أعلن الكرملين أنه قدّم دعوة رسمية للسعودية للمشاركة في قمة البريكس بدورتها الـ 16، في قازان بروسيا، لكنه قال إنه “من غير المتوقع” أن يحضر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان القمة، وأن وفد المملكة سوف يترأسه وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان.
وبذلك، سيكون بن سلمان هو القائد الوحيد الذي سيغيب عن قمة دول البريكس المقبلة في روسيا، من بين قادة الدول الأعضاء الـ 10، ومن المرتقب أن يشارك 24 رئيس دولة في أعمال القمة بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تأكيد غياب ولي العهد السعودي عن القمة، التي تمتد بين 22 و24 أكتوبر 2024، أثار التساؤلات حول حقيقة انضمام السعودية رسمياً لتكتل البريكس، وأسباب غياب ولي العهد السعودي، رغم مشاركته في القمة الأوروبية الخليجية في بروكسل الأربعاء 16 أكتوبر.
وكانت تقارير روسية قد أشارت إلى أن تمثيل السعودية في القمة “لن يكون على المستوى المأمول”، مشيرة إلى أن المملكة تتجنب اتخاذ خطوات قد تثير توتر في العلاقات مع الغرب، وخاصة مع الولايات المتحدة، فالمملكة تريد البريكس مع الحفاظ على علاقتها بالغرب.
وقال مسؤول روسي رفيع المستوى، إن وضع الرياض داخل الكتلة “لا يزال غير مؤكد”، بسبب الحذر السياسي والاقتصادي للمملكة وعدم وجود إجراءات مبسطة للانضمام إلى الكتلة، بحسب ما نقلته صحيفة “إزفيستيا” الروسية.
من جهته، المدير الإقليمي لمؤسسة اليمامة للأبحاث والدراسات، محمد الزيات، أشار إلى أن المملكة لم تتخذ بعد القرار النهائي بشأن الإنضمام للبريكس أو شكل التعاون مع التكتل وهل ستكون عضواً كاملاً أو بصفة مراقب.
وأضاف الزيات أن عدم مشاركة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، “أمر منطقي” في هذه الحالة، وسيرأس الوفد الرسمي السعودي رأس الدبلوماسية السعودية، الأمير فيصل بن فرحان، وهو مؤشر على اهتمام المملكة بالمشاركة في القمة وأن تلعب دوراً فاعلاً فيها.
بدوره، صرح نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، بعد الاجتماع الوزاري لدول البريكس في مدينة نيجني نوفغورود في يونيو 2024، بأن الجانب الروسي تلقى إشارة من زملائه السعوديين مفادها أن عدم مشاركتهم في جميع فعاليات المنظمة يعود لعدم اكتمال “التدابير الداخلية”.
وعن معنى التدابير الداخلية، قال محمد الزيات، “إنها تعني أن المملكة تدرس فوائد انضمامها للتكتل الجديد ليس فقط سياسياً أو استراتيجياً والمتعلقة بتكوين نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، ولكن كذلك الفوائد الاقتصادية التي تتطلع إليها المملكة، في ظل رؤيتها 2030، والتحول إلى مركز صناعي ولوجستي في الشرق الأوسط”.
ما هي مجموعة البريكس؟
تضم دول البريكس قوى عالمية كبرى، مثل الصين وروسيا، ودولا تعد من الكبرى في قاراتها مثل جنوب أفريقيا والبرازيل.
وفي عام 2006 اتفقت أربع دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين على إنشاء مجموعة أطلقوا عليها “بريك”، مستخدمين الحرف الأول من اسم كل دولة، ثم انضمت جنوب أفريقيا إلى المجموعة في عام 2010، ليصبح الاسم “بريكس”.
وتتخذ دول البريكس قراراتها في قمتها السنوية. يتناوب أعضاء المجموعة على رئاستها لمدة عام.
وانضمت ست دول جديدة، بما فيها، إيران والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والأرجنتين وإثيوبيا، إلى المجموعة، وفق ما أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا خلال قمة للمجموعة في جوهانسبورغ.
وكانت السعودية قد أعلنت رسمياً في يناير 2024، أنها سوف تباشر رسمياً عضويتها الكاملة في مجموعة “بريكس”، ولكن منذ ذلك الوقت لم تشارك المملكة في الفعاليات المهمة للمجموعة،
ويذكر أنه حتى الأن لم تحدد البريكس وثائق قانونية تنظم إجراءات الانضمام إليها، فلا يمكن تحديد إجراءات أو التزامات محددة مكتوبة تشير إلى انضمام دولة ما إلى البريكس.
في السياق، أوضح المدير الإقليمي لمؤسسة اليمامة السعودية أن السياسة الخارجية للسعودية تحاول “تحقيق التوازن بين القوى العالمية، وهو ما يعكس رغبة المملكة في التريث في كل خطواتها ومعرفة أبعادها وتأثيرها على كل النواحي، وأنها لا تريد أن تخسر موقعها العالمي كطرف محايد يسعى للتوازن الاستراتيجي”.
ومع اتضاح أبعاد الصراع العالمي بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية من جانب وروسيا والصين من جانب الأخر، ومطالبة بكين بعالم متعدد الأقطاب، يتضح أن هناك محاولات استقطاب عالمية للقوى الفاعلة في كل المجالات، وبما أن السعودية أكبر منتج للنفط في العالم فإن وجودها في أي من هذه التحالفات أمر مهم وفعال للغاية، بحسب الزيات.
ودافع وزير الدفاع الصيني دونغ جون، في سبتمبر 2024، عن فكرة إنشاء عالم متعدد الأقطاب، وقال أمام منتدى “شيانغشان” في العاصمة الصينية بكين، إن بكين “ستعزز علاقاتها العسكرية مع الدول الإقليمية والنامية”.
ومن جانبه قال نائب وزير الدفاع الروسي، ألكسندر فومين، إنه “في عالم متعدد الأقطاب يجب أن تتمتع الدول، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، متقدمة أو نامية، بحق متساوٍ في المشاركة في الشؤون الدولية والتعبير عن احتياجاتها والدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة”.
إلا أن وزارة الخارجية الروسية أكدت على أن الشراكة في إطار البريكس غير موجهة ضد أطراف ثالثة، إذ تتعاون الدول الأعضاء في الرابطة على أساس المنفعة المتبادلة، دون أجندة تصادمية.
اقرأ أيضاً: السيسي وبن سلمان: أوقفوا النار في غزة ولبنان