في قلب بغداد، اجتمع القادة العرب في القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية وسط أجواء مشحونة بالتحديات الإقليمية، فقد تصدرت الحرب في غزة والأزمة السورية جدول الأعمال، لتكون قمة بغداد منصة لإعادة التأكيد على أهمية السعي نحو حلول تعيد للمنطقة استقرارها المنشود.
قمة بغداد: نداء عربي لوقف العدوان ودعم الإعمار
أجمعت الدول العربية المشاركة على ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مشددة على أهمية إدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق. وأكد البيان الختامي للقمة على رفض التهجير القسري للفلسطينيين، معتبراً إياه جريمة ضد الإنسانية. كما تم الإعلان عن إنشاء «صندوق التضامن العربي» لإعادة إعمار غزة، حيث تعهد العراق بتقديم 20 مليون دولار لهذا الغرض، في خطوة تعكس التزاماً جماعياً بدعم الشعب الفلسطيني.
السعودية: موقف حازم ورسالة إنسانية
في كلمته أمام القمة، أكد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، رفض المملكة القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، معتبراً ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والمواثيق الإنسانية. وأشار إلى أن المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون تتطلب موقفاً موحداً لوقف الاعتداءات الإسرائيلية.
كما أشاد الجبير بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب donald trump رفع العقوبات عن سوريا خلال زيارته للرياض، مؤكداً دعم بلاده لجهود رئيس لبنان في حصر السلاح بيد الدولة.
سوريا: دعم للوحدة ورفض للتدخلات الخارجية
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، رحب القادة العرب برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، معتبرين ذلك خطوة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد. وأكد البيان الختامي على احترام خيارات الشعب السوري ورفض جميع أشكال التدخلات الخارجية، داعياً إلى حوار وطني شامل يضم كافة مكونات المجتمع السوري.
اقرأ أيضاً: مبادرة طبية سعودية لإنقاذ الأرواح في سوريا
لبنان واليمن: دعوات للاستقرار والسيادة
أعربت القمة عن دعمها الكامل للبنان في الحفاظ على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، مطالبة «إسرائيل» بالانسحاب الفوري وغير المشروط من الأراضي اللبنانية. وفي الشأن اليمني، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد محمد العليمي، القادة العرب إلى اتخاذ موقف حازم بتصنيف جماعة الحوثيين كـ «منظمة إرهابية أجنبية». وأكد العليمي أن هذه الجماعة، المدعومة من إيران، لم تعد تشكل تهديداً محلياً فحسب، بل أصبحت خطراً عابراً للحدود يهدد الأمن الإقليمي والدولي.
وأشار إلى أن الشعب اليمني يخوض منذ أكثر من عقد معركة وجودية ضد هذا المشروع الطائفي الممول من الخارج على حدّ تعبيره. كما شدد على أن اليمن قد استنفد كل الجهود لدفع الجماعة نحو السلام، لكنها اختارت طريق العنف والتصعيد، مما يعزز القناعة بأنها ليست مشروع سلام بل تهديد دائم للسلم الأهلي والدولي. وطالب العليمي القادة العرب بالتحرك الجاد لتنفيذ قرار مجلس جامعة الدول العربية بشأن تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية أجنبية، معتبراً أن موقفاً عربياً موحداً في هذا الاتجاه سيمثل رسالة حازمة لكافة الجماعات التي تنازع الدول الوطنية حقها الحصري في احتكار السلاح وقراري السلم والحرب.
مواقف دولية داعمة
حضر القمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش antonio-guterres، الذي دعا إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة، مؤكداً رفضه للتهجير القسري لسكان القطاع. كما شارك رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز pedro-sanchez، الذي طالب بإنهاء الكارثة الإنسانية في غزة فوراً، مشدداً على أن أرقام الضحايا في الحرب «مهولة وغير مقبولة وتنتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي».
ختاماً، يمكن القول إن القمة أعادت التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية كقضية الأمة، وعلى أهمية الحلول السياسية للأزمات الإقليمية، مع رفض كافة أشكال التدخلات الخارجية والتهجير القسري. كما تم التأكيد على دعم الجهود الرامية إلى إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في الدول المتأثرة بالنزاعات، من خلال مبادرات عربية مشتركة تعكس روح التضامن والوحدة.