انتشرت أنباء خلال الساعات الماضية تتحدث عن دلائل على وجود حياة خارج الأرض، كشفتها فوهة بركانية في السعودية تبعد عن هذه الحياة مسافة مليار كيلو متر!
دراسة علمية أجراها باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (King Abdullah university of science and Technology) “كاوست” (KAUST )، وتوصل الباحثون في الدراسة إلى وجود حياة على أحد أقمار كوكب زحل، وهو قمر “إنسيلادوس” (Enceladus) واحد من 153 قمراً تدور في فلك الكوكب السادس من كواكب المجموعة الشمسية.
واستند الباحثون في الدراسة إلى أدلة بيولوجية قاموا بجمعها من فوهة الوعبة البركانية، أو مقلع طمية كما يطلق عليها السكان المحليون، وتقع بالقرب من مدينة الطائف في منطقة مكة المكرمة، وكان الباحثون انطلقوا من مقر الجامعة بمدينة ثول على ساحل البحر الأحمر في منطقة جدة، بهدف أخذ عينات من الكائنات الحية في الفوهة.
الدافع الرئيس للباحثين الخصائص المشتركة بين فوهة الوعبة البركانية وسطح قمر إنسيلادوس، وهي جهود كانت بدأتها وكالة الفضاء الدولية منذ العام 1982، وكان التركيز على المحيط الحيوي تحت قشرة القمر الجليدية، والتي تحتوي على مستويات عالية من القلوية إلى جانب خصائص ملحية، تضاف إليها جزيئات غازية من أبرزها الميتان والأوكسجين، وبالتالي فإن سطح القمر ينبئ بمؤشرات حياة على سطحه.
بدوره قال البروفيسور “ألكسندر روسادو” المدرس في جامعة “كاوست” والباحث الرئيس في الدراسة الحالية، إنّ فوهة الوعبة هي النظير الأرضي للمحيط الحيوي الخاص بقمر زحل إنسيلادوس، وبالتالي في حال توفرت حياة على سطح القمر فهي أشبه بالظروف المحيطة بفوهة الوعبة.
اقرأ أيضاً: جائزة المحتوى المحلي 2025
وتضمنت الدراسة قيام العلماء بعزل سلالات بكتيرية في الفوهة بلغ عددها 48 سلالة، ومن ثم جرت دراسة الخصائص الفريدة لكل منها على حدى، ليتبين أن سلالتين منها فقط قادرتان على النجاة في الظروف المحيطة بكوكب زحل، والتي وصفها الباحثون في التجربة بالقاسية، واستطاعت السلالتان أن تنجوا بفضل خصائصهما الوراثية وآلية الاستقلاب والتركيب الكيميائي لديهما، الأمر الذي مكنهما من إبراز استراتيجيات فعالة للاستمرار في الحياة في ظل الظروف القاسية داخل الفوهة البركانية.
من جانبها قالت “جونيا شولتز” الباحثة ضمن المشروع، وهي في مرحلة مابعد الدكتوراة، إن السلالتين البكتيريتين من نوع “هالوالكالافيلية”، وهي من نوع السلالات التي تستطيع الصمود في درجات الحرارة المرتفعة والبيئات ذات الملوحة والقلوية العالية، وهي ظروف تتوفر في كل من فوهة الوعبة وسطح قمر زحل إنسيلادوس، ما جعل الباحثين متحمسين لإكمال دراستهم.
وبالعودة إلى سلالتي البكتريا، كشفت الدراسة التي أجراها الباحثون في جامعة “كاوست” أنهما تتمتعان بميزات جينية تمنحهما القدرة على التكيف مع ارتفاع الضغط وموجات الإشعاع الأيوني، وبالتالي هي سلالات لا تحدث لديها طفرات في حمضها النووي الـ(DNA)، ووجود هذا النوع من البكتيريا في فوهة الوعبة يجعلها أرضاً خصبة للدراسة في وقت يتعذر فيه الوصول إلى سطح قمر زحل.
ومن بين الباحثين المشاركين في الدراسة “ألف دوس سانتوس” وهو في مرحلة الدكتوراة في جامعة الملك عبد للعلوم والتقنية، والذي أوضح أنّ البيئات الحيوية المطابقة لبيئة قمر زحل نادرة على سطح الأرض، وفي حال توفرها فإن الوصول إليها لن يكون ميسراً، كما إن إجراء الدراسات الميكروبية في الوعبة أمر مناسب ومتاح.
وأبرز روسادو الباحث الرئيس في الدراسة أنّ الدراسة الحالية تعتبر الأولى من نوعها في موقع بيئي سعودي، لكنه أكد على تنوع البيئات التي تستحق الدراسة في المملكة، سواءً على اليابسة أم في البحر الأحمر وغيرها من المواقع، التي تشكل نماذج تستعد للكشف عن حيوات ربما تكون قد بدأت في أماكن خارج الأرض، وعلى رأسها المريخ.
وفي سياق منفصل، ربما تشير الدراسة الحالية إلى ارتفاع مؤشر اهتمام المملكة بأبحاث الفضاء، لاسيما أنّ العام الفائت 2023 شهد إرسال أول رائدة فضاء سعودية إلى محطة الفضاء الدولية، كما أن السعودية تتحضر لإطلاق أول رحلة سياحة فضائية في العام 2026، وتأتي الدراسة الحالية في فوهة الوعبة في إطار شراكة تجمع المملكة مع جهات ذات اهتمام، ومن بينها وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” (NASA)، ومن ضمن المشاريع المشتركة “يوروبا كليبر” الذي يستهدف إرسال بعثة إلى قمر زحل إنسيلادوس خلال السنوات القادمة.
وفي الختام لابد من الإشارة إلى أن نتائج الدراسة الحالية ينتظرها مجتمع البحث الفلكي، لزيادة الوضوح في المسار البحثي واتجاهاته المستقبلية، وهو ما أكده الدكتور “كاستوري فينكاتيسواران” الأستاذ المساعد في قسم دراسات الفضاء بجامعة نورث داكوتا، والذي كان يشغل منصب عالم في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا.