات قليلة نسبياً، شهدت المملكة ولادة عدد كبير من التشريعات الحديثة، التي صيغت بإتقان لتعزيز الثقة التجارية وتبسيط الإجراءات، الأمر الذي وضع المملكة في مقدمة الدول الأكثر تنافسية وابتكاراً، فكيف رسمت هذه التشريعات ملامح المستقبل، وما السر وراء التحول السريع نحو قمة المؤشرات العالمية؟
تمكنت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الثماني الماضية من إصدار وتطوير أكثر من 110 تشريعات، ما عزز الثقة في بيئتها التجارية وسهّل إجراءات بدء وممارسة الأعمال للقطاع الخاص، وقد ساعدت هذه التشريعات المملكة في تحقيق المرتبة الرابعة عالمياً في مؤشر «دعم التشريعات لإنشاء الشركات»، كما أسهمت في تحفيز الأنشطة الاقتصادية المرتبطة برؤية 2030 وتعزيز التزام الشركات بقواعد السوق.
ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن وزارة التجارة السعودية، شهدت المؤسسات نمواً بنسبة 25%، ليصل عدد السجلات التجارية إلى 1.18 مليون سجل، فيما زاد عدد الشركات ذات المسؤولية المحدودة بنسبة 108%، ليبلغ 119 ألف سجل، وارتفع عدد الشركات المساهمة بنسبة 30% ليصل إلى 3 آلاف سجل.
اقرأ أيضاً: إرشادات وقوانين نظام العمل في السعودية
وجاءت هذه الإنجازات نتيجة جهود حكومية مكثفة لإجراء إصلاحات على الأنظمة والتشريعات، الأمر الذي ساهم في تعزيز بيئة الأعمال وتقليل الأعباء على الشركات، وشملت الإصلاحات إصدار أنظمة جديدة، مثل نظام الامتياز التجاري، والنظام الجديد للشركات، ونظام التجارة الإلكترونية، بالإضافة إلى أنظمة الغرف التجارية والإفلاس ومهنة المحاسبة والمراجعة.
من بين التشريعات البارزة أيضاً، نظام مكافحة التستر، والمعالجات التجارية في التجارة الدولية، والأسماء التجارية، وتنظيم السجل التجاري، وقد أصدرت الحكومة كذلك تنظيمات مهمة، منها المركز الوطني للتنافسية، والمركز السعودي للأعمال الاقتصادية، وتنظيمات هيئة التجارة الخارجية، والمركز السعودي للتحكيم التجاري، وهيئة المعارض والمؤتمرات.
وفي حديثه حول الأمر، أشاد محمد مظفر، رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية متعددة الأغراض بجازان وصاحب مؤسسة محمد مظفر التجارية، بجهود الحكومة في إعادة هندسة الأنظمة لتعزيز البيئة التجارية والاستثمارية، مؤكداً أن هذه الجهود ساعدت في جذب الشركات الأجنبية وزيادة عدد السجلات التجارية، ولفت إلى أن تطوير التشريعات ساهم في تقدم المملكة في مؤشرات التنافسية العالمية، حيث وصلت إلى المرتبة 16 من بين 64 دولة.
ومن جانبه، أوضح وزير التجارة، الدكتور ماجد القصبي، أن موافقة مجلس الوزراء على نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية ستساهم في تسهيل الأعمال وتقليل الأعباء، من خلال توحيد السجل التجاري على مستوى المملكة وتنظيم إجراءات حجز الأسماء التجارية بما يحفظ حقوقها ويعزز قيمتها، مضيفاً أن هذه الأنظمة الجديدة تتماشى مع التحولات الاقتصادية والتقنية الطموحة لرؤية 2030.
اقرأ أيضاً: أسامة عشري مؤسس النظام السعودي لريادة الأعمال
ويساهم نظام السجل التجاري، المكون من 29 مادة، في تبسيط عمليات التسجيل والتحديث الدوري للبيانات التجارية، في حين ينظم نظام الأسماء التجارية، الذي يتألف من 23 مادة، إجراءات حجز الأسماء وحمايتها. وقد حققت المملكة تقدماً في مؤشرات التنافسية العالمية لعام 2024، حيث قفزت إلى المرتبة الثانية في مؤشر التحول الرقمي للشركات والثالثة في مؤشر التبادل التجاري، بينما حلت ثالثاً في مؤشري دعم التشريعات والميزان التجاري.
يشار إلى أن قطاع الأعمال في المملكة العربية السعودية قد شهد نمواً لافتاً بفضل الجهود المستمرة لتعزيز البيئة التجارية خلال الربع الثالث من العام الجاري 2024، وفقاً لنشرة وزارة التجارة، ارتفعت السجلات التجارية المصدرة بنسبة 62% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وسُجّلَ 135 ألف سِجل جديد، ليصل العدد الإجمالي إلى أكثر من 1.5 مليون سجل في مختلف مناطق المملكة.
وأبرزت النشرة نمواً في القطاعات المستقبلية المرتبطة برؤية المملكة 2030، مثل التقنيات المالية، الذكاء الاصطناعي، والألعاب الإلكترونية، والتي تستمر في استقطاب المزيد من الاستثمارات، كما شهدت التجارة الإلكترونية نمواً بنسبة 9.4%، لتصل إلى 39769 سجلاً، مما يعكس أهمية هذا القطاع كركيزة للاقتصاد الوطني.
اقرأ أيضاً: الشركة السعودية للتمويل تدعم رواد الأعمال