في ظل التحولات الإقليمية والدولية، تبقى المواقف الراسخة للمملكة العربية السعودية تجاه القضية الفلسطينية نموذجاً يُحتذى في الثبات على المبادئ والالتزام بالقضايا العادلة، فقد أكّدت هيئة كبار العلماء، خلال اجتماعها الأخير في مقر الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بمدينة الرياض، على الدعم السعودي المستمر لحقوق الشعب الفلسطيني، وعلى ضرورة إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي مستهل الجلسة، التي ترأسها مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، ألقى المفتي كلمة عبّر فيها عن الامتنان العميق لدعم القيادة السعودية، ممثلةً بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، للهيئة، ما مكّنها من دراسة القضايا المعروضة عليها وإصدار القرارات الشرعية التي تواكب متطلبات العصر، بما يخدم الأمة الإسلامية.
وخلال كلمته، هنّأ المفتي أعضاء الهيئة على الثقة الملكية التي مُنحت لهم عقب التشكيل الجديد، مؤكداً أن المملكة بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤيتها الاستراتيجية، مرتكزةً على مبادئ الشريعة الإسلامية التي كانت ولا تزال الأساس المتين الذي تقوم عليه البلاد منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وأشار إلى أن هذا النهج القويم جعل المملكة مثالاً يُحتذى في الأمن والاستقرار، ما انعكس إيجاباً على مواطنيها والمقيمين فيها.
اقرأ أيضاً: الجامعة العربية: بهذا الشكل نقطع الطريق على تهجير غزة
كما تطرق المفتي إلى المكتسبات الكبيرة التي تنعم بها المملكة، حيث باتت نموذجاً في تحقيق العدالة الاجتماعية والنهضة الاقتصادية، مستندة إلى دستورها المستمد من القرآن الكريم وسنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وأوضح أن هذا الالتزام الديني والأخلاقي انعكس في سياسات المملكة العادلة، خاصة في دعم القضايا الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث لم تتوانَ المملكة يوماً عن الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة داخل دولته المستقلة.
وفي سياق متصل، أشاد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ برؤية السعودية 2030، التي تمثل خارطة طريق نحو مستقبل مزدهر، محققاً قفزات تنموية واسعة النطاق، مع تركيز على التنمية المستدامة وتعزيز المكانة الاقتصادية للمملكة عالمياً، مضيفاً أن أيادي المملكة البيضاء تمتد لمساعدة المحتاجين حول العالم، مشيراً إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في تقديم الدعم والإغاثة في مختلف الدول، وهو ما يعكس النهج الإنساني الذي تسير عليه المملكة.
كما لفت إلى التقدم الذي أحرزته السعودية في مجالات النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وهي القيم التي شددت عليها الشريعة الإسلامية وأكدت على أهميتها في بناء مجتمع قوي ومتماسك، وأثنى على الجهود الوطنية المبذولة لتعزيز معايير الحوكمة والمساءلة، مما جعل المملكة تحتل مراكز متقدمة على المستوى العالمي في هذا المجال.
من جانبه، أوضح الأمين العام لهيئة كبار العلماء، الشيخ فهد الماجد، أن الدورة السادسة والتسعين تناولت مجموعة من القضايا ذات الأهمية، والتي أُحيلت إلى الهيئة من جهات رسمية مختلفة، بالإضافة إلى طلبات من القطاع الخاص، وأكد أن جميع هذه الموضوعات خضعت لدراسات معمقة من قبل لجان مختصة وخبراء متخصصين، لضمان إصدار قرارات مستنيرة تستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية وتراعي المصالح العامة.
اقرأ أيضاً: السعودية: نأمل أن ينهي اتفاق غزة استنزاف المنطقة
وأشار الماجد إلى أن الهيئة قامت بإعداد أبحاث علمية محكّمة، إلى جانب تقارير ودراسات تم توزيعها على الأعضاء قبل انعقاد الدورة بوقت كافٍ، مما أتاح لهم فرصة الاطلاع عليها ومناقشتها بموضوعية خلال الاجتماعات.
وفي ختام الجلسة، شدد الحاضرون على أهمية التمسك بالثوابت الوطنية والدينية، والحرص على تحقيق الاستقرار والازدهار في المملكة، مع التأكيد على دعم القضايا العادلة في العالم الإسلامي، وعلى رأسها قضية فلسطين، كما أكدوا أن الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة في الساحة الدولية لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة سياسات حكيمة وجهود متواصلة ترسّخ مكانتها كدولة ذات تأثير إيجابي في مختلف القضايا الإقليمية والعالمية.