اختيرت فوهة الوعبة في السعودية ورُشِّحت ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي في العالم لعام 2024، من قبل الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية «IUGS» ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو».
وكشف المتحدث الرسمي لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، طارق أبا الخيل، أن لجنة مكونة من 89 خبيراً عالمياً اختارت الفوهة من بين 174 موقعاً مرشحاً من 64 دولة، وتعمل هيئة المساحة على تسليط الضوء على المواقع المكتشفة من فوهات بركانية وأحافير وكهوف، إضافة إلى المعادن المختلفة التي تحتويها الأرض.
ونقدم ضمن برنامج مسح «الدرع العربي»، بيانات تساعد المهتمين بأعمال الاستكشاف، من أجل تحديد مواقع المعادن وتوزيعها ضمن منطقة “الدرع العربي”.
ومن أبرز نتائج هذا البرنامج إطلاق مشروع الخرائط الجيولوجية، ويتوقع أن يفيد قطاعات عديدة في الدولة إلى جانب المستثمرين في قطاع التعدين، كما رصدت مؤشرات لمواقع واعدة ضمن امتداد «الدرع العربي».
اقرأ أيضاً: رجال ألمع وجهة سياحية سعودية عالمية تجمع بين التراث والعراقة والحداثة والتطوير
فوهة الوعبة منطقة سياحية شهيرة في السعودية، وعند زيارتها ستأسرك المناظر المذهلة هناك، وقد يخيّل لك للوهلة الأولى أن هذه الحفرة الهائلة تشكلت نتيجة اصطدام نيزك بالأرض، لكن عند الاقتراب منها ستجد ما يجعل من هذا المكان أعجوبة طبيعية رائعة.
إذ يشبه شكل الفوهة دوامة من الرمال المتحركة العملاقة، ويزيد من جمالها قاعها المغطّى بطبقة من فوسفات الصوديوم التي تسطع تحت أشعة الشمس، ما يجعلها مرئية من السماء، وفي الشتاء ومع هطول الأمطار، تتحول إلى بحيرة ساحرة وكأن اللؤلؤ اللامع في أحشائها، في مشهد يخطف الأنفاس.
ستتفاجأ من حجمها أيضاً، إذ تعد فوهة الوعبة إحدى أكبر الفوهات البركانية في العالم وأروعها، وتصنف أيضاً كإحدى أضخم براكين المار الجافة في العالم، وبعمق نحو 380 متراّ، تثير الفوهة اهتمام علماء الجيولوجيا، الذين يسعون للكشف عن أسرارها وفهم تكوينات صخورها الفريدة والمتنوعة.
وقد بدأت الأبحاث الجيولوجية منذ ستينات القرن الماضي، وكشفت الدراسات حينها أن الفوهة ربما تكون فوهة بركان قديم تشكلت بعد سلسلة من الانفجارات البركانية، وأن الفجوات الضحلة في محيط الفوهة نشأت من ملامسة الحمم البركانية الساخنة للمياه الجوفية.
إلى جانب ذلك، هناك نظريات أخرى تشير إلى أن الفوهة قد نتجت عن سقوط نيزك من السماء، وهو موضع جدل بين العلماء حتى اليوم، وعندما تتجه لأسفل الفوهة نحو 15 متراً تحت سطح الأرض، ستلاحظ أشجار النخيل والنباتات التي تنمو حول عيون مياه صغيرة، وهي مشهد غريب وسط هذه البيئة القاسية.
ومع التوغّل أكثر في عمق الفوهة، تختفي تدريجياً النباتات الصحراوية مثل شجر الأراك، لتظهر أرضية مالحة بيضاء تغطي قاع الفوهة، ويُعتقد أن هذه الطبقة المالحة تشكلت نتيجة تجمع مياه الأمطار في قاع الفوهة، مكونة بحيرة ضحلة لا تتسرب إلى باطن الأرض.
اقرأ أيضاً: مواقع سعودية مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو..اكتشف أشهر 5 منها
وبعيداً عن الأبحاث الجيولوجية، تنتشر حول الفوهة أساطير شعبية تروي قصصاً عن نشأتها، أبرزها أسطورة «جبل طمية وعكاش»، تقول هذه الأسطورة إن جبل طمية، المعروف بالأنثى السوداء، قررت أن تترك فوهة الوعبة لتلتقي بمحبوبها، الجبل الأبيض «قطن»، الذي يبعد عنها مئات الكيلومترات في منطقة القصيم.
وخلال رحلتها غرباً نحو عشيقها، تعرّض لها جبل عكاش، ورمى رمحه لإيقافها غيرةً عليها، وهنا كانت نهاية رحلتها، لتصبح الفوهة تُعرف لاحقاً باسم «مقلع طمية»، تيمناً بجبل طمية.
ويعد «مقلع طمية» وجهة مفضلة لعشاق السياحة والمغامرة، وإذا كنت ترغب بزيارته، من المهم معرفة أن النزول إلى القاع يستغرق حوالي 45 دقيقة سيراً، بينما يستغرق الصعود نحو 90 دقيقة.
وخلال فصل الصيف، قد تصل درجات الحرارة في وقت الظهيرة إلى 50 درجة مئوية، لذا يُفضّل زيارة الفوهة في الصباح الباكر أو في المساء لتجنب الحرارة الشديدة، ولا تنسَ زيارة حقول الحمم البركانية، والتي تبعد 10 دقائق بالسيارة عن الفوهة.
ننصحك أيضاً ألّا تفوت متعة التخييم ليلاً في هذه المنطقة، إذ يمنحك هدوء الصحراء والظلام التام بعيداً عن أضواء المدن، فرصة رائعة لمشاهدة النجوم.
بهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا عن اختيار فوهة الوعبة في السعودية ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي في العالم لعام 2024.
من الجدير بالإشارة، إن فوهة الوعبة إضافة إلى المواقع الجيولوجية الأخرى المختارة على مستوى العالم، تساهم في تعزيز السياحة الجيولوجية وتطوير علوم الأرض، ما يتيح فرصاً مميزة لنشر المعرفة في مجال علوم الأرض.
اقرأ أيضاً: مشروع بوليفارد بيزنس بارك يعزز ريادة الأعمال المتطورة