في خضمّ التحولات الاجتماعية والاقتصادية العميقة التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تلمع أسماء النساء السعوديات الرائدات كنجوم ساطعة في سماء الإبداع والنجاح، فقد أثبتت هؤلاء النسوة أن الإبداع ليس له علاقة بجنس أو مكان، بل هو ثمرة جهد متواصل وإرادة لا تلين، وبفضل شجاعتهن، تمكنت النساء من تجاوز التحديات التقليدية وفتح آفاق جديدة، ما أحدث تغييرات جذرية في مجالات متنوعة مثل السياسة والاقتصاد والتعليم والفنون، ومن بين هذه الأسماء المضيئة، تبرز عهود الشهيل، المميزة في مجال الإعلام، والتي حققت إنجازاً مهماً يُحتفى به هذا العام.
وُلِدت عهود بنت سلطان الشهيل لعائلة سعودية ناجحة، وجعلت لنفسها اسم لامع كإعلامية سعودية بارزة، خبيرة الإعلام المرئي والمسموع بالمملكة، وقد حصلت على تعليمها في مجال الإعلام والاتصال، حيث نالت درجة البكالوريوس والماجستير من جامعة سافولك في بوسطن، ثم أكملت رحلتها الأكاديمية بالحصول على درجة الدكتوراه في الإعلام والاتصال من جامعة روتجرز في نيوجرسي.
تمتاز عهود بشغفها العميق للإعلام، وتعد مثالاً يحتذى به في تحقيق النجاح الأكاديمي والمهني.
اقرأ أيضاً: فاطمة باطوق أول مدربة لياقة بدنية في السعودية
الخبرة الأكاديمية والعملية التي تمتلكها الدكتورة عهود الشهيل في مجالي الإعلام والاتصال ليست قليلة، وقد أثبتت كفاءتها في كل من القطاعين الحكومي والخاص منذ انطلاق مسيرتها المهنية، فقد بدأت كاستشارية إعلامية لرئيس جامعة الملك سعود، ولعبت في هذا المنصب دوراً حيوياً في رسم وتنفيذ السياسة الإعلامية للجامعة، انتقلت بعدها لتصبح المستشارة والمشرفة العامة على مكتب رئيس الجامعة، إضافة إلى كونها المتحدثة الرسمية.
إنجاز آخر أضيف إلى رصيدها هو توليها رئاسة قسم الإعلام في جامعة الملك سعود، لتكون بذلك أول سيدة تتصدر هذا القسم، وجعلت هدفها الاستراتيجي استكمال مسيرة تطوير القسم وتعزيز مخرجاته من الجنسين، إضافة إلى دعم الجانب البحثي لأعضاء هيئة التدريس، ما يسهم مباشرة في تطوير سوق الإعلام السعودي.
شغلت عهود أيضاً منصب وكيلة قسم الإعلام، وساهمت في تطوير استراتيجيات إعلامية مبتكرة، وقبل انضمامها إلى الجامعة، عملت الدكتورة عهود في شركة ليو بيرنيت Leo Burnett-MS&L كمديرة لعلاقات العملاء في قسم العلاقات العامة، وكانت لها مساهمات بارزة في تعزيز العلاقات مع العملاء.
لم تتوقف إنجازات عهود عند هذا الحد، بل كانت أيضاً مسؤولة إعلامية في شركة ستاركوم (Stracom)، ما أضاف إلى رصيدها المهني نجاحات غنية ومتعددة.
اقرأ أيضاً: أحمد الشقيري: قصة نجاح شاب سعودي في عالم السوشيال ميديا
إلى جانب هذه الإنجازات المهنية المهمة، تلتزم عهود الشعيل بالعمل المجتمعي، ويبرز ذلك من خلال عضويتها في جمعية المجد الخيرية النسائية، هذه الجمعية التي تسعى إلى إحداث تأثير إيجابي في المجتمع من خلال دعم وتمكين الأفراد والمجتمعات، وتؤمن بأن للأعمال الخيرية قوة تحويلية قادرة على تحسين حياة الناس بشمولية، لتعزيز رفاهية المجتمع ككل.
وفي إنجاز مُلهم يخطّ اسمها في تاريخ المملكة، أصبحت عهود الشهيل عضوة في مجلس الشورى لمدة أربع سنوات بدءاً من عامنا 2024، لتواصل تأثيرها الإيجابي في المجتمع، إذ صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينها عضواً في مجلس الشورى في أيلول الفائت، وذلك تقديراً لخبرتها الواسعة كصانعة قرار، ومعرفتها العميقة في مجالات الإعلام والاتصال.
اقرأ أيضاً: دانيا عقيل أول امرأة تفوز بكأس العالم لراليات باها
ولا يخفى على أحد بأن العائلة لها تأثير كبير على شخصية الإنسان وطموحاته الواسعة، وأكبر دليل على ذلك، والدة الدكتورة عهود الشعيل، الشخصية البارزة في مجال التعليم في المملكة العربية السعودية، هند الخثيلة، التي لعبت دوراً محورياً في دعم تعليم البنات.
التحقت هند الخثيلة بجامعة الملك سعود ودرست الفلسفة والعلوم الاجتماعية، ثم حصلت على بكالوريوس في علوم الرياضيات من جامعة بورتلاند ودرجة الماجستير في العلوم الاجتماعية من جامعة باسفيك لوثرن عام 1975، وفي عام 1981، نالت شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة سركيوس في الولايات المتحدة، وعملت كأستاذة في مركز الأبحاث والدراسات الجامعية بجامعة الملك سعود، وتولت منصب عميدة مركز الدراسات الجامعية للبنات.
وشاركت الخثيلة في مؤتمرات محلية ودولية عديدة، وأثبتت أنها إحدى السيدات الرائدات في تغيير المفاهيم المجتمعية المتعلقة بتعليم البنات، محققة إنجازات بارزة في القطاع التعليمي.
ولوالدة عهود إنجازات أخرى مهمة على مستوى السعودية والعالم، وهذا يدل على أن عهود الشهيل تتمتع بإرث عائلي ملهم، فإلى جانب إنجازات والدتها، يعد والدها من رجال الأعمال البارزين في المملكة، ولا تقتصر الإنجازات على والديها فحسب، بل تشمل إخوانها وأخواتها أيضاً، ما يعكس البيئة الطموحة التي نشأت فيها عهود وترعرعت، هذه البيئة كانت الداعم الرئيسي لمسيرتها الأكاديمية والعلمية والمهنية، والتي جعلت اسمها لامعاً في المملكة.
ختاماً، تستمر المرأة السعودية في كتابة فصل جديد من تاريخها المشرق، حيث تعكس إنجازاتها في مجالات متعددة، قوة الإرادة والتصميم، وبوجود السيدات القياديات المُلهمات مثل الدكتورة عهود الشهيل، يتضح أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية 2030، التي تمنح المرأة فرصاً ذهبية لا تعدّ ولا تُحصى لتعزيز دورها في المجتمع، ما يضمن مستقبلاً مشرقاً يسهم فيه الجميع في بناء وطن قوي.
اقرأ أيضاً: سارة السحيمي أول امرأة تترأس السوق المالية السعودية