خطفت عراقة الفنون السعودية الأنظار في رالي داكار 2025، من خلال مشاركة المعهد الملكي للفنون التقليدية – ورث، الذي صمم خوذة فريق “ديزرت ستورم” (DESERT STORM)، بنقوش مستوحاة من التراث التقليدي في المملكة العربية السعودية.
وتأتي هذه المشاركة في سياق الاحتفال بعام 2025 على أنه عام الحرف اليدوية، من خلال تسليط الضوء على جمالية النقوش السعودية والتي زينت الخوذة التي يرتديها قائد الفريق بدر الحمدان، واستطاعت أن تشكل علامة فارقة وسط حضور عالمي كثيف بين المشاركين في منافسات الرالي وجمهور المشجعين، لتأتي الخوذة بمثابة بطاقة تعريف بالتنوع البصري والجمالي الذي تعكسه مناطق المملكة.
اقرأ أيضاً: دانية عقيل لأرابيسك لندن: لكل رياضة ميزتها.. والدراجات والسيارات عالمان مختلفان تماماً
وفي السياق حملت الخوذة المصممة خصيصاً لرالي داكار 2025، مجموعة من النقوش والخطوط الفريدة، التي تعكس هوية المناطق التي يمر منها خط سير الرالي، بالإضافة إلى عراقة الفنون السعودية فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك نقش خاص بفن القط العسيري، والذي يتميز بألوانه الزاهية وتصاميمه الهندسية الرائعة التي تمثلها على المسار محطة بيشة.
أمّا محطة الحناكية فتشتهر بفن الروشان التقليدي وهو ما حرص القائمون على تصميم الخوذة في ورث على تقديمه، وجاء فن حياكة السدو العريق ليقدّم المحطة الثالثة من السباق وهي محطة العلا.
من جانب آخر استطاعت محطتا حرض وشبيطة أن تسجلا حضوراً لافتاً، من خلال فن الجص الحساوي، أمّا العمارة الطينية التقليدية، فهي العلامة المميزة لمحطة حائل، وهو ركن هام في التراث المعماري السعودي ويجسد عراقة الفنون السعودية في خوذة.
وفي سياق متصل جاء ختام تصميم الخوذة الفريدة، عبر إدراج مجموعة من النقوش المستوحاة من العمارة النجدية، وتحديداً الأبواب والتي تمثلها محطتا الرياض والدوادمي، وهي الأماكن التي يعرف عنها حسن وكرم الضيافة السعودية إلى جانب تجسيدها عراقة الفنون السعودية الأصيلة.
اقرأ أيضاً: ما أهمية رالي داكار السعودية 2024 المنطلق من مدينة العلا بنسخته الـ 46؟
وفي ذات السياق، يهدف المعهد الملكي للفنون التقليدية من خلال هذه المشاركة، إلى التأكيد على الهوية الوطنية السعودية، واستعراض الغنى الثقافي والفني في المملكة على الصعيدين المحلي والدولي، إلى جانب الاستمرار في نهج تبني المواهب ودعم إنتاجاتها ورؤاها الإبداعية.
ومن الجدير بالذكر أن معهد ورث يحرص على استعراض عراقة الفنون السعودية من خلال الحفاظ على أصولها، والعمل الدائم على تجديدها، إلى جانب تبني المواهب ورعايتها، والعمل على نشر ثقافة تعلم هذا النوع من الحرف والعمل على تطويرها بشغف وعناية.
أيضاً يسعى المعهد إلى ترسيخ مفاهيم ترتبط بأصول الفنون السعودية، وتعزيز القيم الثقافية المرتبطة بها، بما يؤكد على حضور السعودية في المشهد الثقافي الدولي، ولعلّ بدأ الاحتفاء بالعام 2025 بوصفه عاماً للحرف اليدوية بهذا الشكل، ما هو إلا مؤشر على سلسلة من النشاطات الثقافية التي ستعكس وجه السعودية الحضاري.
اقرأ أيضاً: التراث السعودي يزين ميلان الإيطالية
وفي سياق منفصل، يحظى المشاركون في رالي داكار 2025 بإقامة خاصة ضمن معسكر تخييم، يتولى إقامته حوالي 3500 شخص، ينشطون لإقامة مجموعة من الخيم المتنقلة التي تشبه مدينة صغيرة، ويوظف هؤلاء 70 حافلة و17 طائرة و100 شاحنة لتحقيق الهدف المطلوب.
ويستمر العمل في المخيم المتنقل على طول أيام الرالي الممتد بين الثالث من يناير 2025 وحتى السابع عشر منه، وتتضمن مراحل العمل، البدء بتسوية الأرض، ثم الانتقال إلى تركيب هياكل الخيم وتمديد الكهرباء، وتكون مهمة هذه المخيمات أن تتبع المتسابقين على طول مسار السباق في الصحراء السعودية، ويتم نصب الخيام وإزالتها وتأمين مستلزمات المقيمين من المياه وغيرها من معدات ضبط غبار الرمل المتطاير، لأن المكان يقدم إقامة لا تمت لفنادق الخمسة نجوم بصلة.
لكن ومن جانب آخر، تصل مساحة الخيمة الرئيسة في المخيم حوالي 1600 متر مربع، وتستقر حولها مجموعة من المرافق، مثل صالة ألعاب، وملاعب رياضية، ومتجرين لبيع المستلزمات اليومية التي قد يحتاجها المتسابقون، ومن بين المرافق أيضاً مسرح مجهز بشاشة عملاقة، ليكون المخيم بمثابة مدينة صغيرة تستمر في الانتقال على مدار مراحل الرالي الإثنا عشر، وبنفس الوقت يلبي احتياجات المشاركين على الوجه الأكمل.
ومن الجدير بالذكر أنّ الخوذة التي قدمتها ورث لتكون سفيراً يحمل في طياته عراقة الفنون السعودية، لم تحجب عامل التطور والحداثة المرافقة للعقلية المنظمة للرالي المحبوب، وهو ما يندرج في إطار مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تحرص على أن تواكب المملكة التطورات في العالم المعاصر، مع التأكيد على الهوية الثقافية السعودية.