يُعَدّ الوضع الراهن في لبنان محوراً رئيسياً للجهود الدولية، خصوصاً في ظل المحاولات المستمرة لاستعادة الاستقرار بعد موجة من التوترات الأمنية والسياسية، ومن أبرز هذه الجهود، الاجتماعات والاتصالات الدبلوماسية المكثفة التي شهدتها العاصمة السعودية الرياض مؤخراً، حيث تباحث الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع المبعوث الأميركي إلى لبنان، آموس هوكستين، حول المستجدات في الساحة اللبنانية والجهود المبذولة لمعالجتها.
خلال هذا اللقاء الذي انعقد في مقر وزارة الخارجية السعودية، تناول الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بحضور الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان، مستشار الوزير للشأن اللبناني.
ولم تقتصر هذه الاجتماعات على الجانب الدبلوماسي فحسب؛ إذ ناقش الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، مع قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، آخر التطورات الأمنية والعسكرية، والسبل الكفيلة بدعم الجيش اللبناني لتعزيز قدراته في مواجهة التحديات الراهنة.
شهد الاجتماع بين وزير الدفاع السعودي وقائد الجيش اللبناني حضور عدد من المسؤولين، بينهم الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان وهشام بن سيف، مدير مكتب وزير الدفاع، إلى جانب العميد الركن عماد خريش من الجانب اللبناني، وركز اللقاء على استعراض العلاقات الثنائية بين المملكة ولبنان، لا سيما في المجالين العسكري والدفاعي، مع تأكيد الطرفين على أهمية تعزيز التعاون بما يخدم مصالح البلدين.
اقرأ أيضاً: بن سلمان وعون يبحثان المستجدات اللبنانية
وكانت قد أصدرت وزارة الخارجية السعودية بياناً رحّبت فيه بقرار وقف إطلاق النار في لبنان، وأثنت المملكة على الجهود الدولية التي أسهمت في تحقيق هذا الاتفاق، معربة عن أملها بأن يكون هذا القرار خطوة نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بالكامل.
كما أكدت المملكة دعمها لسيادة لبنان واستقراره، مشددة على أهمية تسهيل عودة النازحين إلى ديارهم بأمان.
من جهتها، دعت منظمة التعاون الإسلامي جميع الأطراف إلى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ كافة بنود قرار مجلس الأمن رقم 1701، وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام للمنظمة، حسين إبراهيم طه، أهمية تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، والعمل على إعادة إعمار ما دمرته الحرب، بما يسهم في تحسين الوضع الإنساني في لبنان.
وفي لبنان، تفاعل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع هذه التطورات من خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وناقش الطرفان خلال الاتصال الجهود المبذولة لضمان استمرار وقف إطلاق النار، وأعرب ميقاتي عن شكره للولايات المتحدة على دعمها المستمر، كما أكد أن الحكومة اللبنانية ملتزمة بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701، وتعزيز وجود الجيش اللبناني في المناطق الجنوبية لضمان الاستقرار.
اقرأ أيضاً: السعودية ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان وهذه بنود الاتفاق
يُذكر أن الولايات المتحدة وفرنسا أصدرتا بياناً مشتركاً أعربتا فيه عن دعمهما المتواصل للجيش اللبناني، إلى جانب تقديم مساعدات اقتصادية بهدف تحقيق الاستقرار في لبنان، يأتي هذا الدعم ضمن إطار الجهود الدولية الرامية إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ما يعكس اهتمام المجتمع الدولي بالحفاظ على أمن لبنان واستقراره.
في خضم هذه الجهود، أشار الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إلى أن الاستقرار في لبنان يشكل جزءاً من رؤية أوسع لتحقيق الأمن في المنطقة بأسرها، داعياً إلى إنهاء الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما شدد على ضرورة تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بما يضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ختاماً، إن هذه التحركات السياسية والدبلوماسية تسلط الضوء على التحديات التي يواجهها لبنان في ظل الأزمات المتلاحقة، ومع استمرار المساعي الدولية لتقديم الدعم وتعزيز الاستقرار، يبقى الأمل قائماً بأن يتمكن لبنان من تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وفتح صفحة جديدة من التنمية والسلام.
اقرأ أيضاً: بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله.. أي دور ينتظر السعودية في لبنان؟