خمسون عاماً من التميز خطت اسم عدنان أكبر مصمم الأزياء السعودي بحروف من ذهب، جالت تصاميمه القارات الخمس، مذهلة الأبصار وحائزة على الجوائز، في رحلة بدأها ابن مكة المكرمة في عام 1969 عندما احترف الرسم لكنه نقله إلى مستوى من الإبداع جعله يحصد النجاح والعالمية.
اقترنت بدايات أكبر بالأسماء الملكية والرئاسية، فكان حكام الدول يختارون أكبر لمنح ملابس نسائهم اللمسة التراثية السعودية الأصيلة، فالأميرة الراحلة ديانا وأسماء ملكية من العائلات السعودية والكويتية والإماراتية والقطرية كانت على قائمة زبائن أكبر، إلى جانب زوجة الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وحرم الرئيس العراقي صدام حسين، والرئيس المصري حسني مبارك.
لكن تصاميم أكبر لم تقتصر على الطبقة الرئاسية بل امتدت إلى عالم الفن والمشاهير، فارتدت المطربة اللبنانية الراحلة صباح تصاميم أكبر، إلى جانب ممثلة الاستعراض المصرية شريهان، والفنانة نبيلة عبيد، وغيرهن الكثير الكثير من الأسماء التي رسخت حضور عدنان أكبر في عالم الأزياء المحلي والعربي والعالمي.
ارتاد أكبر كلية العلوم السياسية، لكن المقررات النظرية والجافة لم تنل استحسانه، وفضل الانتقال إلى عالم من الخطوط والخيوط والأقمشة والألوان، ليكتب اسمه بعناية.
تلقى علومه الأولى في العاصمة اللبنانية بيروت، ودرس في دار الأزياء الفرنسية المبادئ الأولية، لتكون المحطة التالية باريس عندما عمل في مكتبة “فوجو” (Vogues).
الإبداع عند أكبر تجلى في قدرته على تسخير البيئة السعودية المحافظة ضمن تصاميمه، وكان يقول أن مكة ملتقى للحضارات والثقافات وهو ما استطاع ان يعكسه في تصاميمه، لاسيما أنّ المسلمين يقصدون مكة من كل حدب وصوب، الأمر الذي أسهم في تشكيل مخيلته العالمية منذ أن كان طفلاً.
إلى جانب مكة كانت والدة أكبر المحرض الثاني لموهبته، إذ كانت سيدة مجتمع أنيقة، نقلت لابنها عدنان صورة شافية عن ذوق المرأة السعودية في المناسبات الاجتماعية، وكانت مؤمنة ثابتة بموهبة ابنها، الأمر الذي منحه وضوحاً في الرؤية ومراكمة في الخبرة، فكانت مصدر الإلهام الرئيس.
إقرأ أيضاً: مهرجان السدو موروث شعبي يربط الأجيال
وكانت فاتحة أعمال أكبر في ميلان الإيطالية، عندما حمل إليها 14 تصميماً في العام 1980، والتي دخلها وفي ذهنه هدف وحيد، وهو الوصول إلى العالمية، استطاع أن يقدم عرضاً أمام نخبة من الإعلاميين المختصين بعالم الموضة، وتمكن من إبهارهم حتى دفعهم للاعتراف بأنه أعاد للمرأة أنوثتها في عرض أحيا فيه أجواء ألف ليلة وليلة.
سبق هذا العرض بعشر سنوات، أي في العام 1970، تأسيس أكبر أول دار للأزياء الراقية أو ما يعرف بالهوت كوتور، وكان دار أزياء أكبر الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، واكتسب طابعه المميز من تصاميمه الفريدة التي جمعت بين الأرابيسك والفسيفساء المدموج مع بساطة التصاميم الأوروبية، وهو ما مهد لتعاونه القادم مع رابطة المنسوجات الفرنسية “بيانشيني فيرير” (Bianchini-Férier)، بعد 18 عاماً، وتحديداً في العام 1988، ليطلق عدنان العنان لموهبته الفذة في الدمج ما بين الذوق الرفيع في الشرق والغرب.
ولم يقف أكبر عند هذا الحد إذ استمر مصمم الأزياء السعودي في السعي نحو العالمية، وهو ما تحقق له في العام 1987، عندما شارك في عرض أزياء دولي على مستوى القارات الخمس، والذي اتخذ من ساحة “تروكاديرو” (Le Trocadero) في باريس مقراً له، وتألق أكبر وقتها بتصميم فستان شهرزاد المرصع بالكريستال، والذي أبهر به 100 ألف متفرج.
أمّا طريقة عمل أكبر فكانت الاحترافية بالفطرة، وعند الإجابة عن الطريقة التي يعمل بها، ينسب أكبر الفضل في تصاميمه المذهلة إلى ثقافة المرأة التي يقدم لها التصميم، أما بالنسبة لطريقة عمله فيقول أكبر أنه كان يلتزم بتفاصيل المناسبة والاكسسوارات والذوق العام للشخصية التي يصمم لها، ويقول أنّ سر النجاح يكمن في الشغف، فعند امتلاكه لن توفر جهداً في اتقان عملك، فعندما قرر أكبر دخول عالم تصميم الأزياء لم يكتفي بالرسم والتصميم، بل حرص على تعلم الخياطة، الأمر الذي مكنه من أدواته الاحترافية لاحقاً.
كذلك واكب أكبر أحدث خطوط الموضة، لكن تصاميمه كانت أشبه بالأحلام التي تخرج إلى الواقع، كفستان الشمس على سبيل المثال، والذي كان يصممه لعرس عائلة سعودية في جدة لكنه تحول إلى تصميم عالمي وارتده الممثلة الاستعراضية شريهان، وغير ذلك من أمثلة تصاميمه التي دلت على عمق إبداعه واحترافيته المذهلة، التي أورثها لابنته أضوى أكبر.